أقفلت عطلة نهاية الأسبوع على مشهد متأزم جديد ينبئ بمزيد من الانزلاق إلى أجواء توتير سياسي وربما أمني فيما الأزمات الاقتصادية والمعيشية والحياتية لا تزال على حالها مع تجدد أزمة البنزين واصطفاف السيارات أمام محطات المحروقات.
فالجلسة النيابية التي انعقدت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون واتخاذ القرار المناسب من موضوع تكليف الرئيس سعد الحريري أفضت إلى إعادة التأكيد على تكليفه والطلب منه الإسراع بتأليف حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية مع امتناع التيار الوطني الحر عن التصويت بعد الكلمة العالية السقف للرئيس المكلف التي فاجأت التيار بعد كلمة رئيسه جبران باسيل التي أوحت أوساطه يوم الجمعة الفائت أنها “نارية”، لتأتي يوم السبت مهادنة إلى حد ما، ولتوضح أن هدف رسالة عون ليس سحب التكليف من أحد خلافا لوجهة نظر الحريري الذي رأى فيها دعوة من الرئاسة الأولى للنواب للتخلص منه.
وأضيف إلى المشهد النيابي المتوتر استعراض للحزب السوري القومي الاجتماعي في شارع الحمراء في بيروت لمناسبة الذكرى السنوية للتحرير، وتأكيدا على “التأييد للشعب الفلسطيني في الانتصار الذي تحقق أخيرا في المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي”. إلا أن هذا الاحتفال تحول عن مساره ليطلق هتافات تحيي حبيب الشرتوني المتهم بقتل الرئيس الأسبق بشير الجميل ولتتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بأنه “صهيوني”. وشوهد شبان يمشون في عرض شبه عسكري في شارع الحمراء ويرددون هتافات جاء فيها “طار راسك يا بشير جايي دورك يا سمير”.
وقد رأت القوات اللبنانية في هذه الهتافات تهديدا واضحا بالقتل، ودعا رئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات الوزير السابق ريشار قيوميجيان الدولة والقضاء اللبناني إلى اعتبار هذه الهتافات بمثابة إخبار. وقال “لا الحزب القومي ولا النظام السوري ولا حزب الله ولا الحلفاء من المسيحيين قادرون على النيل من القوات اللبنانية”.
يأتي الاستعراض بعد أيام على الإشكال مع الباصات السورية في نهر الكلب والأشرفية وتحذيرات وهاب
وصدر عن الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” بيان تعليقا على هتافات “القومي” جاء فيه “أقام بعض القوميين السوريين احتفالا في شارع الحمراء الذي أقفلوه لهذه الغاية، وخلال الاحتفال مرت بعض المجموعات التي كانت تنادي “طار راسك يا بشير، وجاي دورك يا سمير”، وأمام هذا الاعتراف المعلن بالقتل، والدعوة الصريحة للقتل، نتوقف أمام الآتي: -أولا، بعد أن حكم المجلس العدلي على أعضاء من الحزب “السوري القومي الاجتماعي” باغتيال رئيس جمهورية لبنان المنتخب الشيخ بشير الجميل في عام 1982 والذي كان محط آمال معظم اللبنانيين والذي يجمع الكثيرون في الداخل والخارج أنه لولا اغتياله لأخذت الأحداث منحى مختلفا تماما، أدى إلى قيام دولة فعلية في لبنان، وبدلا من أن يتعظ هذا الحزب من جريمته وإجرامه، يواصل التباهي بإرهابه الذي يؤكد على طبيعته الإجرامية، الأمر الذي يدفعنا إلى الطلب من السلطات المعنية إلى سحب الترخيص من الحزب “السوري القومي الاجتماعي” ووقف الاعتراف بوجوده، انطلاقا من العديد من العوامل أهمها عدم اعترافه بلبنان ككيان مستقل، وإجرامه المعلن والصريح والثابت في الصوت والصورة.
-ثانيا، أما في ما يتعلق بـ”جاي دورك يا سمير” فـ”طويلة على رقبتكم ورقبة يلي أكبر منكن ورقبة يلي بشد عا مشدكن بالداخل والخارج”، ولقد حاولتم أساسا مرات ومرات أنتم وأسيادكم ومشغلوكم وبعض أجهزة المخابرات العربية التي تعملون لديها وأخرها في 4 نيسان/إبريل 2012 باغتيال الدكتور سمير جعجع وباءت هذه المحاولة كما كل المحاولات التي سبقتها بالفشل، مع فشل كل محاولات الإلغاء والاعتقال والتغييب والاضطهاد.
-ثالثا، سنتقدم بدعوى أمام المراجع المعنية المختصة على المسؤولين عن الاحتفال وكل مَن تَثبُت مشاركته ونبح وشنهق بالمجاهرة بالقتل، لأنه يشكل اعترافا بالقتل أولا، ودعوة علنية صريحة إلى القتل ثانيا، وذلك أمام وسائل الإعلام كلها، وبالتالي أمام الناس جميعهم. ويبقى أنه كيف لمجتمع أن يقوم وفي ثناياه عملاء، وخونة، وقاتلون، ومجرمون، ويعملون للخارج كعمالة، وعقيدتهم لا علاقة لها بلبنان، إضافة إلى مجاهرتهم بالقتل والإرهاب؟”.
وتأتي الهتافات القومية بعد الإشكال الذي وقع الخميس الفائت بين مناصرين للقوات وباصات سورية كانت متجهة للتصويت لرئيس النظام السوري بشار الأسد، حيث صدرت تحذيرات لجعجع من خطورة اللعب بالنار كما قال الوزير السابق وئام وهاب الذي أكد أن “ما جرى غير مقبول، وأسهل شيء هو قطع الطرق”، مضيفا “إنكم تقامرون بالاستقرار وحقكم 6 ساعات”.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ردودا على وهاب أبرزها ما تم تداوله نقلا عن قائد قواتي سابق في خلال الحرب الأهلية يدعى بيار جبور توجه لوهاب ومن خلفه بالقول “الـ6 ساعات تكفينا لدفنك في الجاهلية إذا قررنا”.
وسبق الاحتفال في شارع الحمراء اشتباك ليلي بين مناصرين للحزب القومي وشبان من “تيار المستقبل” في عائشة بكار تخلله إطلاق نار قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويضبط الوضع.
وكان المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي أوضح أن “أعضاء من الحزب السوري القومي الاجتماعي تقدموا بطلب رخصة للقيام بتجمع احتفالي نهار الأحد في شارع الحمراء في بيروت، بين الساعة الحادية عشرة قبل الظهر والثالثة بعد الظهر”، مؤكدا أن “هذا الطلب أدى إلى اعتراض جهات أخرى داخل الحزب لجهة عدم صحة تمثيل مقدميه”. لكنه أضاف “بما أن الجهة المنظمة للتجمع قد تعهدت الالتزام بالشروط الواردة في القرار الصادر عن وزارة الداخلية والبلديات رقم 1024 تاريخ 29/3/2006، المتعلق بتنظيم التظاهرات والتجمعات لا سيما لجهة الفترة المحددة والمكان المحدد، وإزالة كل المظاهر والشعارات المواكبة للتجمع بعد انتهائه، يهم وزارة الداخلية والبلديات أن توضح أنها لا تتدخل في الصراعات أو النزاعات الدائرة داخل الأحزاب، وهي لا تقف مع جهة ضد أخرى، وما يعنيها فقط هو التزام أي جهة تتقدم بطلب رخصة، بالأحكام والشروط الواردة في قرار تنظيم التظاهرات والتجمعات كافة، ولذلك اقتضى التوضيح”.
