الشباب ومواقع التواصل الاجتماعي .. تباين الأهداف والآليات !

الشباب ومواقع التواصل الاجتماعي .. تباين الأهداف والآليات !

عمان – فتحي الأغوات - أتفق شباب على وجود تباينات كبيرة في الغايات والآليات التي يتخذونها في التعامل مع وسائط التواصل الاجتماعي منهم من يرى أنها وسيلة للتعارف والتواصل مع الأهل والأصدقاء والبعض الآخر يرى فيها ساحة لإتمام بعض الصفقات والأعمال فيما البعض الآخر يتخذها وسيلة للترفيه أو التعلم وأخير هناك يجدها وسيلة لإقامةعلاقات غيرشرعية !وبين مؤيد وموافق بتحفظ على استخدام هذه الوسائل اعتبر شباب أن شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت وسيلة هادفة وفاعلة تقودهم إلى حالة من الرقي والحداثة مشيرين إلى اختزالها المسافات الجغرافية والثقافية والمعرفية بين المجتمعات المختلفة.في وقت ما زال ينظر فيه بعض الأهالي إلى هذه الشبكات على أنها أسهمت في تقطيع أواصر العلاقات الاجتماعية بين الأسرة الواحدة محولة حميمية هذه العلاقات إلى فتور في ظل عدم قدرتهم على التواصل مع أبنائهم بطريقة مثلى.وفي الإطار يرى الشاب خالد عويس أن الإنترنت سلاح ذو حدين يمكن أن يكون مفيدا إذا عرفنا كيف نستثمره بشكل أمثل وهو في الوقت نفسه أداة تخريب للأخلاق عن طريق بعض المواقع المبتذلة التي لا تجدي نفعا.ويؤكد ضرورة توافر دور رقابي وتوجيهي للشباب من أجل الاستثمار الأمثل والصحيح لهذه الوسيلة الحضارية من خلال ما توفره لهم من الاطلاع على الأبحاث العلمية وإرسال رسائل بريد إلكتروني وغيرها من الفوائد التي يمكن للشباب جنيها بالاستخدام السليم للإنترنت الذي أضحى ضرورة ومتطلبا عصريا وحضاريا في حياتنا اليومية.من جهتها تعتبر الطالبة الجامعية  «ريم « أن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة جيدة للتواصل بين الأشخاص الذين تربطهم مصالح مشتركة فيما بينهم كالأساتذة والطلبة على سبيل المثال مضيفة أن الدراسات العلمية في مجال الاتصالات الحديثة أثبتت أن مستخدمي هذه الشبكات هم الأكثر اطلاعا ومواكبة للمستجدات والأحداث العالمية في المجالات المختلفة.وهو ما تؤكده  زميلتها « علا « وتقول إنها أصبحت تعلم بالأحداث قبل الآخرين لافتة إلى أن مواقع الشبكات الاجتماعية تعمل على تحديث المعلومات بشكل مستمر وسريع.وتضيف أن استخدامنا لهذه المواقع يعود حسب طبيعة كل شخص وتوجهه وتخصصه، مشيرة إلى أن فضاء الإنترنت مفتوح لكل المستخدمين فمن أراد الترفيه وجده ومن أراد التعلم أو التواصل أيضا وجد غايته.فيما تشير»خلود عودة» إلى عدم وثوقها بعلاقات الإنترنت لاستحالة التأكد من صدق الطرف الآخر وتؤكد أن بناء العلاقات الإنسانية لا يمكن أن يبدأ إلا باللقاء المباشر وجها لوجه مع الشخص على أرض الواقع وليس من خلال الأسماء المستعارة التي قد يستخدمها البعض في تزييف حقيقته عن الطرف الآخر.وتلفت إلى أن علاقات الحب والصداقة التي تعتمد كليا على الإنترنت فاشلة على حد قولها كون الإنترنت عاجزا عن إيصال المشاعر والتي يصعب التأكد من صدقها عن بعد واختبارها وإمكانية التمييز بين المشاعر الصادقة والمشاعر المفتعلة.ويعترف وائل مخادمة  بأن قدرته على الجلوس أمام الإنترنت تتزايد يوما بعد يوم خصوصا أن لي صداقات ومعارف كثيرة من الجنسين في أنحاء مختلفة من العالم وأتحدث معهم بشكل شبه يومي ويضيف تشكل مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لي السبيل الوحيد للانقطاع عن الواقع الذي يصفه بالجمود وعدم قدرته على الاندماج فيه إذ تنقله إلى عالم افتراضي آخر زاخر بكل ما هو جديد وشيق.