مع تسارع الاحداث التي تشهدها المنطقة خلال ايلول الحالي يتأكد يوما بعد الاخر ان حقبة جديدة بدأت واخرى طويت، وان ايلول عام 2011سيشكل محطة مهمة،كما سبق وشكل ايلول عام 2001محطة فارقة في المنطقة والعالم،على خلفية هجمات ايلول في الولايات المتحدة.ففي الحادي عشر من الشهر الحالي وخلال الاحتفالات الاميركية بذكرى هجمات ايلول غاب عن هذه الاحتفالات شبح الارهاب، الذي كانت القيادات الاميركية تتنادى لملاحقته،وتشحن الاجواء لمواصلة الحرب عليه.بل ان الادارة الاميركية الحالية وادواتها السياسية والاعلامية المحلية والكونية حرصت هذا العام على طي هذا الملف،وتوقفت عن النفخ فيه، باعتبار ان الحرب على الارهاب قد حققت غاياتها، بعد ان جرى توظيفها في استنزاف المنطقة واشغال العالم مدة عشرة اعوام كاملة. وفي مثل هذه الاجواء من التبريد لجبهة الحرب على الارهاب يتواصل التصعيد على جبهة عاصفة التغيير في المنطقة، التي انطلقت مطلع العام الحالي، وقدر لها الاميركيون ان يتواصل هبوبها على المنطقة مدة عشرة اعوام ايضا.وبذلك يكون التغيير اهم معالم الجديد في ايلول عام 2011 بعد ان كان ايلول 2001 قد اتسم جديده بانطلاق مشروع الحرب على الارهاب.ولان اتجاهات حركة التغيير لم تتضح ملامحها الكاملة الى الان فان ما ستشهده الايام المتبقية من ايلول الحالي ستقدم مؤشرات جديدة على حركة العاصفة، بعد ان اكملت مهمتها في تونس ومصر وليبيا، وتضع اللمسات الاخيرة لهذه المهمة في سوريا واليمن.واذا كان ما تشهده الاراضي الفلسطينية المحتلة يقدم احد المؤشرات على حركة العاصفة خلال الاشهر المقبلة،الا ان الاوضاع غير المستقرة في عموم المنطقة لا تستثني دولة من احتمالات التغيير، بدءا من الجزائر بصفتها البلد المغاربي الوحيد المتبقي على قائمة مشروع التغيير، حيث اخذت المغرب بنفسها مبادرة الاصلاح الخاصة بها. وبالنظر الى الأثر الإيراني الذي لا يستهان به على مجريات الاحداث في المنطقة فان الحديث الاميركي وعلى اعلى المستويات عن اقتراب استحقاق التغيير في طهران، يجد الان صداه في الداخل الايراني، الذي سبق له ان شهد انتفاضة لم تكتمل قبل اكثر من عام على انطلاق الانتفاضات العربية.ومن المؤكد ان اي تطورات قد تشهدها ايران ستنعكس بآثارها على المنطقة، التي يفترض بها ان تستعد متضامنة للتعامل مع هذا الاستحقاق الايراني الذي يبدو انه يقترب.وبغض النظر عن الاولويات التي سيأخذها اتجاه حركة رياح التغيير بعد انقضاء ايلول 2011، فان الواضح تماما ان حقبة التغيير قد بدات تشغل اعتبارا من هذا العام ساحة الحدث والتطورات في المنطقة.وذلك بعد ان شغل الارهاب والحرب عليه هذه الساحة طوال عشر سنوات مضت،كانت حافلة بالتطورات المؤسفة المستنزفة للدماء والطاقات. وكل الامل ان لا يتكرر الامر المؤسف نفسه خلال حقبة مشروع التغيير البديلة. وهو التغيير الذي تريده الشعوب ديمقراطيا مزدهرا، ويريده آخرون مراثونا جديدا من عدم الاستقرار واسالة الدماء وهدر الطاقات.
