حذرت دراسة حديثة من مخاطر الفضول الذي يعتبر سلاحًا قويًا في محاربة الأفكار السيئة وتعزيز الرفاهية العقلية والجسدية، ولكنها في الوقت نفسه أكدت أنه يقود الأشخاص الفضولين إلى مشاكل كبيرة، مثلما حدث مع الفيلسوف سقراط، الذي قُدِّر له أن يشرب كأس السُم بسبب فضوله.
وأكدت الدراسة التي نُشرت في مجلة "فيزسكل تو ديه" الأمريكية اليوم الاثنين، تحت عنوان "البقاء فضولياً هو أخطر شيء يمكنك فعله"، أهمية الفضول في تحفيز العقل ودفع الإنسان إلى اكتشاف أفق جديدة. ويفسر العلماء أن الفضول مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالبقاء على قيد الحياة، فالبشر قد طوروا منذ القدم القدرة على البحث عن الإجابات والنقاط الغامضة التي تحيط بهم، مما دفعهم لتوسيع معرفتهم والبقاء على استعداد لمواجهة التحديات، ومع ذلك، فإن الفضول يشكل خطرًا أيضًا؛ إذ إنه يمكن أن يؤدي إلى هدم الافتراضات المسبقة بسرعة أكبر مما نستطيع إعادة بنائها. وقالت الدراسة إنه على الرغم من مخاطر الفضول، فإن الدراسات أظهرت أن الفضول يمكن أن يساعد في تحسين وظائف الدماغ مع تقدم العمر، كما أشارت الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يحافظون على فضولهم في مراحل حياتهم المتقدمة يتمتعون بوظائف معرفية أفضل ويقل لديهم خطر الإصابة بالخرف مقارنة بأقرانهم الذين لا يظهرون نفس المستوى من الفضول. وفي دراسة أخرى وجدت أن الفضول يعزز إحساس الناس بالوقت ويجعل أيامهم أطول وأكثر تنوعًا، كما يمكن أن يمنحهم معنى أعمق لحياتهم. ويشير الخبراء إلى أن الفضول ليس فقط وسيلة لتحفيز العقل، بل هو أيضًا أداة لتغيير العالم من حولنا، فالمجتمعات التي تشجع الفضول تكون أكثر قابلية للتطور والتغيير، حيث يعمل الفضول كحافز للإبداع والتجديد في العديد من المجالات، ومع ذلك، يؤدي الفضول إلى توترات اجتماعية عندما يتحدى الأشخاص أو الأفكار السائدة، مما يخلق صراعات وأحيانًا يعرض الأفراد للخطر. وتُظهر الدراسات أيضًا أن الفضول لا يقتصر على الأشخاص الذين يعملون في مجالات البحث أو العلوم، بل يمكن لأي شخص أن يعيد إحياء فضوله في حياته اليومية من خلال طرح أسئلة جديدة، استكشاف مجالات غير مألوفة، أو تحدي نفسه لمعرفة المزيد عن مواضيع كان يعتقد أنها ليست من اهتماماته، وهذا النوع من الفضول يمكن أن ينعش الحياة اليومية ويعطيها طعماً جديدًا. رغم تحذيرات المخاطر التي يمكن أن يسببها الفضول المفرط، فإن فوائده لا تُعد ولا تحصى، بحسب الدراسة، التي أكدت أن الفضول يُعد سمة أساسية للبقاء والنمو العقلي، وهو عنصر جوهري في حياة طويلة ومعنوية، إذاً، كما تقول الدراسة، يجب أن نواصل البحث والاستكشاف حتى وإن كان في بعض الأحيان مخاطرة قد تكون خفية في شكلها.