وسط أجواء من المحبة والتعاون والألفة وعشق الأرض تجتمع الأسر الريفية بكل فئاتها العمرية من الاطفال ،الشباب، الفتيات، الشيوخ، والنساء لقطف ثمار الزيتون .
علاقة عشق أبدية تربط بين أبناء الأرياف وشجرة الزيتون المباركة، فهي تمثل لهم ينابيع من الخير والعطاء ، فهي مصدر رزق و"مونة" يعيشون من خيرها طيلة العام، فمن زيتها يطهون الطعام ومن ثمرها المخلل والذي يسمى "برصيع الزيتون " بالاضافة الى صناعة الصابون البلدي من زيتها، ومن بقايا مخالفاتها يتدفؤون على وقودها من برد الشتاء (جفت الزيتون) حيث يضعونه بمواقدئهم .
في موسم قطاف الزيتون يحيون الريفيون العادات والتقاليد التراثية الجميلة في الحياة الريفية كنظام « الفزعة « و»العونة «حيث يتعاون الجيران والاصدقاء الى جانب الاسرة في جني قطاف الزيتون، وتتعاون نساء الحي بطهي الطعام والرجال بصنع الشاي على الحطب، بين هذا وهذا تصدر حركات الاطفال أصواتا تجعلك تبحر في جمال الحياة الريفية وبساطتها لتعلو ضحكاتهم مما يدخل الى قلبك السعادة من شدة جمال حركاتهم العفوية والجميلة.
وينتظر الفلاحون هذا الموسم كل عام بحب وامل بأن تكون غلة ثمار الزيتون اكثر مما مضى، لانها تعتبر جزءا من مصدر دخولهم القليلة بالطابع العام ولانها تساهم بتغطية احتياجاتهم المتواضعة على مدار العام و بدفع الاقساط الجامعية لأبنائهم كما يفيد المزارع محمد الخطيب .
يقول الثمانيني ابو خالد الزعبي صاحب مزرعة زيتون بانه يستيقظ باكرا هو وزوجتة وافراد اسرتة واحفاده الى جانب الجيران «لفرط الزيتون حاملين معهم كل المستلزمات من فرش أرضية من البلاستيك يضعونها تحت شجرة الزيتون حتى يجمعون ما سقط عن الشجر أثناء جنيهم للزيتون، ويتم جمعها في أكياس كبيرة من «الخيش أوالبلاستيك» .
ويعود بذاكرته الى الوراء قبل أربعين سنة وارتباطه القوي بمزرعته الممتلئة بشجار الزيتون ويقول زرعت كل هذا الشجر مع والدي واخواني .
وينتظر ابو خالد موسم قطف الزينون بشغف لانه الاهل والاقارب يجتمعون به ويجلسون من الصباح الباكر الى قبيل الغروب مستمتعين بمشاهدة احفادهم وابنائهم وجيرانهم، و يتناولون وجبة الافطار والغداء بين الاشجار ويجلسون على الارض جميعا حيث تظهرعلى وجوهم علامات التعب والفرح معا .
وتحرص عائلة ابو خالد ان تذهب معه الى معصرة الزيتون لمشاهدة عملية عصير الزيتون ومشاركة العاملين بالمعصرة على مساعدتهم في تفريخ أكياس الزيتون وفرزها وتعبئتها بالصناديق المخصصة للزيت مصطحبين معهم الخبز المشروح لتذوق طعم زيت الزيتون مباشرة .
وتقول الطالبة الجامعية رانيا حفيدة ابو خالد بأنها تساعد جدها واسرتها بقطف الزيتون وانها تشعر بسعادة رغم التعب والجهد اثناء جني المحصول مشيرا الى المجهود الذي يبذله جدها واسرتها طوال العام من حرث الارض والعناية بشجر الزيتون حتى يكون الانتاج افضل .
وتذكر « أكثر ما يميز هذا الموسم الجميل أجتماع الاهل والاقارب والصغار والكبار بأجواء ممتلئة بالسرور والبهجة والأخاء والمحبة لنحافظ معا على العادات القديمة الرائعة ك «الفزعة « التي تتجسد بالتعاون والمساعدة.
وترى الستينية ام عبد الله والتي تمتلك دونمات من الزيتون ورثتها عن زوجها انها تبدأ بفرط الزيتون بعد الشتوية الأولى لانها تمتلئ حبات الزيتون بالزيت وتنضج اكثر وفيها يتم التخلص من الغبار المتناثر على أوراق شجر الزيتون.
وتضيف بانها تستعين بالعائلات المجاورة لقطف الزيتون مقابل حصولهم على ثلث المحصول فهناك نظام متفق عليه بين المزارعين يقضي بالحصول على جزء من المحصول مقابل العمل في قطفه .
وتشير ام عبد الله انها تصنع الصابون البلدي من زيت الزيتون في بيتها وانها لا تستخدم في بيتها سواه .
ويبقى موسم قطاف الزيتون في كل عام رمزا للخير والعطاء الذي لا ينقطع ، ونهرا لا ينضب من مشاعر المحبة والألفة والتعاون بين افراد الأسرة والأقارب والجيران .