د.قذافي الغنانيم
الجامعة الأردنية
على المؤمن أن يجتهد في طلب الطاعات في شهر الغفران؛ فيقوم على تربية النفس على الصيام في نهار رمضان، والقيام في الليل؛ فإذا وصل إلى العشر الأواخر من الشهر ضاعف من اجتهاده وطلبه ؛ كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم؛ فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها- قالت:» كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله».
وفي رواية لمسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت:» كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره».
فالنصوص واضحة الدلالة في اجتهاده – صلى الله عليه وسلم – بالعبادة والقيام في العشر الأواخر من الشهر؛ فدل ذلك على خصوصيتها بالتعبد، والتهجد ونحوها من أعمال الطاعات التي بيّنها النبي – صلى الله عليه وسلم- في الأعمال التالية:
• - إحياء الليل؛ فقد روي أنه كان – صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشرالأخير شمر وشد المئزر.
• - إيقاظ الأهل؛ فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يوقظ أهله للصلاة في ليالى العشر دون غيره من الليالى؛ فقد ثبت من الحديث الذي رواه الطبراني أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان ، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة. وقد صح من رواية البخاري عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلاً؛ فيقول لهما: ألا تقومان فتصليان .
• - شد المئزر؛ فكان النبي –صلى الله عليه وسلم – يشد المئزر في العشر الأواخر من رمضان؛ وقد اختلف العلماء في تفسيره؛ فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدّه واجتهاده في العبادة ، ومنهم من قال: أن المراد اعتزاله النساء في العشر الأواخر من الشهر، وبذلك فسّره السلف، منهم سفيان الثوري، وقد ورد ذلك صريحاً من حديث عائشة – رضي الله عنها، وورد في تفسيره أيضاً بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان؛ ففي حديث أنس :» وطوى فراشه واعتزل النساء».
• - تأخير الفطور إلى السحر؛ فقد روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة- رضي الله عنها- وأنس – رضي الله عنه- أنه – صلى الله عليه وسلم- كان في ليالى العشر يجعل عشاءه سحوراً، وفي لفظ حديث عائشة:» كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إذا كان رمضان قام ونام ؛ فإذا دخل العشر شد المئزر، واجتنب النساء، واغتسل بين الأذانين، وجعل العشاء سحوراً».
• - الاغتسال بين العشاءين، وهو ما ورد في حديث عائشة المتقدم:» واغتسل بين الأذانين» ، والمراد أذان المغرب والعشاء.
• - الاعتكاف؛ ففي الصحيحين عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى.