بوح القرى ..

تاريخ النشر : الثلاثاء 12:00 2-2-2016

كتابة وتصوير -  مفلح العدوان


العقبة وقراها.. ذاكرة «أيلة» وجوارها (3)



ما زال الموج على العهد القديم !
هو يدرك بأن للذاكرة حضور عابر لكل الأزمنة، حيث يتجلى التاريخ ناصعا، شفيفا، عميقا، يكوّن في مجمله مخطوط العقبة، وهي أيلة التي كلما قلبنا صفحات تجليات مقامها ازددنا قربا منها.
وأرى في إحدى صفحات كتاب أيلة، ذات فجر بهيّ، حين سرى يحنة بن رؤبة، من العقبة الى تبوك ، حاملا صليبه، مرددا «أبانا الذي في السماء!!»، كان هذا سنة 9هـ/630م، وكانت تسير معه آمال البر والبحر، ومعه توق الصدف والمحار، ويسري بقلبه سلام مثل نسيم الصباح، يريحه أن الذي هو ذاهب اليه نبي سماحته تتسع البحر، وسلامه يغطي الأرض والسماء.
 ينطق يوحنا بن رؤبة برسالة المحبة، حين يصل إلى النبي محمد، فيعطيه بمحبة أيضا، الرسول، عهد الأمن والأمان، كاتبا له:
(بسم الله الرحمن الرحيم: هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة أساقفهم وسائرهم في البر والبحر. لهم ذمة الله وذمة النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وإنه لا يحل أن يمنعون ماء يريدونه ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر). هذا كتاب جيهم بن الصلت، وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرحالة العبدري
كما أنه كتب عن أيلة الكثير من الرحالة الذين مروا بها، ومنهم الرحالة العبدري، صاحب الرحلة المغربية، حيث قال: «ومن بئر النخل الى عقبة أيلة ثلاثة أيام، والغالب في ورودها الربيع، وهناك قُصير وأثر بناء قديم وهو موضع مدينة أيلة، وماؤها أحساء من الرمل يقطع الخليج الداخل من بحر القلزم المذكور إلى صوب الشام إلى طريق الشام والإحساء المذكورة في ساحل البحر، وإذا طمت الموجة كستها، ومع ذلك ما أثر فيها ماء البحر، فسبحان من لا غاية لغرائب صنعه ولا حيلة في إعطائه ومنعه. وأيلة معدودة من كور مصر، وفيها عدها البكري، وجعلها القاضي صاعد حد طول مصر، وقد ذكرها القاضي عياض في (مشارقه) وغلط فيها، فحكى عن أبي عبيدة أنها مدينة على شاطىء البحر من بلاد الشام، وهي نصف الطريق من فسطاط مصر الى مكة. وذكرها المتيجي صاحب الرسالة في القبلة في رسالته فقال: إن منها الى مكة نصف شهر، فغلط فيها كما رأيت وذلك غير مستنكر فإن من لم يشاهد الشىء يصعب عليه وصفه، وقلّ ما يسلم فيه من الغلط. وعقبة أيلة المذكورة عقبة كؤود شاقة طويلة، مسافتها نحو من خمسة أميال، تضرّ بالناس وتقتل الجمال وخصوصا في الرجوع، وهي من الذهاب حدور. وأيلة من أسواق الركب الكبار، وربما أقام بها يومين وثلاثة لأنها مجمع المصريين والشاميين يتحينونها في طلوع الركب ورجوعه بأنواع المبيعات ولا سيما الطعام، وربما كثر بها حتى يزيد سعره على سعر الشام ومصر؛ لأن الجالب إليها لا بدّ له من البيع لبُعْد وعدم المستعتب، وكثير من الحجاج من يتجهز منها، ولكن الأمل ربما غرّ فضرّ، وقديما قالوا عش ولا تغتر، وقد كان كثير من الناس رجو رخصا لرخص الشام، فلم يكملوا جهازهم من مصر، فلما اتيناها بلغت به ويبة الدقيق ستة عشر درهما، ثم انتهت إلى أكثر وإلى العدم، والويبة المصرية ستة عشر قدحا، وقدحهم أقل من المد الحفصي، والصرف اثنان وعشرون درهما بدينار يوسفي، فكان حساب الويبة قريبا من ثلاثة أرباع الدينار، فلما صدر الحجاج كثر الجلب اليها لما رأوا من غلائها فلم تزد بها الويبة على ثلاثة دراهم وانتهى الى أن لم يوجد له مشتر فرجعوا به الى الشام».

