وليد سليمان
لا بد لهذه الشخصية التاريخية من إيفائها حقها الحضاري والفكري المتميز .. فحتى هذه اللحظة لا يمكن ان ننسى اسماعيل باشا ونحن نذكر مثلاً قناة السويس , وميدان التحرير في القاهرة , والسكك والقطارات في مصر , ودار الأوبرا , وكوبري قصر النيل , و المباني ذات الطراز الأوروبي في وسط القاهرة ...الخ .
إنه إسماعيل باشا بن إبراهيم باشا بن محمد علي الكبير, خديوي مصر الشهير والذي شاهدنا عن بعض مراحل حياته مسلسلاً شيقاً في شهر رمضان المنصرم ,كان قد وُلد عام 1830 وتوفي عام 1895، و قد تلقى تعليمه في باريس , ثم عهد إليه عمه سعيد باشا بمهام سياسية مختلفة لدى البابا ونابليون الثالث وسلطان تركيا.
وفي عام 1861 أخمد فتنة في السودان، وبعد ذلك بعامين1863 خلف والده في حكم مصر، وكان أول من تلقب ب (خديوي) من أبناء محمد علي، وهي كلمة فارسية معناها «سيد» ، وقد منحه السلطان العثماني عبد العزيز هذا اللقب عام1867، وفي عام 1873 صدر فرمان سلطاني آخر وطد استقلال الخديوي في كثير من الأمور.
بناء و ديون !!
وكان إسماعيل طموحا يفكر في جلائل الأعمال ويرسم خططا واسعة للإصلاح. فقد أصلح نظام الجمارك وأنشأ إدارة البريد. وأنار القاهرة والإسكندرية والسويس بغاز الاستصباح، وأمد فيها أنابيب المياه، وأوجد صناعة السكر ، وعمل على تنشيط التجارة بإنشاء الخطوط الحديدية وأسلاك البرق وإقامة الأرصفة والثغور وشق القنوات لري الأراضي.
كما شجع التعليم بأن أنشأ أولى مدارس لتعليم الإناث في مصر. وفتح مدرسة للهندسة، ومدرسة للطب.
وفي عام 1869 احتفل احتفالا عظيما بافتتاح قناة السويس حضره إمبراطور النمسا، وانتهز هذه الفرصة ليضع نفسه في مصاف ملوك أوروبا، كما حاول أن يرقى بالسودان على مثال ما فعله بمصر وان يبطل تجارة الرقيق فيه.
وفي عام 1875 تلقى من السلطان فرمانا عينه به حاكما على سواكن ومصوع. وفي 1870-1875 امتد سلطانه على شاطئ البحر الأحمر من السويس إلى رأس غردفوي. وفي عام 1874 أرسل حملة إلى دار فور قضت على تجارة الرقيق، وعين أول وزارة مصرية برئاسة نوبار 1878، ولكنه أقالها ليستمر في تفرده بالحكم.
وقد كلفته خططه المختلفة لإنهاض مصر ثمنا غاليا !!!! فقد استدان المال وأنفقه دون حساب على مشاريعه العامة والخاصة !!! فازداد دين مصر حتى بلغ مئة مليون جنيه. وتدخلت الدول الاروبية في سياسته بحجة مراقبة الإيرادات لسداد دينها، وتم عزله من قبل السلطان عبد الحميد الثاني بضغط من السلطات البريطانية والفرنسية يوم 26 حزيران عام 1879، ورحل إلى ايطاليا، ثم رحل فيما بعد إلى الأستانة .
أهم الأعمال الحضارية
التي قام بها الخديوى اسماعيل وأعطت لمصر صفة حضارية هي :
أفتتاح المتحف المصرى الشهير .
إنشاء مصلحة البريد فى عام 1866م .
إفتتاح جلسات مجلس الشورى .
قناة السويس
إفتتاح قناة السويس فى عام 1869م .. وقد أُقيم حفل عالمى حضره ملوك وأباطرة العالم منهم أمبراطور النمسا وأمبراطورة فرنسا أوجينى وولى عهد روسيا والعشرات من أمراء أوربا .
إفتتاح أول دار أوبرا فى الشرق الأوسط .
إنشاء شارع الهرم حتى يستطيع ضيوف مصر زيارة الأهرامات المصرية .
وفى عام 1870م تم أنشاء دار الكتب , وكان ذلك بناء على إقتراح مقدم من على مبارك باشا وزير المعارف ( التعليم) وقد أيّد الخديوى اسماعيل هذا الطلب .
إنشاء مدرسة دار العلوم ( كلية العلوم) سنة 1872م.
وفى نفس السنة أنشأت شركة فرنسية كوبرى قصر النيل , وأنشأت شركة انجليزية كوبرى الجلاء .
وأنشأ شارع محمد على بنظام البواكى , وكذلك شارع كلوت بك .
أنشأ ميدان التحرير , وحديقة الأورمان , وحديقة الحيوانات , وإقامة تمثال أبراهيم باشا بميدان الأوبرا .
إدخال نظام أوربى بإنارة الشوارع ليلاً بغاز الأستصباح فأكسب القاهرة جمالاً .
إنشاء حمامات حلوان . وأنشأ الخديوى خط سكة حديد حلوان .
وأنشأ الخديوى أول خط للخطوط التلغرافية .
وصدر أول دستور فى مصر فى 17 مايو 1879م ويقضى هذا الدستور على أن يكون التشريع من حق مجلس النواب ولا تفرض أى ضريبة إلا بعد موافقة مجلس النواب .
وفى عام 1879م تم خلع اسماعيل باشا من حكم مصر, بفرمان صدر من الأسيتانة وتولى ابنه الخديوى توفيق الحكم .
وفى 30 يونيو غادر أسماعيل باشا مصر على الباخرة المحروسة إلى أوربا .
افتتاح قناة السويس للملاحة العالمية
زادت ديون مصر فى عهده زيادة كبيرة أدت إلى تدخل انجلترا وفرنسا فى شئون مصر الداخلية بحجة حماية ديونها أدت سياسته المالية إلى أن عزله السلطان عبد الحميد الثانى بضغط من ألمانيا فى يونيو 1879 وتنصيب ابنه توفيق باشا «خديوي « لمصر .
وأحسن شئ جميل ونافع وثمين (للمصريين) وآخر عمل نافع قام به أسماعيل هو قناة السويس أعظم عمل للمصريين .
بناء القصور
وأنشأ عدداً كبيراً من القصور منها :
سراي عابدين التي جعلها مقراً للحكم، وحلت محل سراي القلعة التي بناها محمد علي باشا، و سراي الجزيرة، و سراي الجيزة، و سراي بولاق الدكرور، و قصر القبة، و قصر حلوان، و سراي الإسماعيلية، و سراي الزعفران بالعباسية.و سراي الرمل بالإسكندرية، و جدد القصر العالي، و قصر النزهة بشبرا (المدرسة التوفيقية الآن)، و سراي المسافرخانة، و قصر النيل، و سراي رأس التين بالإسكندرية , وأنشأ عدة قصور أخرى في مختلف البنادر كالمنيا، والمنصورة والروضة.