المسلسلات البدوية ومواكبة التغيرات في المجتمع الاردني

المسلسلات البدوية ومواكبة التغيرات في المجتمع الاردني

ابراهيم السواعير - تشترك المسلسلات البدوية المحلية بشكل عام - لا يخلو من استثناءات - في مواضيع اجتماعية متشابهة الى حد ما كقضايا الخير والشر، وتنقل زعيم القبيلة او بطل المسلسل من مكان لآخر او من قبيلة لأخرى، وخاصة عندما تُحاك ضده المؤامرات وتحبك بشكل يؤدي الى ابتعاده عن القبيلة ليصفو الجو لاعدائه، والذين هم غالباً من الحاقدين عليه لسبب اجتماعي في محاولتهم الظفر بالسيادة مكانه، او طمعاً بمحبوبة هذا الشيخ او الزعيم او «عقيد القوم» كما يسمى، او لأنه يشكل عليهم خطراً يتهدد مصالحهم وتنفيذ خططهم ومؤامراتهم فتشترك قبائل عديدة في هذا المسلسل او ذلك، وتتأزم الاحداث فيظهر في الحلقات الاخيرة منتصفها شيخ القبيلة او البطل بمظهر الفارس الذي تنتصر على مكائد اعدائه وخصومه واتى لهم بعد عناء طويل قضاه في السفر والترحال ، وتقمص خلالها شخصية الراعي او الخادم (اللاحوق) مع ما يظهر خلال ذلك من امارات تدل على فروسيته وشجاعته مثل (رد الطرش - الاغنام) وخصاله الحميدة ووقوع ابنة الشيخ او جميلات القبيلة بحبه، وما يتخلل ذلك من مكائد جديدة فتتعاون عمصابات الشر ضد هذا الفارس لكنه يخرج منها منتصراً في كل موقف جديد.
ولا بد أن تتضمن المسلسلات البدوية كثيراً من المواقف الكوميدية والتي يقوم بلعبها اشخاص غالباً ما يكونون من الرعاة والذين ليس لهم ادنى هم في حياتهم غير الغناء والطرب واللعب على آلة الناي والمشاجرة فيما بينهم، وقد يوظفون لاغراض اخرى مثل الاحتكاك مع القبائل الاخرى وخاصة عند ورود الاغنام الى (الغدير) - مكان تجمع الماء - والنزاع على المراعي والكلأ وما الى ذلك، فتنشأ صراعات وحروب، وقد تتطور الى تحالفات بين القبائل بوجه عام ولا بد هنا - كما هي العادة - من وجود علاقات حب هي شبه محرمة او محكوم عليها بالاعدام بين بعض افراد هذه القبيلة وخاصة ابن شيخها وبعض بنات تلك القبيلة الفقيرات او بينه وبين ابنة احد شيوخ القبائل الاخرى، ومع تطور الاحداث يكون هذا الحب نواة لحب اكبر بين القبيلتين، وهو وجود علاقات الود والزواج والنسب والاحترام المتبادل.
كذلك فإن الربابة او شاعر القبيلة يطرب اسماع افرادها بما لديه من اشعار تحت على الكرم والاخلاق والمعاني الفضيلة، وفي هذا المجال فإن المحب او الفارس يتجلى في هذا النوع من القصائد التي تصف بعده عن حبيبته وارساله الالغاز اليها عن طريق الشعراء المتكسبين فتقيم هي ما يوجه اليها وترد بالمثل ... وهكذا.
ولا بد من ان يتضمن المسلسل كما هي العادة تمسك القبيلة ببعض المعاني الاجتماعية مثل احقية ابن العم بابنة عمه، و(تنزيلها من ظهر الفرس). ومدى الظلم الذي قد ينشأ حين لا توافق على ابن عمها، فتظل تناضل من اجل اخذ ما تريد او ابعاده عن طريقها، وهنا يظهر دور الاسلام في استشارة البنت واخذ رأيها للزواج وهذا دور يضطلع به ابو البنت او عمها او شيخ القبيلة كل يحسب دوره في المسلسل.
هذا اذن عرض وملخص لسر الدراما المحلية في كثير من المسلسلات البدوية وكلها تتضمن ما سبق الاشارة اليه من قريب او بعيد.
