الصدق واحد .. والكذب ألوان وأصناف !

تاريخ النشر : الخميس 12:00 4-7-2013
No Image

إبراهيم كشت: يُعبِّر الصدق بمفهومه الواسع عن تحري الحقيقة ، وعدم الإيحاء بما يخالفها ، سواء في التعامل مع الذات أو مع الآخرين من خلال القول والفعل والموقف . وبناء على ذلك ، يمكننا تصنيف الكذب إلى أقسام متعددة ، ويندرج تحت كل منها أنواع أخرى . وأعتقد أنه يمكن بشكل أساسي أن نميّز ثلاثة أقسام رئيسة من الكذب ، أولها كذب المرء على نفسه ، وثانيها كذبه بالأقوال على الآخرين ، وثالثها كذبه من خلال الأفعال ، وربما يجدر أن نذكر هنا أن ثمة كلمة عربية واحدة تُعبّر عن مطابقة القول والفعل للواقع والحقيقة ، وهي كلمة (الصِّدق) ، بينما تجد للكذب مترادفات متعددة في اللغة ، مثل : الافتراء ، الإفك ، البهتان ، الخرص ، الخرط (والخرط كلمة تستخدم في اللغة العامية ، ولكنها فصيحة أصلاً في دلالتها على الكذب) ، فكأن في تعدد أسماء الكذب والألفاظ الدّالة عليه في اللغة ، ما يشير إلى تعدد أشكال الكذب وتنوع ضروبه .

الكذب على الذات
وبخصوص القسم الأول ، وهو كذب الشخص على ذاته ، فلا شك أنه أكثر أنواع الكذب انتشاراً لأنه يمارس في كل لحظة ومن قبل معظم الناس حيال أنفسهم . كما أنه أكثر أنواع الكذب استعصاء على الاكتشاف ، فحين يكذب المرء على نفسه فإنه يتخذ صفة الكاذب، والمكذوب عليه ، وصفة من صدَّق الكذبة ، في آن واحد . كما أن هذا النوع من الكذب يتسم فيه من يتلقى الكذبة بأنه يرغب في تصديقها ، ويُغمض عينيه عن كل ما يمكن أن يكشف عدم صدقها ! ويمارس الإنسان الكذب على ذاتـه تلبيةً لحاجات نفسية يغلب أن تكون لاشعورية ، وأهمها أن المرء يكذب على نفسه ليمنح ذاته القيمة والاعتبار اللذين لا يطيق الحياة بدونهما ، ويكذب على نفسه ليبرر أفعاله التي تتناقض مع أحكام المحرَّمات وفقاً لضميره أو معتقداته الدينية أو الاجتماعية ، ويكذب ليواجه أثر الإحباط والصراع في نفسه ، ويكذب ليبرر فشله وتقاعسه ، وليقلل من شأن نجاح الآخرين وتفوقهم ، ولكي لا يشعر أنه في منزلة أدنى منهم .

الافتراء .. والمبالغة ..
الكذب في الأقوال والأحاديث ، أشكاله جمّةٌ ، بعضها واضح مفضوح ، وبعضها الآخر خفيّ مُستتر ، ولعل أول أنواع كذب الحديث وأكثرها جلاء هو اختلاق خبرٍ أو معلومة أو حكاية أو شائعة أو وشاية لا أساس لها مطلقاً ، وربما كانت أكثر الألفاظ العربية تعبيراً عن هذا النوع من الكذب هي (الإفتراء) لأن الافتراء يفيد معنى خلق الكذبة .  واكتشاف مثل هذه الأكاذيب يكون أقل صعوبة عادة ، مهما كانت الرواية الكاذبة محبوكة النسج . أما النوع الثاني من الكذب في الأقوال فيتمثل في المبالغة ، حيث تكون الواقعة التي يرويها الشخص صحيحة من حيث أصلها ، إلا أن المتحدث يضيف إليها ويعدّل فيها ويغيّر بعض معالمها وتفاصيلها ، ويغلب أن يعتمد في أسلوبه التهويل وإضافة المؤثرات وأنواع التشويق ، التي تجعل من حديثه قصة تستحق أن تروى ، وتستحق أن يستمع لها المتلقّون بشغف واهتمام .
ومع أن كذب المبالغة والتهويل هذا يكون في بعض الأحيان بغرض الإضرار بالآخرين وتشويه صورهم ، أو يكون بغرض الدفاع عن النفس وتبرير الخطأ ، لكنه يمارس من قبل الكاذب في أكثر الأحيان بهدف تصوير نفسه عظيماً أو ناجحاً أو خيّراً أو قوياً ، أو تصوير نفسه بصورة يُحبها المجتمع ويرتضيها ، كأن يصور نفسه غنياً ، أو صاحب جاه ونفوذ ، أو ذا علاقة متينة بأصحاب المناصب والمسؤولين .. ويُفسَّرُ هكذا كذب في علم النفس عادة بأنه عملية لاشعورية يحاول المرء من خلالها أن يَستُرَ واقعه وحقيقته ، ويعوّض عن مُركّب النقص الذي يعانيه ، سعياً نحو حفظ كبريائه أمام الآخرين . أي أن هذا الكذب في حقيقته نمط من الاضطراب في الشخصية وفقدان الثقة بالذات .

الكذب من خلال إخفاء جزء من الحقيقة
ومن أنواع كذب الحديث الأخرى ، ذلك الكذب الذي يتم عن طريق ذكر جزء من الحقيقة وإغفال جزء آخر ، فإخفاء بعض الحقيقة شكل من أشكال الكذب ، لأن من شأنه أن يوحـي بصورة مخالفـة للواقع والحقيقة الكاملة . وربما يدخل في هذا النوع من الكذب ما نسميه بـِ (الانتقائية) ، وأكثر من يستخدم هذا الأسلوب وسائل الإعلام على اختلافها ، وذلك حين تنتقي أجزاء من الحدث أو الخبر فتذيعها وتنشرها وتصورها وتنقلها ، وتغفل متعمدةً عن أجزاء أخرى فلا تشير إليها ، بل قد تنتقي من خطاب مسؤول أو من تقرير أو مقال أو دراسة أو إحصائية جزءاً ، وتغضُّ النظر عن جزء آخر ، كل ذلك بما يواتي توجهات وسيلة الإعلام ويصب فيما يخدم أهدافها .  وهذا النمط من الكذب فيه كثير من الدهاء والتضليل ، ويحتاج اكتشافه عادة إلى الذكاء ودقة الملاحظة .

كذب الأرقام .. وكذب الخرافات ..
ومما يمكن أن يندرج تحت أنواع كذب الحديث كذلك ، ذلك الكذب الذي يقوم على استخدام الأرقام بشكل مُضلل يعكس صورة تخالف الحقيقة ، وهو نمط خبيث من الكذب أيضاً، لأن الأصل في الأرقام أنها تُعبّر عن الوقائع بإيجاز وصدق ودقة . لكن ثمة وسائل متعددة تلجأ إلى استخدام النسب العادية والمئوية ، أو استخدام المقارنات ، أو الطرق الإحصائية ، أو إغفال رقم وإظهار آخر ، وغير ذلك مما يمكن من خلاله أن نعطي للرقم الصحيح دلالةً خاطئة أو إيحاءً كاذباً ، قد لا يكتشفه المرء بسهولة .

ومن أنواع كذب الحديث كذلك الخرافات وما يندرج تحتها من أنواع الشعوذة والتنبؤات والقصص الخيالية ، ويتسم هذا النوع من الكذب بأنه مصدّقٌ غالباً ممن يتناقلونه ويتحدثون به ويستمعون إليه . كما يغلُب أن يكون متناقلاً بين الأجيال المتعاقبة ، ويحاط بكثير من القيود التي تمنع تكذيبه ، مع أنه مجافٍ للحقيقة ولا يستقيم مع المنطق .

الكذب الناجم عن الوهم ..
وأحسب أن مما يدخل في أنواع كذب الحديث كذلك ، ذلك الحديث الناتج عن الوهم والتوهّم الذي يعيشه صاحبه ويصدِّقهُ ، فالمصابون بما يسمى (البارانويا) مثلاً قد يتوهّمون بأنهم مضطهدون ومراقبون ، وأنهم هدف لإيذاء الناس ، ويتوهمون بأنهم عظماء ذوي تأثير في الأحداث ، وبأن موقعهم يجب أن يكون في المقدمة ، وبأن حقهم في ذلك قد هُضِم . وكل ما يصدر عنهم من حديث في هذا المجال كاذب ، لكن كذبهم لا يصدر عن سوء نيّة ، فهم يعتقدون بما يقولون ! ولعلّ ما يشبه وَهْمَ هؤلاء ، ذلك الوهم الذي يعيشه بعض الناس حين يفسّرون كل حدثٍ صغير أو كبير بأنه مؤامرة ، فيخترعون قصصاً وتفسيرات وتصورات لا أصل لها لتبرير اعتقادهم ووهمهم .

الكذب من خلال إخلاف الوعد ..
وربما بقي من أنواع كذب الحديث ، ذلك الكذب الذي يتمثل في إخلاف الوعد ، حيث أن عدم الوفاء بالوعد نمط مهم ومؤثر من الكذب ، فأنت حين تطلق وعداً لأي شخص فإن وعدك هذا يتعلق غالباً بثلاث عناصر : أولها عنصر القيام بعمل أو إنجـاز شيء ، وثانيها عنصر الوقت ، حيث أنك تضيف هذا العمل أو الإنجاز لوقت معين سيتم خلاله ، أما العنصر الثالث فهو ذلك الشخص أو الجهة التي قطعتَ لها الوعد . وحين لا تفي بوعدك فإن ذلك يشير إلى عدم احترامك للعناصر الثلاث ، أي للوقت والعمل (أو المهنة) وللشخص أو الجهة التي تلقت الوعد . إضافة لما يترتب على إخلاف الوعد من مشاكل عملية وإدارية واجتماعية ، وتأثير سلبي في الثقة ، وإهدار للوقت وربما المال في بعض الأحيان .

الكذب من خلال الأفعال ..
وعودة إلى أقسام الكذب الثلاثة الرئيسة ، فقد ذكرنا منها الكذب على الذات والكذب على الآخرين بالحديث ، وبقي الكذب على الآخرين بالأفعال ، وخلاصة القول فيه أنه كذب أساسه إيحاء الشخص من خلال أفعاله بما ليس فيه ، أو ايحاءه بغير واقعه ، أنه تظاهر وتكلّف وتصنّع وتخلُّق وإدعاء وتزييف ، ومحاولة مستمرة من قبل الشخص لأن يوحي من خلال أفعاله ومواقفه وتعبيراته وملامحه ومظهره بغير حقيقته .  كمن يتظاهرون بالغنى ويتفاخرون بالاستهلاك مثلاً ، بينما يكون الدين قد أحاط بمالهم ، أو يدّعون الكرم من خلال ولائمهم ، بينما لا يؤدون الحقوق لأصحابها ، أو يبخلون بمالهم على الأهل والأقربين .  ويدخل في هذا النوع من الكذب كذلك فعل المنافقين ، الذين يظهرون خلاف ما يبطنون ، ويبدون الودَّ لمن يكنون له البغضاء ، ويتملقون ويداهنون ، سعياً لمنفعة ، أو خوفاً من ضرر أو فوات مصلحة .

[email protected]

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}