خالد البلوي
ويشير الى أيلة، كذلك، الرحالة المغربي خالد البلوي، الذي مر بها في طريق عودته من أداء الحج، حيث قال: «وخرجنا منها (يقصد ينبع) ضحوة يوم الإثنين الثامن والعشرين لذي الحجة (سنة 737هـ/1336م)، وسرنا والقيظ يشتد حرّه، والهجير يتلظى جمره، إلى أن وردنا ماء العقبة الكبرى على ساحل البحر، وهي التي تسمى عقبة أيلة، يجتمع عندها الناس من الشام ومصر وغيرهما للقاء الركبان، والسؤال عن الأحباب والإخوان:
(عارضا بي ركب الحجاز أسائله/ متى عهده بأيام جَمْعِ
واستملأ حديث من سكن الخيف/ لا تكتباه إلا بدمعي
فاتني أن أرى الديار بطرفي/ فلعلي أرى الديار بسمعي).
وصلنا إليها في ضحى يوم الخميس السادس عشر لشهر الله المحرم مفتتح عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة، ثم تقسمت الركبان فبعض انقلب الى الديار المصرية، وبعض ذهب الى البلاد الشامية:
(ألا بلَّغ الله الحمى من يريده/ وبلَّغ أكناف اللوى من يريدها).
فكنت ممن آثر زيارة تلك البقاع السامية الكريمة، واستخار الله تعالى فاختار له افضل الغنيمة، ورحلنا من العقبة في ليلة يوم السبت الثامن عشر من شهر الله المحرم المذكور، فأول ماء لقيناه بعد العقبة ماء غضيان، ثم ماء الغمر، ثم ماء التيجان».

«دُرر الفرائد المنظمة»
يورد الدكتور المهدي عيد الرواضية في الجزء الأول من «مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه»، كثيرا من كتابات الرحالة هؤلاء حول أيلة، حيث يشير الى ما كتبه الجزيري في (درر الفرائد المنظمة)، الذي أورد أخبار كثيرة عن طرق الحج، وأفاض في ذكرها، لما لها من أهمية في طريق حاج مصر، حيث قال في حج سنة 971هـ/1563م: «وكان وصول الركب -المصري- الى عقبة أيلة يوم الخميس رابع صفر الخير، فوجد الملاقاة بكثرة، غير أن الأسعار غالية، أُبيع البقسماط بنصف الرطل، والفول المجروش كل ربع بأربعة أنصاف، ونزل سعره الى نصفين وعثماني، والجبن الحالوم بنصفين وعثماني كل رطل. وأقام بمناخ عقبة أيلة اليوم الأول والثاني ورحل سحر يوم الثالث الى السطح (سطح عقبة أيلة)».
ثم قال: «وفي طريق العودة كان وصول الركب الى عقبة أيلة يوم السبت خامس عشر المحرم، فلما حل الركب بالمناخ، لم يجد للملاقاة أثرا، ولم يسمع عنها خبرا، فتضرر أهل الركب لاحتياجهم الى كراء الجمال لإراحة جمالهم العيّانة، ولشراء المأكولات والعليق، واشتد احتياج أمير الحاج الى العليق لجماله، فأقام الثلاثة أيام المعتادة، ولم تأكل جماله شيئا، ووقع القحط والغلاء بعقبة أيلة».

