عكست الزيارة التاريخية المهمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى مملكة البحرين مدى عمق العلاقات التاريخية والروابط المشتركة بين البلدين، على مستوى العائلتين الحاكمتين وعلى المستوى الشعبي كذلك. وفي مبادرة لافتة تبرع العاهل السعودي ببناء مدينة طبية متكاملة في مملكة البحرين تتبع لجامعة الخليج العربي التي تديرها دول مجلس التعاون الخليجي (مؤسسة من مؤسسات المجلس) وأعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز أن هذه المدينة هدية من الشعب السعودي إلى اشقائه في البحرين ودول الخليج العربي. وتقدر تكاليفها بمليار ريال سعودي (حوالي 260 مليون دولار). أما المبادرة الثانية اللافتة في هذه الزيارة فكانت من العاهل البحريني الذي قدّم إلى ضيفه سيفاً ذهبياً قديماً، كانت العائلة المالكة البحرينية تحتفظ به منذ أن أرسله الإمام سعود بن فيصل آل سعود، إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين والجد الأكبر للملك حمد بن عيسى آل خليفة قبل أكثر من 140 عاماً. وقد حفظته العائلة المالكة البحرينية أمانة، ورمزاً للعائلة الواحدة والأصل الواحد. ويسمى هذا السيف بـ»الأجرب» وهو سيف الإمام تركي بن عبد الله آل سعود، الجد الأكبر للعاهل السعودي. ولفت العاهل البحريني إلى أن «هذا السيف علامة ثقة متبادلة بين البلدين ودلالة أخوة دائمة، وقد ارتأينا أن يكون مكانه بين أيديكم الكريمة تذكاراً لما بناه الأولون وأمانة خالصة للأخوة الحقيقية والتاريخية بيننا، وللتكاتف والتلاحم بين الشعبين الشقيقين». والإمام تركي هو مؤسس الدولة السعودية الثانية. ولاحظ العاهل السعودي أن هذا السيف يمثل رمزاً تاريخياً ويعبر عن مكارم الأخلاق والقيم التي حفظته وصانته وأكرمته، عندما حل في وطنه الآخر البحرين..». والسيف الملقب بـ»الأجرب» مشهور بشهرة فارسه الإمام تركي بن عبد الله آل سعود الذي يقول فيه من قصيدة طويلة: طارَ الكرى من مُوْقْ عيني وفرّا وفَزّيتْ من نومي طَرا ليْ طَواريْ يومْ كلٍ (ن) من رفيقه تِبَرّا حَطّيتْ الاجرَبْ لي رفيقٍ (ن) مْباري وهذه القصيدة تفيض بالحماسة والحكمة، وقد أرسلها الإمام تركي إلى ابن عمه مشاري سنة 1235هـ. ويُعدّ هذا السيف (الأجرب) رمزاً للصمود والبسالة والتضحية في سبيل الوطن، ويقال إن سبب تسميته بـ»الأجرب» يعود إلى أن غِمْده كان يبدو كالجمل الأجرب من آثار الدم الذي يغطيه من خلال المعارك التي خاضها صاحبه. أما العنصر الثالث اللافت في هذه الزيارة فهو تأكيد العاهلين على عمق روابط العائلتين والبلدين التاريخية ومصيرهما المشترك، ولعل العاهل السعودي قد وجه رسالة مهمة جداً في كلمته رداً على ترحيب مضيفه به «في بلده وبين أهله» فقال: «اليوم تأتي زيارتنا هذه لا لتضيف جديداً، بل لتقول للآخر: إننا وطن واحد وشعبٌ واحد في السرّاء والضرّاء»!. أما الملك حمد بن عيسى، فقد استذكر كلمة تاريخية لمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود خلال زيارة قام بها للبحرين في عهد جده الشيخ حمد بن عيسى رحمهما الله، إذ قال: «إن القلوب مجتمعة إلى يوم الدين». [email protected]
