تشكل التنمية الإدارية عنصراً مهماً وفاعلاً من عناصر التنمية الشاملة نظراً للدور الذي تلعبه المؤسسات الإدارية ذات الفاعلية العالية والقدرات المتميزة في وضع وتنفيذ خطط واهداف وبرامج التنمية، ولا يتأتى ذلك إلا إذا كان الجهاز الإداري ديناميكياً وقابلاً لاستيعاب المفاهيم والأساليب والوسائل الحديثة في الإدارة وتوظيفها لخدمة أهداف التنمية، ونظراً لأهمية المؤسسات أصبحت السمة المميزة للدول العصرية التي تسعى دائماً لاستخدام افضل السبل المؤدية إلى التنمية الشاملة، وهذا بالطبع يتطلب تعزيز القدرات المؤسسية لدرجة تستطيع معها أن تضع أهدافها وتحدد وسائلها التنموية التي تسهم برفد وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة بالإضافة إلى تنمية قدرات الإداريين العاملين للقيام بمهام التنمية بكفاءة عالية. وفي حالة وضع خطط للتنمية الإدارية لا بد من الانطلاق من أوضاع إدارية مستقرة تحتاج إلى المزيد من التطوير، أي إحداث تغييرات مستمرة في هيكل تنظيم الدولة والأساليب الإدارية المستخدمة كلما استدعى الأمر لسد جوانب النقص الموجودة من اجل ملاءمة التنظيمات والأساليب الإدارية القائمة (المستخدمة) للأهداف والسياسات العامة للدولة وبرامجها وخططها. ولضمان درجة مناسبة من النجاح في إحداث التنمية لا بد من التوازن بين الأهداف العامة التي تسعى الدولة الى تحقيقها والوسائل المتاحة والتي من ضمنها الأجهزة الإدارية بكل ما تحتويه من مكونات ومفردات، فاذا حصل خلل في أي من طرفي المعادلة فان النتيجة ستكون الفشل الذي يعني ضياع الجهد والمال. ومن الأهمية بمكان التركيز على اختيار النموذج الإداري المناسب نظرا لدوره الفعال في الوصول إلى الأهداف المنشودة، فلا بد من اختيار النموذج الأنسب الذي يتلاءم بشكل اكبر مع خطط واهداف وبرامج التنمية، إذ انه لا توجد طريقة واحدة مثلى لإدارة وتنظيم المنظمة، وقد يكون ذلك سببا آخر لتعثر الخطط التنموية في العديد من الدول النامية خاصة التي ركزت على النموذج البيروقراطي في إدارة أجهزتها على افتراض انه يصلح لكل زمان ومكان، وقد يكون تطبيق النماذج الغربية من باب التقليد في العديد من الدول النامية سببا آخر من أسباب التعثر بسبب الاختلافات الثقافية والبيئية. [email protected]