الزواج نصف الدين وبيت السكينة والأسرة والأطفال ..وهو الركيزة الأساسية في بناء مجتمعٌ مُسلم قويّ وشباب عفيفٌ طاهِر بكُلِّ ما تحملُ هذهِ الكلمة من معنى، وهو دِرءٌ للمُسلم من الوقوع في المحظور والمُحَرّمّ ..قال تعالى في سورة الأحزاب آية 50 (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ) وسرّ نجاح الزواج المثالي هو أن يكون مبنيّاً على الثقة والتفاهم ووضع مخافة الله بين عيونهم وخاصة الرجل، وأن يكون تعامل الزوج مع زوجته من باب المعروف والعطف والرحمة والإنسانية وأن يعرف هذا الزوج وكذلك الزوجة أن بناء البيت والأسرة يحتاج من الطرفين إلى الصبر والمعاملة اللطيفة بما يرضي الله ورسوله والمؤمنين، وأن يعرف كلٌ منهم أن أحدهُم وخاصّة الزَوج أن زوجتهُ تَركَت بيت أهلها بما فيه من مَحبة وألفة وراحة وسعادة وذكريات، وجاءت لتبحث عن سنة الله في خلقه، جاءت تبحث عن السِتِر والسعادة والأطفال وبيت مليء بالرحمة والسكينة والدين...قال تعالى في سورة النساء آية 19(وعاشروهنّ بمعروف ) فالزوجة ليست سِلعة ولا هي للمُتعة فقط، الزوجة مكّملٌ رئيسي لحياة الرجل، وهي نصف حياته ونصف دينه إن لم يكن كُلّهُ ..، قال تعالى في سورة الروم أية 21(ومن آياته أن خلق لكُم من أنفسكُم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكُم مودّة ورحمة ) .. وقال صلى الله عليه وسلم (ثلاثة حقٌ على الله عونهم، المُجاهدُ في سبيل الله,والمُكاتِب الذي يُريد الأداء، والناكحُ الذي يُريد العفاف، ، وقال صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيراً فمن أكرمهن فهو كريم ومن أهانهن فهو لئيم، وقال أيضاً إتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهنّ بأمانة الله وأستحللتم فروجهن بكلمة الله،، صدق الله ورسوله الكريم،،
من هُنا أقول أن الزواج أمر مقدّسّ عند جميع شعوب العالم، وأقرّتهُ الشريعةُ السمحاء وكافة الديانات السماويّة الأخرى، لذلك من البديهي أن يكون الطلاق وهو نقيض الزواج وعدوه اللدود, وهو دمارٌ للزوج والزوجة وللأسرة ..(والأطفال على وجه الخصوص ).. وكم من أُسرة تشردت وتفتت فيها أواصر الإتصال والرحمة والحياة الفضلى, وكانت الفرقة والتشتت والضياع والندم عنوان حياتهم بفعل الطلاق وبفعل لحظةٌ شيطانيّة جاءت على غفلة دون ذكر إسم الله، لحظة فيها سيكون الندم لا محالة بين الزوجين، وعواقبه وخيمة على الأطفال في كل شيء، وها نحن نرى أثاره على كثير من العائلات التي حصل فيها الطلاق بين الزوج والزوجة فهنا أطفال في الشوارع تائهون لا يعرفون عن المدرسة شيئا ولا لطعم الراحة والألفة والسكينة ذِكرٌ في حياتهم، مشتتون، يائسون، حائرون، يرسم الحزن طريق مصيرهم ومستقبلهم،، فتذكر أخي الزوج وتذكري أختي الزوجة لحظة يبكي فيها طفلك أو إبنك ولا يجد من يمسح دموعه، تذكري أيتها الزوجة الفاضلة والزوج الفاضل لحظة يحتاج فيها إبنك ويتألم وينادي (يا أمي ويا بوي، أو يا ماما ويا بابا) ولن يكون هناك من يسمع النداء ويلبيه، وتذكّروا أن تتزوج إبنتِك أو أبنتُك وأنتم غائبون عنها في ليلة زفافها ...أين الصبر وأين مخافة الله، وأين السكينة التي ذكرها الله في كتابه العزيز ...؟ أليس العِشرة بينكُم تعني أن يصبر أحدكم على الآخر وأن يتركه يتكلم ما يريد في ساعة شيطانية وساعة غضب، أليس للأولاد حق عليكم في الرعاية والمحبة والسكينة والمستقبل،، ألا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كرهت منها خُلقٌ رضيت منها آخر)،، ويقول أيضا ويل لامرأة أغضبت زوجها وطوبى لامرأة أرضت زوجها ..وأنه من ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة ومن ماتت وزوجها غضبانٌ منها دخلت النار ...أيُها الزوج لك بعض العذر في الطلاق بأمور محدودة ومسموح بها, تكون مغصوبا عليها وكلنا نعرفها، ولكن هذا لا يعني أن يطلّق الرجل زوجته لكلمة قالتها ساعة غضب، أو لمجرد أنها أبدت رأيها في أمر ما، أو لأنها ذهبت للجارة دون إذن!!!، أو لزيادة في مِلحُ الطبخة، مثل هذه الأمورالتافهة يتم حلّها بالتفاهم وبقليل من الصبر دون طلاق، ذهب صحابي جليل إسمه عقيل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ..فقال يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك زوجتي وأنها ترفع صوتها عليّ، وأسألك بالله أن تقول لي ماذا أفعل بها ..فلم يجبه عمر، وفي اليوم الثاني ذهب عقيل إلى بيت عمر وعندما أراد أن يطرق الباب وإذا به يسمع زوجة أمير المؤمنين وهي ترفع صوتها على عمر بن الخطاب، فعاد إلى بيته ولم يفعل شيئا وفي الصباح قال له أمير المؤمنين لقد سألتني يوم أمس وشكوت لي زوجتك فماذا حصل، قال يا أمير المؤمنين سمعت صوت زوجتك عليك وعلمت صبرك عليها فقلت إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف يكون حالي.
أيها الأزواج وأيتها الزوجات ..إتقوا الله في نسائكم وأتقينّ الله في أزواجكنّ وفي أطفالكم وأعلموا أن أبغض الحلال عند الله الطلاق وأن لحظة غضب قد تجعلك نادما مدى الحياة.
إذعار سعد الحميمات