عن دار المعرفة في القاهرة صدرت رواية جديدة للكاتب أيمن العتوم بعنوان «رؤوس الشياطين»، حيث يضع الكاتب أيمن العتوم ولأول مرة، قلمه على طاولة الطبيب النفسي ليكشف عن صراع الشخصيات بداخله، فهل يكشف الطبيب عن كاتب مجنون، أم أن الكاتب سيفلح في الولوج إلى عقل الطبيب وما يدور في رؤوس الشياطين، بعد إطلاقها مطلع شهر شباط الحالي.
وجاء في رواية «رؤوس الشياطين».. «لم ينم منذ عشر سنين، ليس على سبيل المجاز، بل على الحقيقة، كلما ألقى بجسده المنهك على الفِراش، فتح الأرق عينيه، كأن بينه وبين الغمض حربا، الليل في الصيف حار، ومن هنا في هذه الغرفة التي استأجرها في فندق رخيص وسط البلد تفوح بعض الروائح الكريهة، لعن الفقر، والحاجة، والحظ، والفندق، وصاحب الفندق، والنوم، وهم بأن يلعن نفسه، قبل أن يتراجع، ويقلب على جنبه الآخر، أغمض عينيه في محاولةٍ جديدةٍ لكي ينام، لكنهما تأبتا عليه، فكر في الحقيبة الجلدية الحليبية التي يحتفظ بها في خِزانة الغرفة،?خيل إليه أن أحدا سرق شيئا من محتوياتها، فقفز على قدميه مذعورا، ركض باتجاه الخِزانة، فتحها بسرعة، وشد سحاب الحقيبة العتيقة، وأزاح بيديه أطرافها وراح يتفقد موجوداتها بعناية، بعد دقائق تنهد: لم تمتد إليها يد، كل شيء فيها على حاله»، ارتاح، وعاد إلى فِراشه، حاول النوم من جديد، لم يفلِح، تناهى إليه صوت بعضِ السكارى في الشارع الممتد أمام الفندق يتصايحون، شم رائحة الخمر تفوح من أفواههم، عبرتِ الرائحة الشارع من ضِفته البعيدة إلى الضفة القريبة حيث مدخل الفندق، وصعدت الدرجات مثل الروح، ضبابية خفيفة».
وتأتي رواية «رؤوس الشياطين» بين أخوال البطل من ذوي اليمين الصالح، وأعمامه ممن قد انغمسوا في سدفات غيابات جب الحقيقة فكرعوا منها حتى تردد صوت تجشئهم عالياً، يخرج علينا صالح أو ماركس كائناً من كان وهو يمور باضطرابات ما بعد الصدمة والقلق والجنون والهبل والاضطرابات والعزلة والوساوس القهرية منها وغير القهرية، وهناك على مقربة من تفاصيل الاكتئاب بكل دركاته الذي أصبح صديقاً بغيضاً للبطل، ومِن على حرف الحرف يطل علينا أيمن وهو يسكب من ماء الحكمة على لسان وتر العود عندما انقطع قائلاً: لست مثله، فدعني في وحدتي ؟!.. أر?يت كيف حدث البطل المجنون بطن العود، مرةً يُلملم العظام ومرات كثيرة يرى أن في الطب مصيبة بل مصائب وكثيرًا من المرات كان يعاند العناد، بل إن رؤوس الشياطين عاندته مرةً فعاندها فربط على عيونه شهراً كاملاً لا يبرح البيت! فاتصل بقلبه هامساً فيه أن الاكتئاب فيه جمال؛ فهو ينبش فيك حتى يجلو لك قلبك فترى نفسك صافيةً كما لو كانت تنعكس عل مرآة بلورية من الماء في ليل وادع».
ينهض أيمن بقلمه غامسا إياه في محبرة القبور، ويرِد على ماء العفاريت في هزيع الليل الآخر راجيا إياها أن تسعفه بما لم ينله منها أحد.