قال أمين لجنة الشؤون العربية في الخارجية الليبية في مجال الإعلام للمؤتمر العربي الإفريقي الذي انعقد في مدينة سرت الليبية أن «القمة تقام تحت شعار نحو شراكة استراتيجية عربية افريقية، التي تتضمن أهم محاور التعاون العربي الأفريقي على المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية». وأوضح أيضا «أن التحديات والأزمات في عالم اليوم صارت تتجاوز حدود الدول والقارات وتهدد منجزاتها وان مواجهتها تتطلب حشد الموارد والطاقات لدفع وتيرة التعاون والتكامل والتنسيق والارتقاء به إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية من اجل قيام نظام اقتصادي وسياسي أكثر تضامنا وعدالة». ومن الجدير بالذكر ان بعض المؤتمرين نادى بضرورة قيام اتحاد عربي إفريقي لمواجهة التحديات. يروى أن رجلاً حاول حمل عنزة فناء بحملها لا بل انه «....» فقال هيا اردفوا معها ابنها. يذكرنا حال الجامعة العربية بهذا المثل العربي الفصيح. لقد عانى النظام العربي الشمولي من عجز متتالٍ ومتراكم في حمل أعبائه، فقد كان اعجز من ان يحتمل ثقل وعبء حرب 1948 فخسر معظم فلسطين، وعجز عن حمولة حرب 1967م فخسر أضعاف ما خسره في الحرب السابقة، ورأى عدوه يحاصر ويحتل أجزاء من عاصمة الحضارة العربية في حينه بيروت فأعاقه عجزه عن المبادرة ولم يقو على تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك الملزمة له بالنهوض لمد يد العون، وفي موقع آخر شاهد بأم عينه شقيقا اكبر في العراق يستقوي على شقيق اصغر في الكويت ويداهمه ولكنه لم يقدر على الأكبر فيردعه ولا على الأصغر فيمنعه. وفي زمن آخر، لما تيقن نظامنا العربي أن العلج الغريب سيفتك بشقيقه في العراق بادر بالتنحي ومراقبة المشهد. وكذلك أيضا تبدّى العجز وضعف التعاون وقلة التنسيق العربي في الغزو الثاني للعراق، وفي إهمال الصومال ليس يوما أو يومين ولا عاما أو عامين بل ربع قرن كامل دون ان يلتزم النظام العربي لا بمعاهدة الدفاع المشترك ولا بالتضامن وحشد الطاقات وجل المعاهدات المنتهية بعبارة العربي المشترك. وكذلك أيضا ما يقال عن بينونة عجز النظام العربي في ترك السودان ليتفتت واليمن ليعاود الانقسام وفلسطين لتتآكل وتبتلع، والدين ليوصم بالإرهاب، ووصم حركات المقاومة بالإرهاب والدعوة عليها بالكسر والإفلاس وتجفيف الموارد، بل ومجاراة الخصوم وممارسة الهروب إلى الأمام في ظن منه بان ذلك سيخرجه من دائرة البطش. وحتى نرحم القارئ فإن لنا ثقة بمخزونه الثقافي ونؤمن بان ذاكرته ملأى بأعراض الضعف العربي الناتج عن عدم تفعيل برتوكولات الجامعة العربية حول التنسيق والتعاون التضامن العربي وغيرها. لم تتمكن الجامعة العربية والنظام العربي من حمل ما وجب حمله طوال عمرها المديد، وكلما بادرت لحمل شيء من أعبائها يحدث معها مثل الذي حدث مع حامل العنز، ومع ذلك فقد ثابرت الجامعة والنظام العربي على الظهور بالصمود وتجميع ما تتركه المصالح القطرية من فتات وإظهاره على شكل مخرجات قومية، أما المصالح الحقيقية القومية المشتركة فقد كانت تتسرب في تشققات الأنظمة القطرية. لم تتمكن الجامعة العربية والنظام العربي من «حشد الموارد والطاقات لدفع وتيرة التعاون والتكامل والتنسيق والارتقاء به إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية من اجل قيام نظام اقتصادي وسياسي أكثر تضامنا وعدالة» رغم مرور ما يزيد عن النصف قرن من عمرها وعملها، فتأتي الآن لتحاول توحيد ما يزيد عن ستين نظاما سياسيا مختلفا في العقيدة والدين واللغة والتاريخ بل ومتنافسا ومتضارب المصالح. [email protected]