مفرح الطراونة - اشارة للملف القيم عن الانباط الذي نشر على مدى صفحات في جريدة «الرأي» الغراء في العدد 12373 بتاريخ 6/8/2004 والعدد 12419 الصادر بتاريخ 21/9/2004 اورد الملاحظات الآتية:
* في موضوع اصل الانباط يقول الباحث باسم الطويسي في رده على سؤال، إن الانباط «خرجوا من التاريخ بعد ان دخلوا لعبة الاسترخاء» هكذا بعد ان قام آخر ملوكهم بنقل عاصمة الدولة من البتراء الى بصرى.
والحقيقة ان الذي امر بنقل عاصمة الدولة من البتراء الى بصرى هو الامبراطور تراجان قيصر الرومان الذي قضى على استقلال مملكة الانباط في عهد ملك الانباط مالك الثالث «101 - 106م» وجعلها تراجان تحت حكم حاكم سوري في عام 106 واطلق عليها اسم «المقاطعة العربية» وجعل عاصمة هذه الولاية بصرى مما ادى الى تضاؤل شأن البتراء، وكانت بصرى حتى ذلك التاريخ موقعا لا أهمية له فأمر الامبراطور تراجان بإعادة تأسيسها ويشهد على ذلك لقبها الرسمي المنقوش على عملتها وهو «بصرى الجديدة التراجانية» واصبحت بصرى قاعدة الفيلق الروماني الثالث.
ويستطرد الطويسي وضمن الجواب نفسه حول اصل الانباط فيشير الى تعدد الاتجاهات البحثية ولكنه يقول في النهاية إن الاتجاه الاقرب يؤكد بأن الانباط لم يأتوا من مكان اخر بل هم تطور اجتماعي تراكمي لحركة الجماعات العربية في حدود بلاد العرب الشمالية «دائرة الاردن التاريخية».
اما الكاتب سليمان قوابعة فيشير الى ان الانباط جاؤوا من الجزيرة العربية، في حين ان باحثين آخرين ومنهم الدكتور احمد سليم استاذ التاريخ في جامعتي الاسكندرية وبيروت العربية مؤلف «معالم تاريخ العرب قبل الاسلام «ص 150» يقول إنه من الثابت ان الانباط الاوائل هم من سكان العراق حيث ورد ذكرهم في آثار اشور منذ القرن السابع قبل الميلاد على ايام اشور بنبال وقد اتى بهم نبوخذ نصر في القرن السادس قبل الميلاد وانزلهم «البتراء» وما جاورها بعد ان انتصر على الجيش الاشوري في موقعة «حاران» ثم واصل نبوخذ نصر سيره غربا واحتل المقاطعات التي كانت تخضع للاشوريين كما تقابل مع الملك المصري «نخاو» الذي كان قد تقدم باتجاه سوريا ودارت بينهما معركة حامية بالقرب من «قرقميس» انتصر فيها نبوخذ نصر وتراجع الجيش المصري الى بلاده واكتسح نبوخذ نصر فلسطين.
هنا يبدو القول إن الانباط عراقيو الاصل اوجه من القول إنهم جاءوا مباشرة من الجزيرة العربية وفقا لما يقول القوابعة، اذ لماذا يرحلون عن ارض قاحلة ويحلون بارض قاحلة اخرى حيث كان الاجدر بهم لو سلمنا بهذه الرواية ان يتجهوا الى حوض نهر الاردن او نهر اليرموك اللذين اصبحا منهم على مرمى حجر.
اما قول الدكتور الطويسي بأنهم اصلا من البتراء وهو يؤكده فهو قول لا يسعفه منطق الامور والحديث يعود لدهور سحيقة ثبت خلالها ان ارض الرافدين كانت ارضا مأهولة لما قبل سبعة آلاف سنة، لذلك فالمرجح هو الرواية القائلة إن نبوخذ نصر هو الذي انزلهم البتراء لاسباب سياسية.
وربما تجيب الاسباب التالية التي تؤيد الاصل العراقي للانباط على رفض القوابعة لفكرة رحيل الانباط من بلاد السهول والمياه الى صخرة قاحلة.
ومن هذه الاسباب الوجيهة والمنطقية ان نبوخذ نصر اراد تكوين دولة قوية في البتراء لتقف في وجه ملك مصر الذي سبق ذكره اذا ما فكر مرة اخرى بالتقدم نحو سوريا من جهة، ومن جهة اخرى لتواجه هذه الدولة اليونان والرومان ودولة اليهود في فلسطين والتي قضى عليها نبوخذ نصر، وتؤكد ذلك الوقائع التي حدثت فيما بعد حيث امتدت اطماع المكابيين اليهود بقيادة ملكهم اسكندر جينوس الى جلعاد ومؤاب وتغلب على عرب هاتين المنطقتين فتصدى له عبادة الاول ملك الانباط في معركة جدارة «ام قيس» وهزمه وكان ذلك حوالي عام 95م مما اضطر ملك اليهود الى التخلي عن اطماعه واعادة ما استولى عليه الى ملك العرب النبطي.
اما الملك العربي رب ايل الاول 88 - 87 ق.م هزم الروم عند حملتهم الثانية على العرب، هزيمة منكرة وأحرز الانباط نصرا مؤزرا في هذه المعركة وقتل قائد الروم وفر جيشهم وهلك معظمه جوعا، كما ان الحارث الثالث هزم مملكة يهوذا في معركة عند موضع يقال له «أويدا»، حيث انهار الجيش اليهودي وتشتت شمله وعاد الانباط منتصرين الى ديارهم وقد انتهت الحروب بين اليهود والعرب بانتصار كبير سجله الحارث الرابع على هيرودوس ملك اليهود في منطقة جلعاد حيث نحاه الرومان «ملك اليهود» عن عرشه، وكانت دمشق سنة 37 تحت حكم الانباط بقيادة ملكهم ارتاس «الحارث» الملك «محب امته».
السبب الآخر الذي يرجح الاصل العراقي للانباط هو انه لا يعقل ان تكون هذه النهضة الحضارية للانباط قد اتت من فراغ، بل ربما ان نبوخذ نصر قد نقل معهم بعض المهندسين والمعماريين والفنيين وخبراء في السياسة والاقتصاد والتجارة والجيش حيث حظيت البتراء بنظام ملكي وراثي له شعار ونقود تحفر عليها صورة الملك ورموز اخرى ونظام ري واسطول بحري يحمي تجارتهم في البحر الاحمر ووحدات مقاتلة تطورت لاحقا الى جيش يتجاوز عسكره الخمسين ألفا مما مكن الانباط من تكوين مملكة مترامية الاطراف تمتد من دمشق وسهل البقاع شمالا وحتى مدائن صالح العلا في شمال الحجاز جنوبا، كما لعب بعض ملوكهم ادوارا سياسية تدعو الى الاعجاب خاصة ما يتعلق بعقد المعاهدات مع دول قوية كانت تحيط بهم ودفاعهم القوي عن هذه البقعة من الارض.
ويدعم وجاهة هذا الرأي ان مثل هذا الامر غير بعيد عن عقلية حكام العراق ماضيا وحاضرا، واشير هنا الى ما حصل ويحصل حاليا في كركوك من حيث ترحيل جماعات واحلال جماعات عربية محلهم لاسباب سياسية.
* وفي موضوع اللغة، يؤكد قوابعة ان الرسول «صلى الله عليه وسلم» امر كتبة الوحي بأن يكتبوا القرآن الكريم بالخط النسخي النبطي الاردني، ومعنى ذلك ان هذا الحرف وهذا الخط قد ظل صامدا ومتداولا ومستعملا كتابة وليس لغة تفاهم فقط على مدى ستة قرون وحتى انهيار الكيان السياسي للدولة النبطية الاردنية العربية سنة 106م ولغاية بزوغ فجر الاسلام 621م وصولا الى اليوم.
