لقد أصبح إصدار تعريف عالمي لمصطلح « الإرهاب» في أعلى درجات الأهمية، وضرورة لا غنى عنها، ليس للحملة التي تستعر الآن في آسيا ولا يعلم نتائجها الرهيبة على تلك القارة إلا الله تعالى؛ وتثير غضب غالبية شعوبها، مما يوحي بفشلها بدون وضع حد للإرهاب، بل أصبح لا غنى عنه من أجل التوصل إلى حلول سلمية إنسانية للقضايا التي تعتبر الأم الحاضنة والمولدة لتلك الحركات الإرهابية نتيجة لعدم حلها بعدالة وإنصاف. لقد اختلطت الأوراق، والتفسيرات، والمصطلحات، والمواقف، حتى أصبحت المقاومة المشروعة ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي في نظر البعض «إرهابا»؛ تماما كالإرهاب الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني في نظر البعض «إرهابا». بل وفي نفس الوقت الذي تعتبر فيه عمليات قصف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء بالطائرات النفاثة المقاتلة وطائرات الهيلوكبتر والدبابات والقنابل العنقودية من قبل إسرائيل «دفاعا عن النفس». في مثل هذه البيئة الرهيبة يزداد الغضب، ويزداد الحقد، وينفجر التصرف اليائس الذي يجد نفسه مضطرا للخيار بين الموت الساكن المستكين والموت المقاتل من أجل الحرية. لتفادي تفاقم الأزمة العالمية التي نعيشها هذه الأيام لا بد من إصدار تعريف عالمي لمصطلح «الإرهاب» برعاية هيئة الأمم المتحدة ؛ ليس لتحقيق النجاح الكامل في الحملة العالمية لمقاومة جميع أشكال الإرهاب وحسب، ولكن وأهم من ذلك للقضاء على أسباب قيام الإرهاب بحل جميع قضايا النزاع بين الشعوب والأمم في النزاعات الدولية ؛ وجميع قضايا النزاع بين أي حكومة والتمردات أو الثورات أو عمليات العنف الداخلي في النزاعات الوطنية. ولعل التعريف التالي يشكل بداية حوار وتفكير بذلك: الإرهاب: هو التهديد بالقيام أو القيام بعمل عنيف غير شرعي ومخالف للقوانين الوطنية أو الدولية: خاصة ضد نصوص ميثاق هيئة الأمم المتحدة؛ اتفاقات جنيف الأربعة عام 1949 ؛ وبروتوكولات عام 1977؛ وإعلانات حقوق الإنسان الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، أو التهديد بالقيام أو القيام بأي عمل عنيف غير شرعي يؤدي إلى إشاعة الرعب في المجتمعات المحلية، الوطنية أو الدولية، سواء من قبل شخص؛ أو مجموعة أشخاص؛ أو حكومة أو مجموعة حكومات لتحقيق أهداف سياسية؛ اقتصادية؛ اجتماعية، عرقية أو دينية؛ أو إشاعة الرعب لإجبار حكومة أو المجتمع الدولي للرضوخ لصالح أهدافهم. ولا يشمل هذا التعريف قيام أي شخص، مجموعة أشخاص، أو مجتمع مدني، باللجوء إلى العنف المشروع دفاعا عن النفس ضد القوات العسكرية المحتلة لأراضي وممتلكات مجتمع مدني أو شعب أو دولة أخرى، شريطة أن لا يهدف العنف إلى قتل أو جرح المدنيين التابعين لقوة الاحتلال. إن هذا التعريف الشرعي يحرم إسرائيل من الإدعاء بحق «الدفاع عن النفس» لأنها هي المعتدية التي لا زالت تحتل الأرض الفلسطينية، وتستبد بالشعب الفلسطيني، وتقوم بعمليات عسكرية عنيفة ضد المدنيين، وتهدم البيوت، وتغتال الشخصيات السياسية، وتقتل الأطفال والنساء، وتهدم المأثورات الإنسانية كصرح شهداء الجيش العربي الأردني في قلقيلية، وتدمر مصادر الحياة الاقتصادية حتى بقلع الأشجار، وقطع المياه، وحصار المدن والقرى، وتدمير مؤسسات الشرطة المدنية، وترتكب جرائم ضد الإنسانية، وضد كل الاتفاقات الدولية الأربعة الصادرة في جنيف ؛ وبروتوكولات 1977، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة، وقوانين الحرب المعتبرة من قانون الأعراف الدولية. لقد قامت إسرائيل باستخدام الصهيونية العالمية للإرهاب ضد العرب الذين لجأت إلى أرضهم وحمايتهم ؛ وضد البريطانيين الذين أعطوهم وعد بلفور؛ وهاهم يرتكبون مواقف مضادة لمصالح أصدق حليف لهم ( أميركا ) في أشد أزمة تواجهها أميركا التي تقدم لهم المال والسلاح والتأييد السياسي المطلق. فأي إنسان عاقل يقدر على التفكير، حتى مجرد التفكير، بالثقة بهم، بالثقة بما يقولون، بالثقة بما يوقعون من اتفاقات ومعاهدات، ونحن نشاهد الحقد العظيم الذي لا مثيل له في تاريخ الإنسانية كالذي يكنونه ضد العرب والمسلمين.