«الكتابة على ورق يحترق» هذا وصف لمن يناقش أداء مجلس النواب او رئاسته، بسبب بعض الانتقادات التي يتعرض لها حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي.
تقييم أداء رئيس مجلس النواب المحامي عبدالمنعم العودات حضر أوانه، وجاء وقته، خاصة مع اقتراب مدة انتهاء الدورة غير العادية لمجلس النواب والتي تنتهي بعد عشرة ايام.
المحامي عبدالمنعم العودات جاء لرئاسة مجلس النواب من خلال توافق نيابي عريض ظهر عقب الانتخابات النيابية مباشرة، واتسع هذا التوافق يوم افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الامة بانتخابه باغلبية كبيرة كادت ان تكون اجماعا او تزكية غير مباشرة في حينه.
التوافق النيابي على العودات جاء لاسباب اهمها السيرة النيابية للعودات وخاصة الاداء المميز الذي قدمه اثناء رئاسته للجنة القانونية في المجلسين السابع عشر والثامن عشر، وشخصيته السياسية الهادئة، وقدرته القيادية التي اظهرها في المجالس النيابية السابقة، اضافة الى انه يعبر عن المطالب الشعبية في التغيير، كونه يمثل جيل الشباب الذي فرض نفسه بعيدا عن الشخصيات التقليدية التي انتجتها الادارة العامة.
ومنذ اليوم الاول لانتخابه رئيسا لمجلس النواب وضع العودات لنفسه هدفا استراتيجيا وهو اعادة ثقة الشعب الاردني بمجلس النواب وتعزيز هذه الثقة التي اهتزت بسبب غياب الرقابة الفاعلة لمجالس النواب السابقة.
الامتحان الاول لرئاسة مجلس النواب هو مناقشات الثقة بحكومة الدكتور بشر الخصاونة، وفعلا استطاع رئيس المجلس تحقيق هدفه بما وصف بثقة» محسوبة» حتى لا يتعرض النواب لانتقادات شعبية كما حصل مع مجالس سابقة، وبعد الثقة حرص العودات على تعزيز الدور الرقابي للمجلس من خلال عقد الجلسات الرقابية واجتماعات المساءلة البرلمانية والتفاعل مع الاحداث او الازمات التي تحدث، فالمجلس لم يغب عن اي حدث بل كان له مواقف او رأي في كل الاحداث والقضايا التي طرأت على الساحة من حادثة انقطاع الاوكسجين في مستشفى السلط او اجراءات الحكومة بخصوص?مجابهة جائحة كورونا التي خصص لها المجلس جلسة لمناقشتها ثم تشكيل لجنة نيابية لمتابعة جائحة كورونا او قضية الفتنة التي حرص رئيس الوزراء الخصاونة على اطلاع مجلس النواب في اجتماع مغلق على تفاصيل الفتنة، وقدم فيها الخصاونة اداء سياسيا متميزا من خلال احترام دور مجلس النواب في معرفة التفاصيل في هذه القضية الخطيرة، وكذلك القضية الاخيرة وهي انقطاع الكهرباء عن المملكة.
التعاون او التفهم الذي يلقاه رئيس مجلس النواب من رئيس الحكومة ساعد في تعزيز الدور الرقابي للنواب خاصة وان الخصاونة يطلب من الوزراء بضرورة الاجابة على اسئلة النواب في المدد التي حددها النظام الداخلي لمجلس النواب وهو ما يشيد به النواب باستمرار.
والجلسات الرقابية التي عقدها مجلس النواب الحالي خلال هذه الدورة كانت خير دليل على حرص رئاسة المجلس على تعزيز الدور الرقابي اذ كثف مجلس النواب من عقد هذه الجلسات الرقابية، بهدف ايجاد توازن بين ادوار المجلس التشريعية والرقابية.
الاداء السياسي لمجلس النواب كان ايضا حاضرا لدى رئاسة مجلس النواب وخاصة تفاعل المجلس مع ما يجري في القدس الشريف ثم تخصيص جلسة خاصة لمناقشة العدوان الصهيوني على غزة والقدس والطلب من الحكومة من خلال مذكرة نيابية وقع عليها 130 نائبا بطرد السفير الصهيوني من عمان وسحب سفيرنا من تل ابيب، كما عمل رئيس المجلس على الدعوة لعقد اجتماع للاتحاد البرلماني العربي للتعبير عن رفض العدوان الصهيوني والوقوف مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان، اذ انعقد الاتحاد بناء على دعوة العودات.
تعزيز الدور الرقابي لم يكن على حساب الدور التشريعي لمجلس النواب، فكان المجلس يقوم بدوره الدستوري في اقرار التشريعات التي ترسلها له الحكومة، سواء بتعديلها او اقرارها او حتى ردها، واستطاع العودات الموازنة بين ادوار المجلس الرقابية والتشريعية وايضا الدور السياسي، بهدف تعزيز ثقة الشعب بمجلس النواب.
النقاشات تحت القبة واحدة من العوامل الرئيسية لتقييم اداء مجلس النواب واداء رئيس المجلس، وهنا يحرص العودات على تعزيز النقاشات المثمرة تحت القبة من خلال اعطاء النواب الفرصة والحق في الكلام تحت القبة بما يتوافق مع النظام الداخلي والاعراف البرلمانية، وكان دائما يحرص على ان تظهر خلال النقاشات كل الاراء المؤيدة والمعارضة والمنتقدة حتى يعكس مجلس النواب كل الاتجاهات وهذا يحسب للرئيس لا عليه فمن حق النواب الادلاء بالاراء والمواقف تحت القبة، وان حرص الرئيس على هذا الحق يأتي لتعزيز الديمقراطية والحياه البرلمانية.
القضية الاخيرة التي يجب مناقشتها هي ما يوصف بقضية » التسلل «من نواب للحديث عن قضايا عامة في الجلسات التشريعية، ولكن هذا التسلل احيانا يكون مستحبا ومطلوبا واحيانا يكون خارج الموضوع، لذلك يتم قطع الصوت عنه من قبل الرئيس لانه مخالف للنظام الداخلي، ولكن بكل الاحوال هذه القضية تحتاج الى البحث عن عرف برلماني لتأطيرها بطريقة لا تخالف النظام الداخلي وان تقتصر على القضايا الطارئة التي لا تقبل التأجيل.