ولأن السؤال الذي يلح في كثير من الاحيان : هل هذه هي البادية عموماً وهل هذه هي البادية الاردنية بوجه خاص؟ وهل ثمة اختلاف بين ما يعرض وبين ما يعيشه ابناؤها من هموم ومشاكل؟ وهل اصبح المسلسل المحلي البدوي فلكلورياً بحتاً يذكر بالماضي البعيد ويحث عليه؟ ام انه لم يعد بامكانه اغفال المتغيرات الكثيرة المؤثرة فيه والمتعلقة بعقلية المشاهد وتطور الحياة وتعدد مناحي الاحتكاك والصلة بين مكان الوطن الواحد، وحتى المجتمع الواسع الواحد، بل وفي ظل عولمة شاملة جعلت من العالم كله قرية صغيرة يسافر اليها الناس بلا حدود عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة ووسائل المعرفة والاتصال المتعددة؟ بل وهل بقي هنالك بادية في ظل ذلك؟ وما معناها؟ وهل ظواهرها تقتصر على الترحال والتنقل ، ام ان التسمية لها ابعاد ومضامين اخرى؟
يقول محمود العبدالله وهو مزارع في احدى قرى معان: شأني شأن كل المواطنين اجد في المسلسل المحلي راحة وانسجاماً ومتنفساً بعد يوم مليء بالتعب والهموم والمشاكل واتابعه كلما كان ذلك ممكناً وعند سؤاله عن المسلسل المحلي البدوي، وما يمكن ان يبديه من ملاحظات حوله قال ان المسلسل البدوي مريح على الغالب لعدة مزايا تتوفر فيه ومنها مدى القرب الاجتماعي الفهم والادراك لمضامينه وسهولة النصائح التي يحويها في جو من الشعر العربي الاصيل والمرتبط بجذور البادية . ثم اردف قائلاً - وعند سؤاله عن تكرار القصص في اغلب المسلسلات البدوية - ان ذلك حاصل بالفعل ولكن لا يملك الانسان العادي منا الا ان يتابع المسلسل من بداياته وحتى نهاياته، ويعيش معه لحظة بلحظة . وقال انه يفضل المسلسل المحلي البدوي على غيره من المسلسلات وما يزال يعتبر ذلك لوناً خاصاً تفرد به التلفاز الاردني عن غيره.
وعلى نقيض من ذلك ابدى اخوه شاهر العبدالله استياءه من الاستهتار بعقول المشاهدين واغفال جوانب حياتهم الاخرى والمتعلقة بالسعي في مواجهة الهموم الاقتصادية وتعليم الابناء والبحث عن فرص عمل كفيلة بالحياة اللائقة الكريمة، ثم قال ساخراً: وكأن انسان البادية ليس له ادنى هم سوى امتطاء فرسه وارتداء اجمل ثيابه، وتزىينها بمسدسه والذهاب الى ينابيع الماء لمغازلة الفتيات ، واعتراض طريقهن، وسرد قصصص الحب والغرام واللهفة!!
وعند سؤاله عما اذا كان هنالك تغيير في طرح القضايا الملحة لانسان البادية قال: هي اعمال قليلة تعد على الاصابع تلك التي تناولت علاقة انسان البادية بالمدينة وسعيه للنهوض بمجتمعه والرقي به.
وتحدث الطالب فارس عياد عن رأيه في المسلسل المحلي البدوي فقال إنه لا يهتم بذلك ولا شأن له بما يعرف من مسلسلات وان المسلسل المصري (العربي) لديه - ان وجد الوقت الكافي له - هو المفضل وقال ان قضايا الانترنت والاتصال والاغاني والفضائيات والبرامج المخصصة لذلك قد شغلت الناس عما كانوا يشاهدونه ويصطفون حوله من قبل.
الى هنا يبقى الامر انطباعياً ولكن ماذا عن رأي المتخصصين و ماذا يمكن ان يقال في هذا الموضوع؟
تقول «سهاد عبدالكريم» الباحثة في موضوع الاتصال الاجتماعي في احدى الجامعات الاردنية: اذا اردنا ان نعطي الموضوع حقه من التمحيص والانصاف فلا بد من الحديث عن ركنين هامين وهما: البادية اجتماعياً، والبادية جغرافياً، وملاحظة مدى ما ينشأ من قضايا تحدد المسلسل البدوي وتستوجب المزيد من القضايا الملحة.
فالبادية اجتماعياً: مجتمع يتكون من اناس عاديين لديهم نفس آلام واحلام وعواطف المجتمعات الاخرى كالمجتمع الحضري ا و مجتمع الريف او غيرهما: فالانسان هو الانسان سواء اكان في البادية او غيرها، فالامه وتطلعاته واحلامه، وشجونه، وحبه واشعاره هي ذاتها تتكرر لدى اخيه الانسان في اي بقعة اخرى من العالم عموماً، وفي اي مكان في الاردن خصوصاً، ولكن الاختلاف بين هذا وذلك هو ان انسان البادية لديه ظروف عن انسان المدينة او انسان الريف ، فالبدوي لا تتوفر لديه مقومات ا خيه الحضري مثلاً ليعالج مشاكله ، فتحتل مشاكل المعيشة وضنك العيش الهم الاكبر من حياته و قد تطغى على جزء كبير منها فيضحي بها او يلغيها ولو جزئياً وهذا مرهون بمشاكل الحياة ومتطلباتها وامكانياتها.
اما البادية جغرافياً فيمكن القول انها مساحات شاسعة من الاراضي تقطنها قبائل متعددة (وغالباً ما تقطن هذه القبائل في مناطق محددة تعرف بمضارب القبيلة الفلانية وغيرها، وتقوم هذه القبائل على الرعي وتربية الاغنام والابل وبيع منتوجاتها في فترات معينة ا لى المدينة والتجار، وشراء ادوات المعيشة ووسائلها من ملابس ومتطلبات للحياة، مثل الاحذية وسروج الخيل واعمدة البيت ومستلزماته وما الى ذلك من عتاد واسلحة وغيرها. فالبادية اذن تعترف بالتجارة وهي ليست معزولة عن المدينة ولا بحال من الاحوال.
هذا التعريف كان يمكن ان يظل ثابتاً لو بقي الحال عند هذا الحد، ولكن الذي حدث هو ان المجتمع البدوي اخذ يتوطن في نفس المناطق التي كان يشعر فيها بالاستقرار، ومع ان التوطين كان ممتداً منذ القدم لكن ا لتطوين الجديد هو توطن من نوع اخر، وهو وجود الابنية المشيدة بالطوب والاحجار والاستقرار مع وجود الرحلات المعروفة باسم (التشريق) وغيرها.
والبادية بهذا اصبحت تتحول بالتدريج الى المجتمع الريفي، ومع ان هذا الاخير يختلف بعض الاختلاف الا ان معيار التشابه بين (البادية الريفية) اذا صح القول او (البادية الحديثة) وبين المجتمع الريفي هو وجود الابنية والتي ادت الى وجود المدارس والى وجود المراكز الصحية، وهذا كله تضطلع به الحكومة عادة، ووجود الابار الارتوازية والزراعة واغلبها، ان لم يكن كلها، القمح والشعير والحبوب،... وجود ذلك ادى الى القرب من العاصمة او القرب من المدينة بشكل او بآخر فازداد الاتصال وتغلغل المجتمع البدوي بفضل الاستقرار بالمجتمع المدني بعد ان تحول الى مجتمع ريفي.
اذن فان ما نتفق عليه هو عدم انعزالية البادية الاردنية عن المجتمع الاردني في الريف والمدينة، فالقطاعات الثلاثة اصبحت تشترك في صفات كثيرة ويصعب الفصل بينها في كثير من الاحيان، وهناك ثلاثة امور رئيسة يجب التطرق اليها وهي:
اولا: اصبح المجتمع البدوي الحديث في كثير من الاحيان يحمل بدلا من اسم قبيلة الشيخ الفلاني، او عشيرة الشيخ الفلاني، اسم قرية معينة عادة ما تحمل الاسم القديم لشيخ اشتهر في هذه البلاد، او لاسم كان ذا دلالة جغرافية او تاريخية.
ثانيا: اصبح كثير من ابناء المجتمع البدوي الحديث يتصلون بالمجتمعات عن طريق العمل والتجارة والوظائف، بل وان للجامعات فيها نصيب لا بأس من ابناء البادية.
