عمان - آلاء تركي المغيض
أطلق عدد من الأطباء وسم إلكتروني بعنوان #راتبي_حقي» على مواقع التواصل الاجتماعي طالبوا من خلاله بضرورة النظر إلى قضيتهم التي باتت تُعرف «بنظام الإقامة غير مدفوع الأجر»، نتيجة لجوء بعض المستشفيات الحكومية والخاصة للبرنامج غير مدفوع الاجر للأطباء المتدربين، ما احدث موجة من «الغضب» في صفوف الاطباء الاردنيين.
وبرر اطباء الاقامة في مطالبهم، ان نظام الاقامة غير مدفوع الاجر فيه -إجحاف- لجهودهم وطاقاتهم المبذولة، حيث يعمل الأطباء في برامج الإقامة لساعات طويلة أسبوعيًا، وطيلة سنوات الإقامة المقدرة بين 4- الى 6 سنوات تبعا للاختصاص دون أي مردود مادي في بعض المستشفيات.
عميد كلية الطب في جامعة اليرموك الدكتور خلدون البشايرة قال لـ $، إن هناك اختلافا وتباينا في الآراء حول تحديد إذا ما كان الطبيب المقيم متدربا أم عاملا، حيث أن الطبيب بعد حصوله على مزاولة المهنة تصبح مهنته طبيبًا بشكلٍ رسمي، مشيرًا إلى أن قانون الصحة العامة في الأردن عرّف المهنة الطبية أنها (المهنة التي يحمل صاحبها شهادة مزاولة لها)، مؤكدًا أن الطبيب المقيم يؤدي عملًا خدميًا بالإضافة إلى التدريب الأكاديمي، لينتقل من مرحلة الإقامة إلى مرحلة الاختصاص، بعد اجتيازه كافة الامتحانات والتقييمات المطلوبة، وهو أمام القانون يتحمل المسؤولية الكاملة للممارسات الطبية، حتى وإن كانت تحت إشراف إخصائي أو استشاري.
وأضاف البشايرة أن كل من يعمل، ويقدم خدمة ويتحمل مسؤوليتها، من المفترض أن يؤجر على عمله، أمّا «التدريب» فهو نمط ذو خصوصية في المجال الطبي، إلا أنه ينطبق على كافة مجالات الحياة، وهو لا يعني بأي من الأحوال -خاصة في برامج الإقامة- أن يكون غير مدفوع الأجر، فالأطباء يقضون ما يقارب ١١-١٣ سنة بين دراسة البكالوريوس والحصول على الاختصاص، وبعضهم لا يجني خلالها أي دخل مادي، ما قد يوجّه البوصلة إلى أن يصبح الاختصاص مقتصرا على المقتدرين ماليًا، وينتج عنه عزوفًا للبعض عن إكمال اختصاصاتهم، على حد وصفه.
من جهته، قال مدير المركز الصحي التابع لجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الدكتور عثمان بني يونس في حديثه لـ $، إن بعض المستشفيات قد تُلزم أطباء الإقامة بدفع رسوم مقابل تدريبهم، لافتًا إلى أن نظام «الإقامة غير مدفوع الأجر» يعتبر غير عادل في تقدير جهود وعمل الأطباء،
وأضاف بني يونس، أن نظام الإقامة «غير مدفوع الاجر» هو في الأصل لغير الأردنيين، ولا يدخل به الطلبة الأردنيون، مشيرًا إلى أن النظام لا يطبّق على أطباء الإقامة الأردنيين في جامعة العلوم والتكنولوجيا حاليًا، إلا أن بعض المستشفيات قد أقّرته لأطباء الإقامة الأردنيين وغير الأردنيين.
وعزا بني يونس أسباب لجوء بعض المستشفيات في القطاعين الخاص والعام إلى نظام «غير مدفوع الاجر»، إلى حاجة الأطباء المتزايدة للحصول على التدريب والاختصاص، خصوصًا في ظل طوفان الكساد والبطالة الذي أجهز على طموحات الشباب، ولم ينجُ منه القطاع الطبي.
وأضاف بني يونس أن هذه الفرص غير المكتملة، قد يعتبرها البعض استغلالًا للحاجات، وإن كان هذا لا ينفي دورها كوْنها جسرًا لعبور الطبيب العام إلى ضفة الاختصاص، وسط تبرير تتبناه بعض الآراء يرتكز في أساسه على الحد الأقصى للقبول في برامج الإقامة الطبية، والذي يصطدم مع ما تفرزه الزيادة الملحوظة في أعداد الخريجين سنويًا.
وفي ذات السياق، قال عضو المركز الوطني لحقوق الإنسان والرئيس السابق للجنة الصحة النيابية الدكتور ابراهيم البدور في حديث مع $، أن شمول أطباء الإقامة الأردنيين «بنظام الإقامة غير مدفوع الأجر»، جاء نتيجة التراجع في الأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى العدد الفائض من الأطباء، والمنافسة الشديدة على برامج الاختصاص، لافتًا إلى أن خريجي كليات الطب الأردنيين داخل الأردن وخارجه قد وصل إلى ما يقارب ٤٠٠٠ خريج سنويًا، فيما تتراوح مقاعد الاختصاص من ٨٠٠-١٠٠٠ مقعد، ما يعني أن عدد الخريجين يفوق ٤ أضعاف عدد المقاعد التدريبية في برامج الإقامة.
ودعا البدور إلى ضرورة توفير برامج إقامة مدفوعة الأجر لجميع الأطباء الأردنيين.
يشار الى أن خريجي كليات الطب يلتحقون بعد إتمامهم متطلبات التخرج بنجاح بالمستشفيات لقضاء الفترة الإلزامية المقررة، ومدتها اثنا عشر شهرًا من التدريب السريري وتسمى هذه السنة التدريبية «سنة الامتياز»، يليها مرحلة «الإقامة» والتي تستمر من ٤-٦ سنوات تدريبية تبعًا للاختصاص المطلوب، ويُسند للطبيب المقيم كافة ممارسات الرعاية الصحية في مجال اختصاصه، حيث يقوم بالتعامل مع حالات الطوارئ، وإجراء التحاليل والفحوصات، ومتابعة الحالة الصحية للمرضى، ومساعدة الأطباء الاختصاصيين في إجراء العمليات الجراحية، إضافة إلى مهامه العلمية في التحضير للامتحانات السنوية، وامتحانات المجلس الطبي.
يذكر أن لجنة الصحة النيابية دعت مؤخرًا إلى ضرورة إنصاف الأطباء، خاصة العاملين ضمن «نظام الإقامة غير مدفوع الأجر»، وأكدت اللجنة خلال اجتماع عقد الأربعاء الماضي، وقوفها إلى جانب المطالب المشروعة للأطباء، والحرص على إيجاد الحلول الناجعة للمشكلات التي يعاني منها القطاع الطبي.