المشكلة التي يعاني منها إخواننا في الصومال والتي قضت ? الى الان - على عشرات الآلاف من الصوماليين منكوبي الجفاف ، هي مشكلةُ الإنسانية جمعاء ومسؤولية عربية وإسلامية سيسألنا الله عنها إن لم نبادر في مد يد العون والمساعدة ضمن جهد جماعي منظم من شأنه أن يخفف من مأساة أهلنا الذين باتوا يفترشون الأرض ولا يجدون ما يقيم أود ساعة من حياتهم . إذ أصبح ثلث أطفال الصومال مهددا بالموت جوعا، كما أكدت قصص الأمهات اللاتي تركن بعض فلذات أكبادهن في الطريق لينقذن آخرين من موت محتم في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة لكن ما يغيب عن الكثيرين هو أن هذه المعضلة على هولها، ليست إلا فصلا جديدا من سلسلة مآس واجهها الصومال وتجاهلها العالم ، فالصومال تعرض لموجات جفاف قاس نتيجة عدم هطول الأمطار الموسمية ، مما أدى إلى نفوق معظم المواشي بالإضافة إلى نضوب المحاصيل الزراعية ، كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا والوضع الأمني المضطرب زادا من تأثير الجفاف. أضف الى ذلك حالة عدم الاستقرار على المستوى السياسي التي أصمّ العالم عنها آذانه حين عاش هذا البلد دون سلطة فعلية على الأرض على مدى عقدين ، تقاذفته خلالها جماعات متناحرة لم تحرز نجاحا في أي من ميادين الحياة سوى افتعال الحروب وتهجير الناس ، مما ضاعفت من وطأة المأساة وحولها من مجرد جفاف يمكن مواجهته ببعض الإجراءات لتقليل آثاره على حياة المواطنين ، إلى كارثة تهدد حياة الملايين. الى ذلك فان ما تقدمه الدول العربية والاسلامية والعالمية كالأردن وتركيا والسعودية والكويت وقطر وروسيا وغيرها ، من مساعدات طارئة عينية ونقدية ، للصومال لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة الصوماليين والحد من تبعات الازمة ونتائجها الانسانية الكارثية ، يمكن النظر إليها من باب زاوية إنسانية بحتة ، ذلك انها لن تؤدي لحل كافة تعقيدات المشكلة الصومالية من مختلف جوانبها ، وان كان الصوماليون بحاجة الى استمرار الجهود الانسانية الرامية لإغاثة الشرائح المتضررة من الجفاف والمجاعة في الصومال. إن اختزال مشكلة الصومال في المساعدات الطارئة -على أهميتها- يشكل خطأ فادحا بحد ذاته، إذ ان هذا البلد المسلم ليس بحاجة إلى رمي أكياس من المواد الغذائية للمتضورين من الجوع فحسب، بل يحتاج إلى مقاربة شاملة للمشكلة الصومالية بكل أشكالها السياسية والاقتصادية، لمعالجة جذور المشكلة ووضع حد لحالة الفوضى، ما يعني ان المطلوب هو تمكين الصومال من الوقوف على قدميه لكي يتمكن من إدارة شؤونه بنفسه بدل انتظار صدقات الآخرين. ان المجاعة القائمة في الصومال لها أسباب كثيرة في مقدمتها الحرب الأهلية التي دمرت المرافق وشردت الناس ومنعتهم من الزراعة والرعي بالشكل الذي يكفل لهم معيشتهم، إضافة الى منع المتمردين والمسلحين وصول المساعدات الانسانية بالوقت المناسب مما فاقم من الازمة الانسانية في هذا البلد. جملة القول أنه ما لم يكن هناك جهد مشترك عربي وإسلامي وإقليمي ودولي لانتشال الصومال من كبوته وتقليل حدة الازمة الانسانية فإننا سنكون على موعد مع فصل جديد من فصول المأساة، وقد يكون أشد قسوة، وسيبقى النزيف الصومالي مستمرا. [email protected]