أبواب-وليد سليمان
مشهد ضخم ومهيب إنه المدرج الروماني الذي يقع في قلب العاصمة عمان ، وهو من أعظم الآثار الرومانية في الاردن وبلاد الشام ، و من أجمل وأشهر الأماكن الأثرية والسياحية بمدرجاته وأعمدته الشامخة أمام المدرج ، حيث يزوره الناس ويتجولون بين أقسامه ويجلسون على مدرجاته العالية للفرجة و الإستمتاع بأوقات جمىيلة ، وكذلك يمكن للزائرين لهذا الموقع زيارة المدرج الصغير بجانبه المسمى بالمدرج الشتوي .
أنه تأمل ورجوع بالذكرى لمعرفة جذر عمان القديم ! فقد كان أمام المدرج ساحة ترابية شاسعة تسمى بِ الميدان حيث كانت ملتقى أهل عمان قديماً في ايام الاعياد تقام فيه كل انواع الفرح المرح من المراجيح والدبكات وباعة التسالي ، أشبه بالمهرجان السنوي .
المدرج الروماني في التاريخ
و من حول المدرج الروماني و بجانبه أول ديوان أميري لمؤسس الاردن المغفور له الملك عبدالله الأول ابن الحسين ، وكذلك اول مبنى لرئاسة وزراء أردنية ، وقيادة الجيش ، وأول مكتب للبريد في الاردن ،كذلك أشهر فندق فخم « فندق فيلادلفيا « ، والمدرسة الشهيرة « المدرسة العسبلية ، ومن فوق المدرج الروماني قصر الأمير نايف بن عبدالله ، والذي تحول الآن لمركز ثقافي « بيت الشِعر « .
وتشير بعض المراجع الى عدة تسميات للمدرج منها : «المسرح الروماني» و « درج فرعون « و « الملعب الروماني « و « ملعب سليمان « والذي يقع على سفح جبل الجوفة ، وقد بُني تخليداً لزيارة الامبراطور مادريانوس لعمَّان»فيلادلفيا»القرن الثاني الميلادي»130م» ، وتمَّ بناء المدرج بين عامي 138 و161م ، إبان عهد القيصر أنطونيوس بيوس ، وكان المدرج ـ المسرح يُـستعمل للعروض المسرحية والغنائية ، وحفلات المبارزة والمصارعة بين الرجال و بين الوحوش كالأُسود ، ذلك للترفيه عن الشعب وللتسلية والثقافة .. وكان يتسع المدرج لحوالي عشرة آلاف متفرج .
وبعد فترات طويلة ..وبعد ان شهد فيها المدرج عصره الذهبي بدأت عوامل الإهمال تفقده بريقه !! حتى أصبح في القرون المتأخرة مجرد كومة من الحجارة ! .
وفي صورة قديمة للمدرج الروماني سنة ترجع للعام 1900 لاحظنا امام المدرج بيوت الشركس التي بُني بعضها بقطع الاثار، وبالأعلى على جبل القلعة مبنى السراي الحكومي العثماني الكبير وكان موصولا بالاسلاك الكهربائية للتلغراف الواصل ما بين عمان و السلط ونابلس وعامود المرجة في دمشق .
وبدأ الاهتمام بالمدرج الروماني كمكان للسكن - رغم أنه كان أشبه بخرابة - في العام 1878 عندما هاجر الشراكسة من بلادهم قفقاسيا ، فقد جاءت عدة عائلات شركسية أيام الحُكم العثماني الى عمان وسكنت في مداخل و كهوف المدرج ، وبنى البعض منهم بيوت طينية هناك .
وبعد تأسيس الإمارة الأردنية في عام 1921 م أولى الأميرعبدالله المؤسًّـس إهتماما بالغا بالمعالم الأثرية التي يزخر بها الأردن فعين صديقه المفكر التركي رضا توفيق مديرا للآثار»بمثابة وزير» في حكومة الرئيس حسن خالد أبوالهدى عام 1926 ، وبدأت إدارة الآثار عملية إعادة ترميم المدرج الروماني الذي كان في حالة يُـرثى لها من الإهمال ، وتم بعد ذلك على فترات أخرى ترميم المدرج بشكل رائع وجميل كما يبدو الآن .
حفلات غناء و ملاكمة !
وقد شهد المدرج في فترة الستينات والسبعينات وما بعد ذلك من القرن الماضي عدداً من الحفلات التاريخية التي كانت جديدة تماما على جمهور عمان آنذاك: فقد شهد المدرج حفل تزلج على الجليد، وشهد حفلا لموسيقى الجاز شارك فيه ديوك ألنغتون الذي كان آنذاك أحد أبرز موسيقيي الجاز، وحفلات أخرى شاركت فيها فرق شهيرة آنذاك مثل فرقة رضا المصرية، وموسيقيون ومطربون مشهورون أردنيون وعرب مثل: فريد الأطرش، ووديع الصافي وكاظم الساهر ...الخ .حتى ان مسرحية شكسبير « حلم ليلة صيف « عُرضت على مسرح المدرج الروماني في منتصف السبعينات وحضرها جمع غفير جداً من الجمهور الاردني .
ولم تقتصر الأنشطة التي كانت تقام على المدرج على الفنون، بل تعدتها إلى المصارعة والملاكمة.. وما زال كثير من الأردنيين يتذكرون مباراة الملاكمة الشهيرة التي جرت في مطلع العام 1967 بين فهد الطنبور وأديب الدسوقي الملقب آنذاك «بطل فلسطين والاردن والشرق الأوسط « .
والمدرجات فيه مقسمة إلى 44 صفا، في ثلاث مجموعات رئيسية. كانت مجموعة الصفوف الأولى تستعمل لعلية القوم وكبار الشخصيات، بينما كانت مجموعات الصفوف الثانية والثالثة مخصصة لباقي الشعب أيام الرومان .
وهناك غرف خلف منصة المسرح، يستعملها الفنانون لتغيير ثيابهم وللتحضير للظهور أمام الجمهور. وكان هناك معبد صغير في أعلى المسرح، منحوت في الصخر، كان به تماثيل للآلهة الرومانية.
وهذه الايام يوجد فيه متحفان صغيران على جانبي المسرح، متحف الحياة الشعبية ومتحف الأزياء الشعبية. الأول يحكي تطور حياة سكان الأردن واستعمالهم للأدوات والأثاث على مدى القرن السابق، وخاصة حياة الريف والبدو. المتحف الثاني يتناول مواضيع أزياءالمدن الأردنية والفلسطينية التقليدية والحلى وأدوات التزيين التي تستعملها النساء.
متحف الحياة الشعبية
يقع هذا المتحف في القسم الغربي من المدرج الروماني. وقد تم افتتاحه عام 1975م ويضم هذا المتحف معروضات تمثل الحياة الأردنية بتنوع ثقافاتها.
- ثقافة البدو (الصحراء)
- ثقافة الفلاحين في الأرياف والقرى
- ثقافة المدن والبلدات
وتمثل هذه المعروضات العديد من الأدوات المستعملة في الحياة اليومية منذ بداية القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين.
و توجد في المعرض نماذج لملابس الرجال والنساء من مناطق مختلفة من الأردن.
و الأدوات التي كانت شائعة الإستخدام في الحياة اليومية لتحضير الطعام، وإعداد القهوة والشاي وصنع الخبز وغيرذلك .
المتحف الشعبي للحلي والأزياء
تم تأسيس المتحف الشعبي للحلي والأزياء عام 1971. وقد أنشئ المتحف في القسم الشرقي من المسرح الروماني في عمان، بهدف جمع التراث الشعبي الأردني والفلسطيني من جميع أنحاء الأردن ذلك لحماية وحفظ هذا التراث و تقديمه للأجيال القادمة. كما ويهدف المتحف الى إبراز تراثنا الشعبي وتقديمه للعالم أجمع.
يحتوي المتحف على خمس قاعات للعرض، خصصت القاعة الأولى منها لأزياء الضفة الشرقية من مختلف المناطق. اما القاعة الثانية فيعرض فيها مجموعة المجوهرات التقليدية والمستحضرات التجميلية لمختلف المناطق في الضفة الغربية والشرقية.
وتحتوي القاعة الثالثة على مجموعة من الأزياء الفلسطينية وأغطية الرأس، بينما تضم القاعة الرابعة مجموعة من أدوات الطبخ الشعبية المصنوعة من الفخار و الخشب بالإضافة إلى مجموعة من الحلي والملابس الفضية وملابس العروس في الضفة الغربية، أما القاعة الخامسة والموجودة في القبو التابع للمدرج الروماني، فتعرض فيها مجموعة من الفسيفساء العائدة لكنائس بيزنطية من جرش ومأدبا .