العقبة - رياض القطامين - قلعة العقبة الاسلامية شاهد على عراقة تاريخ مدينتها حيث الامم والحضارات المتلاحقة والعابرة من الشاطىء الاوسط، تستوقف الزائر لقراءة الماضي واستشراف المستقبل وتشكل سجلاً تاريخياً لمدينة الشمس والبحر والرمال عرفها القادة والعلماء والتجار منذ آلاف السنين.
فبعد ان دمر الصليبيون ايله (العقبة) وطردهم منها صلاح الدين الايوبي عادوا اليها ليجدوا الظاهر بيبرس لهم بالمرصاد فاخرجهم منها وبنى فيها قلعة ذات براج دائري ووضع عليها شعاره وهو عبارة عن اسدين متقابلين ومنذ ذلك الحين عادت الحياة لتنبض من جديد في عروق العقبة وازقتها.
وفي العصر المملوكي كانت قلعة العقبة محطة للحجاج والتجار ومقصورة ملكية للملوك والامراء المماليك ينزلون فيها اثناء طريقهم الى الحج وفيها نزلت الملكة شجرة الدر .. ومنها انطلق الظاهر بيبرس للحجاز .. وعلى انقاض قلعتها بنى قانصوه الغوري قلعة العقبة الحالية وسماها (خان العقبة) واصلح طرقها وحفر بها بئراً كبيراً وانشأ لها مرفأ بحرياً، فكانت من ثغور الدولة المهمة ووضع فيها حامية عسكرية كانت نواة مدينة العقبة الحديثة.
ويقول الباحث عبدالله المنزلاوي المتخصص في شؤون العقبة لقد حملت القلعة تفاصيل حياة العقبة منذ نشوئها فيها سكن الناس واليها التجأوا في الحروب وفيها عقدوا اسواقهم فباعوا واشتروا وظلت القلعة المعلم الرئيسي للمدينة حتى عصرنا الحديث يرتادها السياح من كافة اقطار المعمورة.
وفي عام 1917، كانت قلعة العقبة المحطة الاردنية الاولى لقوات الثورة العربية الكبرى ومنطلقها الى ارجاء الوطن العربي الكبير فيها نزل احرار العرب ومنها انطلقت ثورتهم وفي باحاتها وقف الشريف الحسين بن علي ليعلن استمرار التحرير العربي فكانت قلعة العقبة مرتكزهم ومؤنهم.. وانشأوا فيها غرف الجند ومستودعات السلاح ومخازن المؤونات وبقيت القلعة حامية العقبة تنتظر شيخها حتى حل بها عام 1924 فنزل شريف العرب الحسين بن علي في ساحاتها واقام خيامه تحت ظلالها.
وما ان وصلت سفينة الشريف الى ميناء العقبة حتى وجد اهالي المدينة قد استعدوا لاستقباله فزينوا الشوارع ورفعوا الاعلام ونصبوا سعف النخيل ترحيباً بالشريف وعلى رصيف الميناء اصطفت جموع المستقبلين من اهالي العقبة والبدو والوفود الاخرى والجنود والموظفين لاستقبال الشريف وقد نزل الى الرصيف وصافح الجميع ثم تحرك الموكب وسط هتافات الاهالي الى دار الحكومة المجاورة الى قلعة العقبة.
وبدأت العقبة تستقبل جموع المهنئين والمبايعين وبدأ الشريف بترتيب اوضاعه في المدينة وكان لاهالي العقبة النصيب الأكبر في هذه الترتيبات فقد افرد الشريف لوجوه العشائر اماكن خاصة في ديوانه واصبح لكل واحد محله الخاص في خيمة الشريف.
اختلف الباحثون في تاريخ قلعة العقبة اذ نسبها معظمهم الى السلطان المملوكي قانصوه الغوري اخر السلاطين المماليك استناداً الى النص الكتابي المنقوش داخل القلعة وارجعها البعض الى اقدم من ذلك الى فترة الظاهر بيبرس.