وليد سليمان - ..» تبنت المملكة الإردنية الهاشمية نهجاً يحرص على إبراز الصورة الحقيقية المشرفة للإسلام ووقف التجني عليه ورد الهجمات عنه , بحكم المسؤولية الروحية والتاريخية والموروثة التي تحملها قيادتها الهاشمية بشرعية موصولة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم , صاحب الرسالة , ويتمثل هذا النهج في الجهود الحثيثة التي بذلها جلالة المغفور له بإذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه على مدى خمسة عقود , وواصلها , من بعده بعزم وتصميم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين , منذ أن تسلم الراية , خدمة للإسلام , وتعزيزاً لتضامن مليار ومائتي مليون مسلم يشكلون خُمس المجتمع البشري , ودرءاً لتهميشهم أو عزلهم عن حركة المجتمع الإنساني , وتأكيداً لدورهم في بناء الحضارة الإنسانية , والمشاركة في تقدمها في عصرنا الحاضر».من رسالة عمان.
العالم الجليل وصاحب الفكر الاسلامي والانساني النير عز الدين الخطيب التميمي رحمه الله والذي رحل عنا قبل حوالي خمس سنوات ... عرفه الناس في بلدنا بأسلوبه الجميل وعطفه على الجميع دون تفريق بين القوي والضعيف.. وكان يتصف بالهدوء والحكمة والروية ... وأينما حل يترك وراءه أثراً طيباً من المحبة ، وله اسهامات كبيرة في خدمة الدين الاسلامي الحنيف وإيصال صورته الوسطية والمعتدلة الى العالم. نشأ عز الدين في كنف والده الذي كان لخمسين عاماً إماماً للمسجد الإبراهيمي في الخليل ،ودرس شيخنا عز الدين في الأزهر الشريف , وعمل في وزارة الأوقاف الاردنية حتى أصبح وزيراً فيها لعدة مرات ، وتسلم مناصب أخرى عديدة, وشارك في كتابة وتأليف العديد من الكتب والبحوث والمقالات .. وكان عضواً في عدة مراكز ومؤسسات دينية أردنية وعربية وعالمية .
من الرسالة
..الرسالة التي ألقاها سماحة الشيخ عز الدين التميمي حيث كان مستشاراً لجلالة الملك عبد الله الثاني في أحد ليالي رمضان المبارك في مسجد الهاشميين قبل عدة سنوات في عمان؛ كانت تعبيراً شاملاً عن فكر الهاشميين الذين جبلوا على المحبة والحق والسماحة واحترام انسانية الانسان .
الرسالة ، تمثل روح الاصالة والاخوة التي يتحلى بها كل أفراد الشعب ومسؤوليه في هذا الوطن المقدس والطاهر الاردن .
« بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعلى آله وأصحابه الغر الميامين , وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين
قال تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) صدق الله العظيم «الحجرات 13».
هذا بيان للناس , لإخوتنا في ديار الإسلام , وفي أرجاء العالم .. حيث تعتز عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية . بأن يصدر منها في شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان , نصارح فيه الأمة , في هذا المنعطف الصعب من مسيرتها , بما يحيط بها من أخطار, مدركين ما تتعرض له من تحديات تهدد هويتها وتفرق كلمتها وتعمل على تشويه دينها والنيل من مقدساتها , ذلك أن رسالة الإسلام السمحة تتعرض اليوم لهجمة شرسة ممن يحاولون أن يصوروها عدواً لهم , بالتشويه والافتراء , ومن بعض الذين يدعون الانتساب للإسلام ويقومون بأفعال غير مسؤولة باسمه .
هذه الرسالة السمحة التي أوحى بها الباري جلت قدرته للنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه , وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده عنوان أخوة إنسانية وديناً يستوعب النشاط الإنساني كله ., ويصدع بالحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر , ويكرم الإنسان , ويقبل الآخر.
كلام في المبادئ
الإسلام الذي يقوم على مبادئ أساسها : توحيد الله والإيمان برسالة نبيه , والارتباط الدائم بالخالق بالصلاة , وتربية النفس وتقويمها بالصوم والتكافل بالزكاة , ووحدة الأمة بالحج الى بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا, وبقواعده الناظمة للسلوك الإنساني بكل أبعاده , صنع عبر التاريخ أمة قوية متماسكة , حضارة عظيمة , وبشّر بمبادئ وقيم سامية تحقق خير الإنسانية قوامها وحدة الجنس البشري , وأن الناس متساوون في الحقوق والواجبات , والسلام , والعدل, وتحقيق الأمن الشامل والتكافل الاجتماعي , وحُسن الجوار, والحفاظ على الأموال والممتلكات, والوفاء بالعهود , وغيرها وهي مبادئ تؤلف بمجموعها قواسم مشتركة بين أتباع الديانات وفئات البشر , ذلك أن أصل الديانات الإلهية واحد , والمسلم يؤمن بجميع الرسل , ولايفرق بين أحد منهم ,وإن أنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام ,مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميز العقدي والاستقلال الفكري , مستندين في هذا كله الى قوله تعالى(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)»البقرة:285».
الحكمة والموعظة
..كرّم الإسلام الإنسان ،دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)»الإسراء :70».
وأكد أن منهج الدعوة إلى الله سبحانه يقوم على الرفق واللين ( أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)»النحل:125»,ويرفض الغلظة والعنف في التوجيه والتعبير ( فبما رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) آل عمران:159».
وقد بين الإسلام أن هدف رسالته هو تحقيق الرحمة والخير للناس أجمعين , قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمه للعالمين ) « الأنبياء : 107»,وقال صلى الله عليه وسلم « الراحمون يرحمهم الرحمن , ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء « ( حديث صحيح).
وفي الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى معاملة الآخرين بالمثل , حث على التسامح والعفو اللذين يعبران عن سمو النفس ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله) « الشورى:40»,(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة , إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)»فصلت:34». والاسلام قرر مبدأ العدالة في معاملة الآخرين وصيانة حقوقهم , وعدم بخس الناس أشياءهم (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا هو أقرب للتقوى)»المائدة:8»,(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)»النساء:58»,( فأوفوا الكيل والميزان ولاتبخسوا الناس أشياءهم ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )»الأعراف:85».
احترام المواثيق و العهود
..أوجب الإسلام احترام المواثيق و العهود والالتزام بما نصت عليه , وحرّم الغدر الخيانة ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولاتنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً )»النحل:91».
وأعطى الاسلام للحياة منزلتها السامية فلا قتال لغير المقاتلين , ولا اعتداء على المدنيين المسالمين وممتلكاتهم , أطفالاً في أحضان أمهاتهم وتلاميذ على مقاعد الدراسة وشيوخا ً ونساءً , فالاعتداء على حياة إنسان وهو من أكبر الآثام , لأن حياة الإنسان هي أساس العمران البشري ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)» المائدة:32».
والدين الإسلامي الحنيف قام على التوازن والاعتدال والتوسط والتيسير ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)»البقرة:143»,وقال صلى الله عليه وسلم « ويسروا ولاتعسروا وبشروا ولاتنفرا»(حديث صحيح).