ما ان يسمع المرء عن حصول مجاعة في منطقة ما في العالم الا وتكون الصومال في الذاكرة وكأنها الدولة الوحيدة التي ارتبط اسمها بالمجاعات والجفاف والحروب الاهلية مع ان الكثير من الدول تصيبها المجاعات الا انها لا تمتد لفترات طويلة مثلما هو الحال في الدولة الصومالية، وقد اشارت اخر اخبار المجاعة في الصومال الى اعلان الأمم المتحدة ان ثلاث مناطق جديدة في تلك الدولة سقطت في براثن المجاعة ما يرفع عدد المناطق المتضررة إلى خمس مناطق ما يؤكد مدى خطورة المشكلة التي تواجه المشردين الذين تدفقوا على مقديشو، والتي تتطلب رداً فورياً ومركزاً لمواجهة اسوأ موجة جفاف مرت على الصومال منذ نصف قرن. وتشير المعلومات الصادرة عن مارك بودوين منسق الأمم المتحدة للإغاثة في الصومال أن هناك حاجة لتقديم 300 مليون دولار خلال الشهرين القادمين لمواجهة المجاعة في الصومال وأن عوامل مثل الجفاف والفقر وتردي الأوضاع الأمنية تعرقل جهود مواجهة المجاعة في الصومال لدرجة ان 30 % تقريبا من الأطفال يعانون من سوء التغذية، وان أربعة من بين 10000 يموتون يوميا. وتشير التقديرات إلى أن موجة الجفاف في القرن الإفريقي أضرت بنحو عشرة ملايين شخص وأدت إلى لجوء نحو 166 ألف صومالي إلى كينيا وإثيوبيا هربا من المجاعة. الأرقام تشير إلى ان ما يقارب ثلث الأطفال في الصومال يعانون من سوء التغذية وهذا مؤشر خطير ومثير للصدمة خاصة فصور المجاعة التي يذكرها رجال الاغاثة من خلال مشاهداتهم تبعث على الدهشة حيث يمشي اللاجئون الصوماليون وقطعان ماشيتهم وماعزهم التي تموت عطشاً لأسابيع طلباً للمساعدة في كينيا وإثيوبيا، أما الأيتام الذين يصلون وحدهم، بعد وفاة والديهم على الطرقات، فهم مذعورون ويعانون من سوء التغذية في أرض غريبة عنهم ومن داخل الصومال، نسمع أنباء فظيعـــة عن أُسَر رأت أطفالها يموتون واحداً تلو الآخــــر وان أطفالاً يبدو من حجمهم أن عمرهم لا يتعدى تسعة شهور لكنهم في الواقع في الرابعة من العمر ويعانون من سوء التغذية.. وقد وصلت مؤخراً امرأة إلى أحــــــد مخيمات الأمم المتحدة للمشردين يقـــع على بعد 140 كيلومتراً جنوب مقديشو بعد رحلة شاقة استغرقت ثلاثة أسابيع مشيا على الاقدام واخرى مات اطفالها الاربعة امام عينيها ولم تستطع تقديم شيء لهم. ويجب أن نعترف أيضاً بأن كينيا وإثيوبيا اللتين تكرّمتا بإبقاء حدودهما مفتوحة، تواجهان تحديات هائلة خاصة بهما، فمخيم داداب، الذي يُعد أكبر مخيم للاجئين في العالم، مكتظ بالفعل بشكل خطير، حيث يضم نحو 380 ألف لاجئ. وهناك آلاف آخرون ينتظرون تسجيل أسمائهم. وفي إثيوبيا المجاورة، يصل ألفا شخص يومياً إلى مخيم دولو للاجئين، الذي يسعى القائمون عليه جاهدين أيضاً من أجل استيعاب ما يتوافد من لاجئين. وهذا يفاقم أزمة الغذاء التي يواجهها حوالي 7 ملايين من الكينيين والإثيوبيين في أوطانهم. وفي جيبوتي وإريتريا، يعاني عشرات الآلاف من الناس، وربما أكثر من ذلك بكثير. تردي الاوضاع وانتشار المجاعات بشكل غير مسبوق في الصومال يتطلب تحركا إنسانيا عربيا وإسلاميا ودوليا سريعا لحماية الشعب الصومالي الذي يعاني منذ عام 1991م من الحرب الأهلية واضاف عليها الجفاف والمجاعة وغلاء الأسعار وفقدان الأمن مصاعب جمة تهدد مالا يقل عن ثلاثة ملايين ونصف المليون صومالي من خطر المجاعة وحدها. [email protected]