ويشير مهند  طالب الإدارة في جامعة مؤتة إلى أنه في بداية استخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي كان يجدها مضيعة للوقت ليكتشف بعدها أنها ساهمت بشكل إيجابي بتثقيفه ومشاركته بعدد من الأعمال التطوعية والخيرية التي ترجمت على أرض الواقع وكانت تهتم بمساعدة العديد من الأطفال الفقراء بمشاركة العديد من الشباب الذين ساهموا بالحملات.ويتابع « مهند « معظم المبادرات الشبابية التي انطلقت مؤخرا كانت بدايتها كأفكار طرحت عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتتحول بعدها من خلال جدية الشباب إلى مبادرات هادفة على أرض الواقع وكان لها صدى مميز في المجتمع.أما « اَية خليل» مسؤولة تطوير الأعمال في إحدى الشركات فتجد أن شبكات التواصل الاجتماعي كالقارب والمستخدم هو من يمسك الدفة ويتحكم في اتجاه سير الانترنت مؤكدة أنه في حال أحسن استخدامها استفاد منها وفي حال أساء هذا الاستخدام أصبح حالها كحال أي تقنية حديثة تظهر.وتشير إلى وجود العديد من الشركات والمؤسسات التي باتت تستخدم شبكة التواصل الاجتماعي عبر الانترنت بهدف التواصل مع زبائنها والتفاعل معهم وإيصال المعلومات وتزويدهم بالصور ومقاطع الفيديو عن منتجاتهم الجديدة بهدف معرفة رأيهم بالمنتج من خلال تعليقات الزبائن على الصفحة وأخذ العلم بمقترحاتهم بالموضوعات التي تطرحها الشركة عبر موقعها الخاص على الانترنت.فيما تشتكي الخمسينية  « أم هيثم « من استخدام أبنائها للانترنت لساعات طويلة مؤكدة أنهم يقضون وقتا طويلا في استخدام الانترنت على حساب الوقت الذي يقضونه مع الاسرة مشيرة إلى أنه وبعد دخول الانترنت إلى المنزل لاحظت أن أبناءها لم يعودوا يجلسون كالمعتاد مع العائلة ويتحدثون معهم كسابق عهدهم حول موضوعات تخص العائلة.من جهته يقول جهاد الصرايرة إن أبناءه ابتعدوا عن أداء الواجبات العائلية سواء كانت هذه الواجبات تخص زيارة الأقارب للاطمئنان عليهم أو حضور المناسبات، مشيرا إلى أن حجة أبنائه دائما تكون أن لديهم عملا كثيرا على الانترنت وفي وقت لاحق يقومون بالواجب.أما محمد بديرات فيرى أن السبب الحقيقي الكامن وراء لجوء البعض من الشباب إلى الإنترنت في إقامة العلاقات يعود إلى شخصية الشاب أو الفتاة إذ يشعر البعض بالخجل من اتباع الطريقة التقليدية في التعرف على الجنس الآخر في حين تختصر الدردشة الكثير من العناء كونه لا يرى الطرف الآخر مباشرة.ويصف الاعتماد على الإنترنت وحده في بناء العلاقات العاطفية بأنه ضرب من الهوس لدى البعض وأن الثقة في بناء صداقة جادة مع الآخر تتطلب استحضار الحواس ورؤية الطرف الآخر ومحاورته وليس فقط عبر مواقع التواصل الاجتماعي.وبحسب اختصاصيين في علم الاجتماع والنفس التربوي فان الانترنت يعد من أكثر الوسائل الاتصالية جاذبية للشباب بشكل عام مشيرين إلى أن استخدامات هذه الوسيلة تتنوع بحسب اهتمامات كل شاب فمنهم من يستخدم الانترنت بدافع الحصول على معلومات معينة أو بدافع التسلية والترفيه أو بدافع التواصل مع صداقات قديمة أو إقامة صداقات جديدة ومتنوعة أو بدافع الاطلاع على آخر المستجدات العالمية وحتى بدافع شغل الفراغ.