صلاح الدين العبادي - جُلّ ما نخشاه أن يجعل المخرج التلفزيوني سائد بشير الهواري عنوان فيلمه القادم «سأحمل أمتعتي وأرحل» والذي سيخرجه لصالح قناة روتانا سينما عنوانا للمرحلة المقبلة من حياته والتي يستقبلها بتفاؤل تشوبه لوعة من الهموم واليأس حيث لم يستطع الحصول على عضوية نقابة الفنانين الأردنيين كونه يحمل جواز سفر مؤقتا لمدة عامين على الرغم أنه استطاع ان يرفد مكتبة التلفزيون بعدد من المسلسلات التي أخرجها بطريقته الخاصة وأضفى عليها لمسة إبداع على الرغم من عدم تمكنه من دراسة الإخراج في الجامعة بسبب وفاة والده الكاتب بشير الهواري أثناء دراسته.
وتعود بداية عمل الهواري في المجال الفني إلى قبل ما يزيد عن 22 عاما وتحديدا عندما كان في الخامسة من عمره، حيث استطاع أن يقوم بتجسيد بعض الشخصيات في عدد من المسلسلات، حيث كانت انطلاقته من مسلسل «أبناء الضياع» في مطلع الثمانينات وجاء بعدها بمسلسل أوراق الدالية ومن ثم «كلمة أخيرة «و» الرصيف البارد»، و «مسرح الحياة»، وكان في تلك الفترة عضوا في فرقة الفوانيس والتي شارك من خلالها في عمل مسرحي هو « جلجامش»، بعدها انساق وراء رغبته في تنمية مواهبه الإبداعية والتحق بدورة موسيقى وتخصص في العزف على آلة العود، قبل إنهاء دراسته في الثاني الثانوي آنذاك والذي كان يستعد فيه لخوض غمار امتحان الثانوية العامة في الصف الثالث الثانوي، الا ان انسياقه وراء رغبته بشغف لمتابعة آخر المستجدات في عالم السينما وحضور آخر الأفلام كان دافعا له للتمرد على دراسته في تلك المرحلة، حيث كان يخرج من بيته متوجها إلى مدرسته كما يعلم أهله، الا أن رغبته هذه دفعته للتوجه إلى صالات عرض السينما، فكانت النتيجة بالنسبة له ولأسرته أيضا إخفاقه في امتحان الثانوية العامة، الأمر الذي دفعه لإعادة الامتحان من جديد حيث حصل على معدل 85 في الفرع العلمي.
وأشار الهواري في حديثه للملحق إلى أن وفاة والده كانت سببا بالنسبة له في خسارة دراسته دون أن تحول أمام تحقيق رغبته وطموحه بالعمل في مجال الإخراج، فما كان له الا العمل بوظيفة مساعد مخرج دون وجود أي خلفية مسبقة عن هذا العمل، حيث قام بشراء كل ماكتب في عالم الإخراج التلفزيوني والسينمائي، إضافة إلى الاستعانة بمكتبة والده والتي هي بالنسبة إليه بمثابة «الإرث الوحيد الذي أبقاه إليه بعد وفاته».
وبين أنه استطاع في عام 2000 الوقوف لأول مرة كمخرج أردني ينفذ عملا فنيا ، حيث كان آنذاك أصغر مخرج أردني يبلغ الـ(23) من العمر، واستطاع إخراج مسلسل «الحلم والانتظار» والذي أعيد بثه مؤخرا على شاشة التلفزيون الأردني.
كما بين أن تجربته بإخراج هذا العمل وهو في هذا العمر كانت دافعا بالنسبة له لإخراج مسلسل «بقايا رماد» وذلك في عام 2002 في خطوة ثانية من الإبداع، مبينا ان الخطوة الأخرى التي تلتها كانت في إخراج مسلسل الطوفان والذي قدمه للجمهور العربي بشكل أكثر مما سبق كونه يعد من الأعمال التلفزيونية الضخمة، ومن ثم مسلسل «الغروب الأخير»، إلى أن انتهى من إخراج مسلسل «الحب والكوليرا» مؤخرا، والذي استطاع أن يؤكد من خلاله أسلوبه الجديد في طرح العمل الفني كونه منحازا إلى اللغة البصرية.
وأشار إلى أن مسلسل الحب والكوليرا يظهر العلاقات الاجتماعية والإنسانية في فترة الخمسينات من خلال تشابك العلاقات الحميمة والمتمثلة في العلاقات العاطفية » الحب «، حيث رصد المسلسل حالة من حالات الحب بين شاب وفتاة ضمن الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع الريفي آنذاك وفي ضوء انتشار مرض الكوليرا.
من جهة أخرى استعرض الهواري العثرات التي تواجهه باعتباره مخرجا شابا والمتمثلة بالافتقار إلى الدعم الذي يجب أن يقدم من قبل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون للفنانين الاردنيين، خصوصا أن بعض الأعمال التي يقوم التلفزيون بشرائها تبث في أوقات غير مناسبة لا تنسجم مع الأوقات المفضلة بالنسبة للمشاهدين، أو أن تحفظ في الخزائن على حد قوله دون بثها. ومشكلة الإنتاج والتي تقتصر على أشخاص معدودين، وتدني الاجور المقدمة للكادر الفني المشرف على الأعمال الفنية بما فيهم الممثلون، والتي سببها رغبة بعض المنتجين في إعداد أعمال بتكاليف قليلة وتسويقها بأعلى الأسعار. عدا عن الافتقاد إلى الوجوه الشابة الجديدة في الأعمال الفنية التي يتم طرحها، وافتقاد النصوص الجديدة التي تحمل في طياتها الرغبة في التجديد من خلال رصد المشكلات التي تواجه واقع الشباب في عصر السرعة والثورة المعرفية التي يشهدها العالم ومجابهة المشاكل التي تواجههم وإظهارها للمجتمع.
وعبر الهواري عن سعادته بما يقدمه من أعمال فنية كونه يسترجع فيها العمل الأردني ويضعه على خارطة الدراما من خلال تقديم كل ما هو مميز ليلقى استحسان المشاهد العربي عامة والأردني على وجه الخصوص، واظهر حرصه على تطوير الدراما الأردنية وتجسيدها من منظور شبابي جديد.