ثالثا: هناك ظواهر عامة تشترك فيها البادية والريف والمدينة مؤخرا، فالقصور والعمران والبناء الفخم ووجود الاقمار الصناعية مثلا دليل على وجود الاتصال القوي بين البادية والريف، بل وان وجود الهاتف وبيت الشعر لهو دليل قوي على مضامين الاصالة التي لا يمكن نسيانها بحال.
وترى سهاد ان ما بقي من المجتمعات البدوية في الصحراء هي مجتمعات تسعى جاهدة للاستقرار ولا يمكن تصور منطقة في الصحراء الاردنية او البادية الاردنية حاليا لا يوجد فيها بعض الابنية الدالة على الاستقرار والثبات.
وتقول إن مناقشة المسلسل البدوي ومدى تمثيله للواقع يكون بأخذ عينات من المسلسلات البدوية في مراحل وفترات مختلفة والنظر الى مدى التطور الذي لحق بها من حيث اخذ المتغيرات المشار اليها سابقا وعن رأيها الشخصي ابدت الارتياح بان المسلسل المحلي البدوي راعى ذلك ولم يهمله كله.
ويؤكد خلدون المخادمه الباحث في احدى مراكز الدراسات الاردنية: انه اذا كان الكثيرون ينتقدون المسلسل البدوي لانه يصور المجتمع البدوي منعزلا ويتخيله كما هو الحال فيما يعرض فانه لا اعتقد ان هذا التصور قد بقي في اذهان المشاهدين.
فاذا كان بعضهم لم ترق له اللهجة التي تقدم بها المسلسلات البدوي، فانه لا يختلف اثنان على ان المجتمع البدوي عموما او البدوي الريفي، او المجتمع المدني تختلف لهجاته ومفرداته ومدلولاتها وكيفية النطق بها من حيث التضخيم والاطباق، والترقيق ومخارج الحروف وغير ذلك، فكان لا بد من وجود لهجة شبه متوسطة بين الشمال والوسط والجنوب لتكون مقبولة في فهمها لدى الجميع، وقد يعترض بعض بقوله ان المجتمع الاردني عموما بات وثيق الصلة ببعضه بعضا لدرجة انه يستطيع ان يرد اي لفظة او كلمة الى اصحابها الذين يشتهرون بها ويستطيع ان يفهم دلالاتها، وهذا قد يكون صحيحا في كثير من الاحيان، الا ان الامر يختلف حين يسوق هذا العمل لخارج الاردن ولاقطار تريد لهجة تكون مفهومة، وهذا بالطبع لا يعني تجاهل لهجاتنا المحلية والتي لا بد وان تظهر في ثنايا هذه المسلسلات مهما حاول القائمون على العمل الفني توحيد اللهجة ومدلولاتها المختلفة.
ومن جهة اخرى يرى بعضهم بان الاجابة على هذه التساؤلات لا تكون الا بأخذ عينة من المسلسلات البدوية المطروحة، ومناقشتها دون الحكم الجائر من النظرة الاولى على مسلسل او اثنين عرضا على الشاشة. فقد كان المسلسل الاردني البدوي في احدى فتراته السابقة ممثلا تمثيلا صادقا يقترب من الواقع تماما، فالقبيلة وابناؤها وحروبهم مع القبائل الاخرى وقصص الحب والفروسية وانعزالية القبيلة كانت اشياء معروفة.
ومع تطور الحياة ومناحيها المختلفة، تطور المسلسل الاردني واخذ يصور المجتمع البدوي بصورة المجتمع الذي يقطن في الشتاء في منازل وبيوت الطين، او الطوب والحجر وترك ذلك في الصيف بحثا عن الكلأ والماء، وقد يكون هذا التصوير هو لمجتمع ريفي الا انه يأخذ المجتمع البدوي بين طياته مبينا ان الحالة اصبحت تقتضي الصدق في العمل الفني البدوي.
في فترات اخرى متطورة صوّر المسلسل الاردني الواقع تصويرا اكثر دقة، حيث ظهر ابناء البادية وهم يلتحقون بالمدارس والجامعات ويتبوأون المراكز المرموقة في المدينة كمعلمين او تجار او مزارعين.