كما يقول المؤرخ السوري سهيل زكار وشريكه الدكتور ابراهيم بيضون في مؤلفهما «تاريخ العرب السياسي»: لقد استخدم الانباط اللغة الارامية كلغة رسمية واستخدموا فيما بعد ابجدية وخطا حروفه مستمدة من الآرامية واستعار اهل مكة وشمال الجزيرة العربية هذا الخط وطوروه لما ندعوه الآن الابجدية العربية ذات اصل الخط الذي نستعمله. «ص18»
وقد استدعى عبدالملك بن مروان سنة 78 هجرية «اي في اوائل القرن السابع الميلادي» والي الاردن في عهده سليمان بن سعد لينقل ديوان الشام الى العربية، حيث اكمله لسنة من يوم شروعه فيه وكان يتولاه قبل ذلك سرجون بن منصور الرومي النصراني، فهل جاء ذلك عبثا ام ان له دلالات معينة تفيد بأن اهل هذه البلاد قد حافظوا على الهوية العربية وانه لا بد كان في هذه الحضارة العظيمة الشعراء والادباء والمؤرخون والفنانون والمسرحيون رغم اضمحلال الكيان السياسي.
وهنا اشاطر الطويسي القول إن النخب الاردنية والعربية «مما اشار له الطويسي وغيره» ولأسباب كثيرة لم تكن محايدة دائما، غيبت وتجاهلت ما دار في هذه البقعة والتي لعب انسانها دورا هاما بل اساسيا على مدى تاريخ العرب والمسلمين وحافظ على هوية الأمة ولغتها فأين هم جهابذة المهتمين باللغة العربية والتاريخ الذين لم يقولوا لنا حرفا واحدا في هذا الامر.
وفي مثال آخر على تجاهل النخب الثقافية والسياسية العربية والاردنية لتاريخ هذه البقعة، أنه عندما توفي الخليفة الاموي معاوية بن يزيد في الشام اضطرب وضع الخلافة وكان ابرز الداعين لأنفسهم عبدالله بن الزبير في الحجاز حيث دانت له الكوفة والبصرة وبايعه اهل مصر واهل فلسطين.
ويذكر المسعودي ان الامر استوثق في الشام ايضا لابن الزبير، وفي حمص كان النعمان بن بشير الانصاري قد بايع له، وفي قنسرين كان زفر بن الحارث الكلابي قد بايعه، وفي خراسان عبدالله بن خازم السليمي، اي اخذت لابن الزبير البيعة على سائر منابر الاسلام ولم تبق ناحية الا مالت لابن الزبير الا اهل الاردن ورئيسها حسان بن بحدل.
وتذكر المصادر بأن ابو حنيفة الدينوري قد ذكر بأن مروان بن الحكم نفسه «المرشح للخلافة والخليفة لاحقا» كان على وشك اللحاق بعبد الله بن الزبير ليبايعه لولا ضغط من عبدالله بن زياد الذي كان قد طرد من العراق، ذلك انه كان قد رأى الناس في دمشق مختلفين فيمن يتولى الخلافة، وليقود مروان بعد ذلك جيشا الى مصر ويكون من ابرز قياداته العسكرية حسان بن بحدل زعيم الاردن حيث تدين مصر لاحقا لمروان.
اذن هل كان عبثا ان يبايع كل المسلمين وفي كل امصارهم عبدالله بن الزبير الا اهل الاردن، حيث تكون خلافة المسلمين في نهاية المطاف لبني امية كما هو رأى الاردنيين.
وهنا لا بد من التوقف عند هذا الأمر فلماذا لم يقل لنا المهتمون بالتاريخ السياسي للأمة من النخبة العربية والاردنية بشكل خاص لماذا كان هذا رأي الاردنيين اذا لم يكن توجههم هذا يختزن بداخله فكرا وثقافة ثبت في النهاية انه كان مبنيا على اسس وانه استشرف المستقبل.
ان في التجاهل والتعتيم المتعمد لذكر اسم الاردن ودور اهل الاردن من قبل من تصدوا لكتابة التاريخ حسب هواهم السياسي، مما يدعو الى الحزن عليهم وعلى الاجيال التي درست على ايديهم لأن التاريخ موجود والمراجع متاحة ولا يمكن لشخص ان يغطي الشمس بغرباله. واقصد هنا المؤرخ السوري الدكتور «سهيل زكار» والذي خرج اجيالا من الطلبة، حيث يذكر الحوادث والاعلام كما ذكرتها معظم المراجع الا اسم الاردن ودور الاردنيين البارز ينتزعه من مكانه اينما ورد ذلك في مؤلفه السابق ذكره، حيث يقول في الصفحة 129 من مؤلفه:
«وهكذا قوي موقف بن الزبير جدا بانضمام القيسية اليه في الشام والعراق وخراسان، ولم تلبث مصر ان انضمت اليه، فأصبح بذلك الشخصية الاولى في العالم الاسلامي بينما ضعف شأن الامويين وانكفأوا في دمشق لا يحظون بتأييد سوى تأييد ابن بحدل الكليبي زعيم فلسطين وبعض القبائل اليمانية الاخرى».
وهنا اريد ان اصحح الدكتور زكار لعل وعسى ان يعيد اسم الاردن الى مكانه في طبعاته القادمة من التاريخ وأنصحه بالرجوع الى مؤلف «التاريخ السياسي والحضاري للدولة العربية» للدكتور عبدالعزيز سالم استاذ التاريخ الاسلامي والحضارة الاسلامية ورئيس قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الاسكندرية ومرجعه في ذلك اليعقوبي «ج 2 ص 145 - 146» حيث يقول:
«ولم تبق ناحية الا مالت الى ابن الزبير باستثناء الاردن ورئيسها حسان بن بحدل وكان عاملا لمعاوية ولابنه يزيد على فلسطين فسار الى الاردن واستخلف على فلسطين روح بن زنباع الجذامي فثار نائل بن قيسي على روح بن زنباع واخرجه من فلسطين وبايع لابن الزبير».
ويظهر هنا الخطأ الفاحش المشحون بالهوى للدكتور زكار وشريكه، ففلسطين لم تبايع الأمويين بل بايعت ابن الزبير، وابن بحدل كان قد ترك فلسطين واصبح واليا على الاردن عندما رفض الاردنيون مبايعة ابن الزبير، بل بايعوا مروان بن الحكم.
ومن فرط حساسية الدكتور زكار وشريكه من كلمة «الاردن» اسما ودورا، يقولان في معرض حديثهما عن التنظيمات الادارية في الشام في عهد معاوية وبنفس مؤلفهما «ص 94» بأن معاوية اعتمد في تنظيم ادارته على الاسس العامة التي وضعها الخليفة عمر بن الخطاب فاستبقى الجهاز الاداري القديم بموظفيه من نصارى الشام يكتبون باليونانية وهي اللغة التي ظلت وقتا غير قصير لغة الدواوين في الشام».
ولم يكمل المؤلفان المعلومة سابقة الذكر كما اسلفنا عندما امر عبدالملك بن مروان والي الاردن سليمان بن سعد الاردن لنقل ديوان الشام الى العربية، وهي معلومة في غاية الاهمية، ولكنهما تجاهلاها واخفياها عن المتابعين والمهتمين بدراسة التاريخ.
وفي مجال ولاية معاوية يقول الباحثان في مؤلفهما «ص 73» بأنه بعد موت يزيد وغيره من قادة الفتح الكبار في طاعون عمواس «18 هجرية - 639م» ولاه الخليفة عمر بن الخطاب اميرا على سائر اجناد الشام دون ان يذكرا مصدرا في حين ان الدكتور عبدالعزيز سالم يقول حرفيا: «تولى معاوية بعد وفاة اخيه يزيد على دمشق واعمالها ثم ولاه عمر الاردن بدلا من شرحبيل بن حسنة»، ومصدره في ذلك البلاذري «فتوح البلدان» «ج 1 ص 169» وذلك يعني ان الاردن لم تكن من اعمال دمشق، بل كانت ولاية منفصلة.
وفي مقام آخر وحول انطلاق الدعوة العباسية يذكر الدكتور زكار وشريكه على الصفحة «206» من مؤلفهما، بأن ابا هاشم عبدالله بن محمد ابن الحنفية الذي كان صاحب الدعوة الكيسانية الشيعية مات في الحميمة قرب البحر الميت اثناء زيارته لمحمد بن علي بن عبدالله بن العباس صاحب الدعوة العباسية الجديدة والذي كان يسكن بتلك المنطقة، ولم يذكرا لطلبتهما ومتابعي مؤلفاتهما في مغرب الوطن العربي ومشرقه بأن الحميمة هي ارض اردنية لأنها اذا كانت قرب البحر الميت فيحتمل ان تكون في الاردن او في فلسطين لمن كان لا يعرف الجغرافيا.
