قيل إن زيارة القاهرة لا تتم دون مشاهدة النيل وزيارة الأهرامات والمتحف ثم زيارة أقدم مكتبة ? مكتبة مدبولي. كنت هناك قبل أسبوعين وحدثني السيد محمود ابن المرحوم الحاج محمد حسين مدبولي مؤسس المكتبة وهذه قصتها كما قال: بدأت المكتبة على شكل كشك عام 1946 في ميدان محمد طلعت باشا. وكان المعلم حسين والد الحاج محمد يدير كشك الصحف والمجلات، وبعد عامين التحق به ابنه محمد وعمره 7 سنوات ليساعد والده في توزيع الصحف والمجلات ثم انتقل بالكشك إلى (12) شارع طلعت حرب القريب من عمارة يعقوبيان (34) نفس الشارع والكثيرون قرأوا قصة العمارة للكاتب الدكتور علاء الأسواني. وعام 1951 وافقت نقابة الصحفيين تحويل أقفاص الجريدة إلى كشك دائم في ميدان طلعت حرب وعام 1970 افتتحت المكتبة في شارع سليمان باشا و1976 ابتاع الحاج مدبولي البناية رقم (6) ميدان طلعت حرب بأربعة أدوار وأصبحت المكتبة لليوم. ظل الطفل مدبولي يعمل مع أبيه حسين في توزيع وبيع الصحف والمجلات الأجنبية لذا لم تتح له الدراسة لكنه التحق لعدة أشهر بمدرسة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن. يقول محمود الابن ان والده تعلم القراءة والكتابة بنفسه من خلال الصحف والمجلات وإقامة علاقات مع المثقفين حيث كان يستوقفهم ليقرأوا له. بعد ذلك نشط في بيع الصحف والمجلات الاجنبية لضباط وجنود الاحتلال الانجليزي في ثكناتهم بمنطقة قصر النيل. كما تعلم عدة لغات ومن مكتبته بدأ موزعا وناشرا عملاقا فنشر سلسلة المسرح العالمي وترجمة الكثير من أعمال أدباء العالم العربي والأجنبي ونشط بعد ثورة يوليو1952 ومغادرة الاجانب 1956. وكانت تربطه علاقة متينة بالكتاب أمثال نجيب محفوظ. قال الأدباء عن المكتبة «انها بورصة الكتاب وبوصلة القارئ والباحث»، وسبقت المؤسسات الحكومية والأهلية في توزيع روائع الأدب العالمي وبيعها بأسعار زهيدة. وتصدر المكتبة سنويا فهرسا بكل الكتب ومؤلفيها وأسعارها. وتعامل مدبولي مع دور نشر عملاقة مثل «دار المعارف» و «دار الفكر العربي» وغيرها. وشارك في عدة معارض عربية للكتاب. وصدر قبل عام كتاب «مكتبة مدبولي السيرة والمسيرة» تكريما لذكراه واستوقفتني عبارة قالها: «كان معياره في الطباعة والنشر هو القيمة الابداعية للعمل بعيدا عن كون المؤلف من الأسماء الشهيرة أم لا». قصة كفاح مدبولي حيث بدأ مع كشك مكتبة 1946 في سن السابعة ليصبح المؤسس لأقدم وأعرق مكتبة في القاهرة، كذلك شيخ الموزعين والناشرين وصديق المبدعين، وكل زائر للمكتبة لا بد أن يجد الكتاب الذي يريده ويشتريه. شكرا لمحمود مدبولي لمعلوماته الدقيقة عن قصة المكتبة ووالده المرحوم مؤسسها.