عمان - منال القبلاوي
تدفع العاطفة الجياشة بعض الأشخاص الى العنف أو تؤدي بصاحبها الى التفكير بالانتحار أو إلى الاصابة بالاعياء وفقدان الشهية وحتى فقدان الرغبة بالاستمرار بالحياة.
وتختلف مشاعر الحب العادي عن نظيره الذي يسيطر بالكامل على تفكير صاحبه ويعد في علم النفس (مرضا نفسيا).
الستينية (ام محمد) التي فقدت زوجها قبل سبعة أشهر مازالت تبكيه يوميا لغاية الآن.
ورغم أن لديها أولادا وأحفادا إلا أن فقدانها لزوجها جعلها تعتزل الحياة لحبها وتعلقها الشديد به فباتت تغلق النوافذ وتبقى وحيدة حبيسة بيتها بارادتها تجلس قرب صورة زوجها تحاوره وتحتسي القهوة معه يوميا.
السبعينية (أم عزام) التي فقدت ابنتها البكر قبل عشر سنوات نتيجة حاث سير ما زالت تبكيها يوميا لغاية الان.
وأفرغت غرفة في منزلها لأحفادها (بنت وولدان) للعيش معها بعد وفاة والدتهما كي تبقى على تواصل مع ابنتها رغم وفاتها.
وقد أصيبت (أم عزام) نتيجة تعلقها بابنتها ورفضها فكرة فقدانها بالاكتئاب والاعياء العام وارتفاع ضغط الدم.
الطبيب النفسي عبد الرحمن مزهر برر حالة (أم عزام) و(أم محمد) بأن بعض أنواع الحب العاطفي تعمل تأثيرا مباشرا على حياة الانسان ويصبح أغلب الوقت مشغول الفكر ويتراجع في مستوى ادائه على المستوى الاجتماعي والعملي وأحيانا يصبح محبوبه هو الهدف الاساسي في الحياة.
كما تحدث لديه تغيرات فسيولوجية في جسمه مثل تراجع الشهية واضطراب النوم. ويؤثر الحب على مراكز المتعة في الدماغ مثل تأثير بعض انواع المخدرات.
وبحسبه فقد كشفت الفحوصات الطبية ان مستوى (السيروتنين) عند الأفراد الذين يعانون من الوساوس القهرية يماثل مستواه عند الأفراد الغارقين في الحب.
كما وجد أن 12 منطقة في الدماغ تتاثر وتتفاعل مع مشاعر الحب. وبحسبه فكم من قصص الحب ادت الى تغير في حياة اصحابها منها التغير الايجابي ومنها السلبي مثل ارتفاع ضغط الدم واضطراب الوظائف الحيوية مثل (الشهية والنوم والتركيز والشعور بالاعياء) وكم من الحالات قامت بجرائم من اجل الحب وكم من الحالات انتحرت ايضا في هذا السياق.
ويؤكد مزهر ان مشاعر الحب التي تسيطر على صاحبها لدرجة كبيرة تصنف علميا ضمن (الأعمال القهرية).
والحب المقصود هنا هو الحب غير المسيطر عليه بجميع أنواعه. أما الأعمال القهرية فانها تعني افكارا تسيطر على صاحبها وتاخذ حيزا من الوعي لديه واحيانا يتفاعل معها وأحيانا يحاول مقاومتها والامثلة عليها كثيرة مثل (نتف الشعر والسرقة غير المبررة بحاجة والتسوق غير المبرر).
اما مشاعر الحب العادية فلا تدخل ضمن هذا التصنيف ولكن الحب الذي تتصاحب معه اعراض تؤثر على صاحبه بشكل ملفت ومؤذ.
وأول من تعامل مع الحب كمرض هو ابن سينا وكان يعرف من يحب من المرضى من نبضات قلبه.