والملفت ان كلمة الاردن لم ترد في مؤلف الاستاذين «الذي كان مقررا على طلبة التاريخ في جامعة دمشق منذ حوالي ثلاثين سنة» ولم ألحظ هذه الكلمة الا في مرات نادرة كالقول «وادي الاردن» و «جند الاردن» وترد بهذا الشكل وربما لأن المصادر تجبر المولفين على ذلك. والملفت ايضا ان المؤرخ زكار وشريكه استكثرا علينا كلمة «جند الاردن» فقالا في المؤلف نفسه «ص 322».
وقد جعل العرب المسلمون بعد فتحهم لللشام هذه البلاد خمسة اجزاء او مناطق عسكرية اطلق على كل منها اسم الجند وهي جند فلسطين وجند الاردن وجند دمشق وجند حمص وجند قنسرين ومن حيث الواقع العملي كان عمر هذا التقسيم قصيرا واستمر نظريا ليس أكثر.
في حين ان تقسيم جيش المسلمين الى اربعة الوية تم في عهد الخليفة ابو بكر من اجل السير لفتح بلاد الشام، ولم يكن التقسيم بعد الفتح كما اشار الدكتور زكار وشريكه حيث يقول الدكتور عبدالعزيز سليم في الصفحة «215» من مؤلفه آنف الذكر بأن أبا بكر عقد أربعة الوية وذلك في مستهل «صفر / 13 هجرية» احدها لشرحبيل بن حسنة، والثاني لعمرو بن العاص والثالث ليزيد بن ابي سفيان في حين عقد الرابع لابي عبيد بن الجراح، وأمر يزيد وشرحبيل ان يسلكا طريق تبوك الذي ينتهي الى معان على ان يتوجه شرحبيل الى الاردن ويتوجه يزيد الى دمشق .. الخ.
وصحيح ان هذه الاجناد الاربعة «التي لا يتجاوز تعدادها 46 الف رجل بمن فيهم من حضر مع خالد من اهل العراق» قد تجمعت في اجنادين وبعد ذلك في اليرموك لملاقاة جيش الروم الضخم الذي قدره المؤرخون بمائتي واربعين الف رجل وتجمعوا ايضا لفتح دمشق، الا ان كل واحد من تلك الاجناد قد توجه بعد ذلك لفتح المنطقة المحددة له. ويقول الدكتور سالم في الصفحة 223 من مؤلفه: «وفتح شرحبيل جميع مدن الاردن وتغلب على سواده، ثم زحف ابو عبيدة وخالد الى حمص وقنسرين .. الخ».
اما عمرو بن العاص فمضى يفتح مدن فلسطين، وأما يزيد بن ابي سفيان وبعد فتح دمشق فقد وجه همه لفتح مدن الساحل الشامي.
اذن هذه الاجناد كانت موجودة فعليا وليس نظريا كما يشير الدكتور زكار وشريكه وكان شرحبيل بن حسنة هو قائد جند الاردن، والا ما معنى ان يتولى لاحقا ولاية الاردن وفقا للدكتور عبدالعزيز سالم «ص 341» حيث يقول: «تولى معاوية بعد وفاة اخيه يزيد على دمشق واعمالها ثم ولاه عمر على الاردن بدلا من شرحبيل بن حسنة»، حتى يتوفى شرحبيل في الاردن بطاعون عمواس ويدفن فيها.
وفي النهاية اريد ان اقول للأستاذين المؤلفين، وعلى الاخص الدكتور زكار، وهو فارس القنوات الفضائية في مجال اختصاصه التاريخ، بأن من لا يحب كل بقعة في الوطن العربي فمن المؤكد انه لا يجب اية بقعة من هذا الوطن حتى التي يسكنها ولو تظاهر بغير ذلك.
كما اقول ما قاله احد الفلاسفة اليونان: «انحراف العالم انحراف للعالم».
* دبلوماسي اردني سابق