« شغوفة بعملي وأسعى كثيرا لأن أكون ناجحة به، لكن منذ فترة وجيزة أعاني من عدم قدرتي على إنجاز ما يطلب مني بسبب ضغوط العمل، لدي ملفات تجارية يجب إتمامها في وقت محدد ،ولكنني لا أستطيع ذلك بسبب ضيق الوقت وحجم الملفات التي تحتاج لمجهود ذهني وقراءة دقيقة «، بهذه الكلمات وصفت روان مرزوق معاناتها الوظيفية.
يقول المختص بالتدريب الوظيفي جميل ابو جابر أن بيئة العمل تتعرض لكثير من الضغوطات والمشكلات التي يجب على العامل الناجح أن يواجهها ويتعامل معها بالصورة الصحيحة حتى لا تتأثر نفسيته ولا تقل كفاءته.
ويبين ابو جابر أن هناك طرقا للتخلص من ضغوطات العمل من خلال وضع خطة لانجازه واستغلال الوقت والتركيز على الأولويات وتحقيق الاهداف وتجنب الأحاديث الجانبية مع الزملاء، فكثير من الأحاديث تكون خارج نطاق العمل و تؤدي الى تشتت الذهن واضاعة الوقت، مؤكدا على ان اهم شيء هو حب العمل لان ذلك يساهم في زيادة النشاط لدى العامل والرغبة في تحسين الأداء الوظيفي وتحقيق شعور السعادة اثناء القيام بالمهمات العملية بعيدا عن التذمر والكسل والعصيبة والتوتر .
و يشكو المعلم عامر أبو الروس من ضغوطات العمل في مجال التدريس وخصوصا بسبب العدد الكبير للطلاب داخل غرفة الصف، إذ يصعب السيطرة عليهم وضبطهم من أجل إيصال المعلومات، مضيفا أن يومه أصبح مكرسا للمدرسة حتى بعد انتهاء الدوام الرسمي، حيث يتابع متطلبات التدريس في البيت كتصحيح الاوراق والتحضير للدروس واعداد خطط وتقارير .
وتابع حديثه هناك ضغوظات أخرى من حيث التحضير المسبق للدرس والاشراف والمناوبة بالإضافة إلى الأعمال الكتابية والاهتمام بالانشطة المنهجية وغير المنهجية للطلبة وتعديل تصرفات بعض الطلبة المشاغبين والعنيفين .
ويبين مستشار الطب النفسي الدكتور وليد السرحان أن ضغوظ العمل تتنوع حسب مصدرها وشدتها فهناك الضغوط الناتجة اولا عن طبيعة العمل، ومن المعروف أن هناك أنواعا من العمل تتطلب الدقة والانتباه أكثر من غيرها، وبعض الأعمال تتطلب إتخاذ القرارات وتحمل مسؤوليات كبيرة، وهناك أعمال مجهدة من الناحية البدنية والتي ممكن أن تتحول الى اجهاد نفسي.
ويشير الى أنه لابد للإنسان أن يكون على وعي ومعرفة تامة فيما يقبل عليه من عمل، حتى يعرف قدرته على تحمل أعباء وضغوط هذا العمل وكيفية التخفيف منها، فعلى سبيل المثال الأشخاص الذين يتطلب عملهم الجلوس ساعات طويلة لابد أن يهيئوا أنفسهم لممارسة الرياضة ،والأشخاص المعرضين لقرارات دقيقة يجب أن يكون لديهم من يرجعوا إليه ويستشيرونه في بعض القرارات.
ويضيف أما الأشخاص الذين تتطلب أعمالهم الدقة والتركيز فلا بد أن يأتوا للعمل وقد تناولوا قسطا من الراحة النفسية والجسدية وينتبهوا لعدم الإكثار من المنبهات كالقهوة والشاي، التي قد تجعل الإنتباه يضعف عندما يتحول الضغط إلى توتر، وفي كل نوع من هذه الأنواع لابد أن يؤخذ الضغط الناتج عن العمل بعين الاعتبار، وأن يوفر المتنفس اللازم للعاملين في كل مهنة.
ويبين د. السرحان أن هناك أشكالا اخرى من الضغوط الناتجة من بيئة العمل، من حيث المكان ومدى الراحة فيه وملائمته للعاملين والمساحة المتوفرة لكل منهم، والعلاقة الإدارية بين الإدارة والمستويات الوظيفية المختلفة، وهذا يعتمد بشكل كبير على كفاءة الإدارة في توفير هذا الجو، وفي حالة فشلها فإن الضغوط تتراكم على العاملين ويضعف انتاجهم، وتتنوع الصراعات الوظيفية ويظهر الانهاك النفسي بشكل واضح، مما يؤدي لمشاكل صحية عند العاملين سواء نفسية أو جسدية.
يؤكد د.السرحان على إدارة العمل ان تدرك مدى الضغوط الواقعة على العاملين، فعليها أن توفر لهم متنفس في اجتماعات دورية يتحدثون فيها عن الضغوط والمعاناة لتستمع الإدارة العليا لمطالب وآراء العاملين ومحاولة تلبية متطلباتهم .
الضغوط الناتجة من الشخص نفسة
ويشير إلى نمط من الضغوط الناتجة من الفرد نفسه، فالأشخاص الذين لا يتمتعون بالمرونة والاستعداد للتكيف مع بيئة العمل ومع الزملاء، ولا يقومون بتوزيع المهام أو اعتادوا الإهمال والغياب والتقصير بالعمل، فإن هذا يضعهم في ضغوط كبيرة قد تؤدي لفقدان الوظيفة أو ترك العمل .
يؤكد د. السرحان على ان التكيف الخاطئ مع ضغوط العمل سيؤدي الى التوتر النفسي، والذي بدوره يؤدي إلى مشاكل في الصحة كارتفاع ضغط الدم ومشاكل المعدة، أو يتحول إلى مشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب النفسي، وهذا بدوره قد يخفف من كفاءة الفرد ويؤثر في قدرته على انجاز العمل ويزداد الضغط والتوتر ويدخل الانسان في حلقة مفرغة وعذاب مستمر.
وكشفت دراسة علمية حديثة بجامعة هارفارد الأميركية بالتعاون مع جامعة ستانفورد ، عن أن صحة الإنسان تتأثر سلبا بضغوط العمل حيث أن الإجهاد الزائد بالعمل يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وآلزهايمر.
وتوصل الباحثون من خلال استطلاع عام للرأي أجري من قبل جمعية علم النفس الأميركية، إلى أن 60% من عينة البحث يؤكدون أن من احد الأسباب الرئيسية للإجهاد والتوتر ضغوظ العمل.
وأوضح الباحثون أن هذا ناتج عن تجاهل الآثار الصحية للضغوط النفسية فى أماكن العمل مثل المطالب الوظيفية المرتفعة، وانعدام الأمن الاقتصادي، وساعات العمل الطويلة .