الحفائر.. والسوق الكبير
وفي موقع آخر يقول الجزيري: «وسطح العقبة: قاع أَفْيَح، ويوجد بأرضه ماء المطر في أوقات. ينزل الركب بآخره بالقرب من رأس النقب، ويستعد للنزول منه... وقد استجد بها النخل الذي على ساحل البحر، وبعض حدائق بالوادي والساحل، وجميع ذلك لبني عطية من الحويطات، وإنما لقبوا بذلك لما بنوه من بعض الحيطان على النخل، ولغيرهم منه جانب يسير استجده بعدهم، والجميع من بني عطية.
وبعقبة أيلة آبار منها في داخل الخان واحدة، وماؤها عذب سايغ من بناء السلطان الغوري مع الخان، وفي الخارج بئران داخل النخل، وماؤها عذب وهما منهل الحاج، وبئران خارج النخل حيث الفضاء، وماؤهما دون ذلك، يسمونها آبار العرب، وكل من أراد الماء بقُربه هناك فليحفر من الأرض مقدارا قريبا، يرى ماء عذبا أحسن من ماء الآبار، وتختلف الحفائر في العذوبة فبعضها أحلى من بعض وأعذب والله أعلم. ومدة الإقامة بالمناخ ثلاثة أيام بيوم الدخول اليه في الذهاب، ومثلها في الإياب. وفي رجوع الحجاج والتجار اليها جرت العادة أن صاحب المكوس الملتزم بماله إما أن يحضر بنفسه أو يجهز من يعتمد عليه إليها ومعه المفتش والظلمة والأعوان، للفحص على القماش والبهار، وما عساه أن يحضر صحبة أهل الركب، فيفتشون، ويضبطون سائر ما يحضر صحبة الحجاج من ذلك، ويكتبونه بدفاترهم، عند وصول القافلة، يحوشون للحمل هناك بالعنف والشدة، ويستمر صحبة المكّاسة الى خان العادل وترتيبه خارج القاهرة فيعوق هناك، الى أن يأخذوا العُشر من كل صنف إذا أنصفوا، فلما ولي الرجل الصالح علي باشا على مصر، أمر في عام سبعة وستين صاحب المكس أن يعفي تجار درب الحاج من نصف العُشر إكراما لهم، ويؤخذ منهم نصف العُشر فقط، وجهّز مثالا الى أمير الحاج بعقبة أيلة يأمره بإظهار النداء بذلك لجماعة التجار، ففعل ذلك وكثر الدعاء من الوفد، وعقب ذلك موته في سادس من صفر الخير عام ثمان وستين.
ويُنصب بالمناخ سوق كبير، فيه البضائع والفواكه ما لا يوجد في غيره، وقد يتفق فيه بعض الأوقات من كثرة الفواكه والثمار، والزبيب، والقراصيا، واللوز الغزّي، والرمان، والعنب والتفاح والكمثرى، والجوز المجلوب من غزة والكرك والشوبك والقدس والطور، ما لا يوجد في غيره إلا بأعلى ثمن، ويُجلب اليها صحبة الركب الغزّي والباعة منها: الدبس والدقيق، والشعير، والزيت، والشيرج، وبها الأغنام واللبن، والحشيش لعلوفة الجمال، والتمر الصادق الحلاوة الحسن الرؤية، والعسل النحل، وتباع بها المحكات المأخوذة من البحر الملح، ورأيت بها ملحا نقيا في شكل قوالب السكر يباع بسوقها زمن المواسم، لا يشك من رآه أنه سكر طبرزذ، فسألت عن صناعته فأخبرت أنه طلّ ينزل ليلا، فتوضع القوالب الفخار في سطوح الخان ليلا، وتصبح مملؤة جامدة وتباع، وهذا من غريب ما يحكى، ويوجد بها الخيل والبغال والحمير والجمال والمحاور والشقادف وسائر ما يحتاج اليه الركب والرجال الخدامة. وأيلة آخر حد مصر وأول الحجاز، وبالجميلة فهو منهل عذيّ على أهل الركب يحصل لهم به ومنه غاية الرفق من كل مطلوب، حتى ما يلبسه البردان من الفرو الغزاوي، والبشوت وغير ذلك. ولقد مرّ لنا في هذا المنهل طيب أوقات، ونعم وخيرات، سارت وصارت في زمننا هذا من أعداد السمر والحكايات، مع أمراء أماثل سادة، وأخيار ينتظمون في سلك السيادة والسعادة».

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}