وفي مسلسلات معينة كان المسلسل الاردني البدوي الريفي الحضري يتطرق الى القضاء العشائري، ومدى انسجامه مع القضاء في المحاكم ومدى الاتصال بينهما، فكل يعترف بالاخر في مشاكل القتل والاعراض وما شابه...
اما فادي العبادي المعلم في احدى مدارس عمان فيقول ان قضية المسلسل البدوي المعزول كما يتهمه بعض المشاهدين او النقاد، لا تحتاج الى كل هذا العناء والبحث، والمناداة بفشل المسلسل وعدم تصويره للواقع. فالمسلسل الذي يحتوي بين حلقاته على شيخ وقبيلة وحروب وقصص الحب والبطولة والفروسية والفخر، هو مسلسل تراثي يذكر بقضايا الصدق والكرم والعاطفة الجياشة، وحماية الجار والذود عن مكارم الاخلاق، وكل ذلك يتمثل في مجتمع بدوي هو الاصل لأي مجتمع اخر مهما تطور، فلا مانع من وجودها ما دامت تراعي بين الحين والاخر التطور والاصالة.
ويضيف العبادي ان المسلسل الاردني بعامة والبدوي بخاصة تميز به التلفاز الاردني واصبح له طعمه الخاص، بل وقد يكون الاخرون استفادوا من هذه التجربة وهذه التركيبة لبنية المسلسل من احداث وشخصيات وحبكات مع تطوير ذلك ليتناسب مع بيئات ومناطق مختلفة.
واذا كان المسلسل البدوي المحلي يمكن اعتباره فلكلوريا يذكر بالماضي العريق ويحث عليه وعلى معانيه الحميدة، ويندمج معه المشاهدون على اختلاف ثقافاتهم واعمارهم وبيئاتهم مهما كانت درجة البساطة والتركيز على  بؤرة معينة ، واغفال باقي المتغيرات - قصدا.. اذا كان كذلك فمرحبا به ولا مانع من وجوده، فالناس ترجع الى الاصيل القديم، الا ترى ان اللباس والموضة اخذت تعود يشكل او باخر الى الماضي والجذور في كل اصقاع الدنيا؟!.. الا ترى ان الناس يحبون الاحتفاظ واقتناء التحف والاواني القديمة الدالة على تراث الجذور؟.. وهم يحبون ذلك مع عدم اهمالهم للتطور والحضارة، ولكن ذلك يصبح ممتعا لو جاء وفقا لتقاليد وقيم اصيلة تكون هي بمثابة البيت الواسع الذي يسمح لساكنه بالتنقل فهي بحرية وسهولة ويسر.
وعند سؤال التاجر «حسن الكسواني» عن رأيه في ذلك اجاب بان التلفزيون الاردني راعي ذلك التطور، فلم يغفل الكاتب او المخرج عقلية المشاهد بهذا القالب المتدرج المتوازن شكلا ومضمونا. وان كثيرا من الكتاب الاردنيين هم لصيقو الصلة بالمجتمع الاردني، فصوروا ذلك بالشكل المطلوب الصادق.
اما «طايل الغرير» الشاعر الشاب، ويرى بان هناك مسلسلات محلية لها طابع خاص ومميز، كمسلسل (وجه الزمان) الذي صور المجتمع الاردني وصور تنقله المرير عبر اجيال صارعت الفقر والضيق وظروف الحياة، الى اجيال مستقرة تخدم القانون وتعمل به وله،... هذا المسلسل مثلا لا يمكن ان يقارن به مسلسل (وضحا وابن عجلان) البسيط في مضمونه واهدافه وقصته وحبكته، مع ان هذا المسلسل على بساطته تلك كان في بدايات الدراما المحلية وكان له طابعة الخاص انذاك.
وند سؤال عن مسلسلات ظهرت حديثا على السطح واتهمها بعضهم بانها مغرقة في التصوير والتطوير، قال: نعم، لقد صورت المجتمع البدوي في قالب من الحضارة وفنونها المختلفة وظواهرها المتعددة كالتلفاز واللواقط الفضائية والسيارات الفارهة والحدائق الزراعية الواسعة، ومع ان ذلك له دلالاته ايضا الا ان الاغراق في ذلك جاء بشكل غير معهود ويدعو للتأمل، ولو بين الحين والاخر!