استضاف منتدى التنوع الثقافي الكاتب والباحث الدكتور أسامة تليلان السليّم، في جلسة نقاشية لعرض ومناقشة كتابه الجديد «المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الأردن»، وذلك بحضور نخبة من الأكاديميين والباحثين والمهتمين بالشأن العام.
وأكّدت الدكتورة فاطمة جعفر رئيس منتدى التنوع الثقافي، التي ادارت اللقاء، أنّ الكتاب، الصادر حديثاً، يُعدّ ثمرة جهد بحثي رصين، ويشكّل أحد أبرز الإسهامات العلمية الموثقة حول أثر مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز عملية التحول الديمقراطي في الأردن خلال العقود الثلاثة الماضية، من خلال تحليل أثرها في مؤشرات أساسية كحرية التعبير والتنظيم، ومشاركة المرأة، والانتخابات، وحقوق الإنسان، والالتزام بالدستور.
وبينت أنّ الكتاب يُعدّ مرجعًا مهمًّا لفهم العلاقة المركبة بين الدولة والمجتمع المدني في الأردن، ويقدم مادة تحليلية ثرية للباحثين والناشطين في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويعدّ مرجعًا نوعيًا أيضًا للباحثين في قضايا التحول الديمقراطي والمجتمع المدني في العالم العربي.
وخلال الجلسة، قدّم المؤلف تليلان عرضًا شاملصا لفصول الكتاب، موضّحًا أنه يسعى لسد فجوة معرفية في الأدبيات الأردنية حول العلاقة بين المجتمع المدني والديمقراطية، مشيرًا إلى أن الدراسات المسحية تؤكد ندرة البحوث في هذا المجال مقارنة بدول المغرب العربي، ناهيك عن الغرب.
وركز تليلان في مداخلته على أنّ أثر مؤسسات المجتمع المدني في الأردن كان في الغالب أثرًا إلحاقيًّا، يظهر في مقاومة التراجع على بعض مؤشرات التحول الديمقراطي أكثر من كونه أثرًا توازنيًّا مبادِرًا، كما أشار إلى ضعف التنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني، وضعف أثر الأحزاب السياسية، خصوصًا البرامجية منها، في تبنّي القضايا الحقوقية والمجتمعية التي تطرحها هذه المؤسسات.
وأشار إلى أنّ التجربة النسوية شكّلت أحد النماذج الناجحة لمؤسسات المجتمع المدني، فيما أظهرت النتائج أنّ هناك فرصًا واعدة لتعزيز الشراكة بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة، شريطة التدرج والتراكم في الأثر والعمل المؤسسي بعيدًا عن الفعل الانفعالي أو الآني.
كما تناولت الجلسة نقاشات ثريّة حول واقع التشريعات الناظمة للعمل المدني، وتفاوت منظمات المجتمع المدني في تحقيق أهدافها ومعرفة حدود دورها، والتحديات الهيكلية والثقافية التي ما تزال تقيد تطورها. وتوقف الحضور عند بعض المؤشرات التي توثق تراجع أو تقدم حالة الحريات السياسية والعامة، ومدى انعكاسها على مناخ التحول الديمقراطي في البلاد.
وفي نهاية اللقاء، شدد الدكتور تليلان على أنّ التحول الديمقراطي عملية مركبة ومتداخلة، لا يمكن فصلها عن طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع، ولا عن حجم التحديات الاقتصادية والثقافية التي تؤطر هذه العلاقة، وأنّ المجتمع المدني ليس مجرد مؤسسات وجمعيات، بل بنية ثقافية وقيمية تساهم في تحصين الديمقراطية من الداخل، مؤكدًا أنّ المجتمع المدني ما يزال لاعبًا مهمًا في مشهد التحول، لكنّ أثره مرهون بقدرته على بناء شراكات، وتطوير أدواته، ورفع مستوى المشاركة المجتمعية.