وبينوا أن هناك أبعادا اجتماعية عديدة للاتصال عبر الانترنت ذات تأثيرات واضحة في طبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع لافتين إلى أن الشباب يستخدمون الانترنت بوصفه وسيلة اتصال في حياتهم اليومية بصرف النظر عن أعمارهم ومستوياتهم التعليمية وحالاتهم الزوجية وأوضاعهم المهنية وإذا كان هناك من دلالة اجتماعية لهذه النتيجة فإنها تكمن في المدة الزمنية القصيرة من عمر الانترنت الذي بدأ ينافس أكثر أشكال الاتصال رسوخا وهو الاتصال الشخصي المباشر.وأشاروا إلى أن العلاقات الإنسانية التي تقوم عبر شبكة الإنترنت تقود إلى أن احتمالات كذب الأشخاص أكبر من احتمالات صدقهم إذا ما واجهوا غيرهم وجها لوجه فالإنترنت يوفر الغموض الذي يمكن استغلاله أيضا لتحقيق مكاسب عاطفية شخصية بعيدا عن القيم والضوابط الاجتماعية وكذلك إمكانية استغلاله (الانترنت) من قبل عصابات الإجرام وأيضا التغرير ببعض الفتيات ووقوعهن فريسة لفئات لاهية كون الإنترنت تعد وسيلة استقطاب للكثير من الشباب حيث الفرصة الملائمة لأصحاب النفوس المريضة في الاستخفاف والتغرير بالشباب وبخاصة الفئة المراهقة التي قد لا تعي جيدا هذه الأساليب لإيقاعهم في شركهم وبالتالي تقودهم إلى متاهات خطيرة قائمة على الكذب والخداع في اغلب الأحيان.وحذروا من أن هذا التغيير يهدد حيوية العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع ويشكل خطورة على متانة التماسك الأسري واندماج الشباب الاجتماعي فيه . داعين الأبوين باعتبارهما المسؤول الأول عن أبنائهما إلى زرع التواصل الاجتماعي فيهم وخلق بيئة جديدة للحوار الأسري وتشديد رقابتهما على المواقع التي يدخل إليها الأبناء في الانترنت لما لهذا الموضوع من أهمية في تحصين الشباب وتحديدا من هم في سن المراهقة من الأمراض النفسية والاجتماعية المترتبة على استخدام الانترنت في المستقبل.وأوضحوا أن التغيير الذي أحدثه استخدام الانترنت من قبل الشباب في صبغة التفاعل الاجتماعي بين الشباب وأسرهم وعلاقاتهم مع محيطهم الاجتماعي نجم عنه تراجع في مقدار التفاعل اليومي بينهم وبين أسرهم من جهة وتراجع زياراتهم التي اعتادوا القيام بها لأقاربهم من جهة ثانية إضافة لتدني مساهماتهم ومشاركاتهم في المناسبات الأسرية والعائلية وتذمر الأسرة المتواصل منهم بسبب انشغالهم بالانترنت.وشددوا على أهمية عدم الوثوق بشكل كامل بهذه العلاقات وأخذ جانب الحذر في التعامل مع هذه الوسائل وعدم التخلي عن الضوابط الاجتماعية فهي وقاية للشباب من هذا العالم المجهول الذي لا يعرف مداه أحد.ودعوا إلى دور أسري توعوي أكثر فاعلية في عملية الرقابة على الأبناء وبخاصة فئة المراهقين التي قد تستخدم هذه الوسيلة بطريقة غرائزية هروبا لبعضهم من أزمته المرحلية القائمة على التمرد واكتشاف كل مجهول، حاثين الشباب على الاستغلال الإيجابي لهذه الوسيلة الحضارية عبر تسخيرها في أعمال مفيدة ضمن منظومة العلاقات الرسمية التي تحكمها الضوابط الاجتماعية.فيما أشارت دراسات إلى أن استخدام الانترنت عمل على إضعاف العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وحول ما كانت تتمتع به من حميمية إلى فتور غير أنماط تفاعلهم الاجتماعي وفتح أمامهم سلوكيات جديدة أضرت بقيمهم وأخلاقهم فضلا عما أوجده بينهم من مشكلات جديدة غير مألوفة كاغترابهم النفسي وعزلتهم اجتماعيا إضافة إلى انتشار قيم الاستهلاك بينهم فضلا عن العوامل الافتراضية المتخيلة التي أوجدها الانترنت ليعيشوا فيها كعوالم بديلة عن عوالمهم الحقيقية .