يلعب المال دورا كبيراً في حياة الناس. ولا غنى عنه لتسيير كافة نواحي الحياة، ولكن مع ضرورته هذه، هل يشتري المال السعادة، أم أن السعادة تقع في أمور معنوية أكثر.
وعن علاقة المال بالسعادة، اتفقت آراء أغلب الناس على عدم وجود علاقة مباشرة بين الأمرين، وأن سعادتهم تنبع من مصادر مختلفة كالصحة، وراحة البال، والزواج السعيد. وهي من الأمور التي تعتبر بحسب رأيهم، أكثر أهمية من امتلاك رصيد ضخم في البنوك.
يجزم « عبد الرؤوف خالد» بأن العلاقة بين المال والسعادة هي «علاقة وهمية». فالمال، بحسب رأيه، «لا يخلق السعادة، وقد يكون في بعض الأحيان مصدراً أساسياً للشقاء والتعاسة». ويضيف: «لا أظن أني سأكون أسعد حالاً إذا كنت غنياً. فالسعادة بالنسبة إليّ، هي القدرة على تحقيق الأحلام والطموحات، وهذه لا تحتاج إلى مال بقدر ما تحتاج إلى عزيمة وراحة بال».
ويتفق « صبحي الصايغ» مع ذلك قائلاً :»السعادة هي مسألة نسبية لا علاقة لها بالمال»، لافتاً إلى أن «الأسباب السعادة قد تختلف بين شخص وآخر». ويقول: «هناك من يرى سعادته في نجاح أبنائه، وهناك من يسعد بزواجه من امرأة صالحة، أو حينما يقوم بعمل طيب، كما أن هناك من يسعد بجمع المال حتى وإن لم يشعر بالسعادة في حياته الاجتماعية الأسرية، الأمر الذي يؤكد أن المال لا يمنح الشعور بالسعادة.
ويضيف :» أن هواة جمع المال هم أكثر الناس خسارة». ويضيف : «قد يخسر الزوج زوجته التي أهملها وهو يجمع المال، أو أولاده الذين لم يلق بالاً لتربيتهم والوقوف إلى جانبهم عندما كانوا في أمس الحاجة إليه كما أن بعض الناس يملكون المال، لكنهم لا يزالون يبحثون عن السعادة، وهذا ما يؤكد أن المقولة التي تقول: «من كثر ماله زاد همه»، هي مقولة حقيقية يثبتها العديد من التجارب الإنسانية عبر التاريخ المعاصر.
بدوره، يشير «طاهر محمود» إلى «وجود علاقة ما بين المال والسعادة، ولكنها ليست علاقة مؤثرة إلى حد كبير، لأن المال سبب من أسباب السعادة وليس عنصراً أساسياً، لذا يجب ألا تقترن السعادة بالمال» على حد قوله. وفي ما يتعلق بسعادته التي لا ترتبط بالماديات، يقول محمود «إن الاستقرار الأسري والسعادة الزوجية من الأشياء التي لا تشترى بالمال». ومن ناحية أخرى، تقول «سهى سرور» إن «الأثيراء فقط هم الذين يقولون إن المال لا يصنع السعادة». وتضيف: «لكن، من وجهة نظري، إننا لو سألنا أي فقير في العالم عن الأمر الذي يمكن أن يحقق له السعادة، فهو غالباً ما سيجيب بأنه المال، وسواء أكان على خطأ أم صواب، فهو سيظل متمسكاً بقناعته تلك، إلى أن يغتني، وحينها ربما يتغير رأيه».
إن اتفاق معظم الآراء على عدم وجود علاقة مباشرة بين المال والسعادة، لا ينفي وجود آراء مغايرة، ترى أن هناك علاقة قوية بين المال والسعادة، وأن الفقر هو أساس الشقاء. وفي هذا المجال، يقول « منذر الرمحي»: من المؤكد أن المال يجلب السعادة مثلما يجلب الفقر التعاسة».
مستشهدا بقوله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )
ويؤيده الرأي « سفيان جادالله قائلاً»: إذا كنت فقيراً ستكون مقهوراً ومغلوباً على أمرك». ويضيف :» أن نظرة الناس، وإن تغيرت حول مفاهيم السعادة ومسبباتها الأخرى، كالعلم، والصحة، يظل المال هو العامل الرئيسي لتحقيق تلك الأشياء»
وتؤكد « سمر حميدي» أن المال هو سر السعادة لأن المال يجعل العائلة والأصحاب حولك لإسعادك، فبدون المال لن تجد أحداً حولك وخاصة في يومنا هذا لا يوجد شخص ينفع ويقف مع الآخر، وإذا سقطت في يوم من الأيام لن تجد أحداً حولك حتى شريك الحياة، فمن الممكن أن يتعاطف معك الأهل لفترة وبعد ذلك سيظهر عليهم الملل.
وأخيراً نقر بأن المال يصنع شيئاً من السعادة ولكن تبقى ناقصة لأن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يحتاج الحب والعائلة والأصدقاء، وهذه الدنيا غريبة فالذي يملك المال غير سعيد والذي لا يملكه أيضاً لا يكون سعيداً. وفي النهاية السعادة قد تكون بالقناعة وهي افضل المشاعر.
