البعد الاجتماعي في الأمن الوطني

البعد الاجتماعي في الأمن الوطني

الإنسان هو العامل المؤثر في الأمن الوطني فهو القوة الفاعلة، لأن الاقتصادي هو إنسان وكذلك السياسي والمعلم والجندي والمزارع، حيث يكون المطلوب حسن إعداد المواطن ليؤمن ذاته في صحته وعقله واخلاقياته وتقاليده (تراثه). ويهدف هذا إلى ايجاد حالة استقرار للمجتمع وإلى تماسك نسيجه مع توازن العوامل السكانية والاجتماعية، كما يجب الأخذ بعين الإعتبار الشخصية المميزة للمجتمع وميراثه الحضاري وعاداته وتقاليده.

لقد أصبح الأمن الوطني قضية كبرى وهاجسا بات يشغل المجتمع الإنساني المعاصر ويطغى على اهتماماته، فالدول اليوم تتخذ ترتيبات وإجراءات ظاهرة وخفية وتخصص من أجل ذلك موارد ضخمة وجهودا وطاقات هائلة، لذا نجد أن البعد الاجتماعي من أكثر الأبعاد الأمنية تأثرا بمصادر التهديد في المجالين الدفاعي والخارجي وعلى المستويين الرئيسي والثانوي. ويمثل البعد الاجتماعي البعد الأساسي للأمن الوطني، حيث تدور دراساته حول المواطن لأن العامل البشري يشكل عصب الأبعاد الأمنية الأخرى، فهم السياسيون والاقتصاديون والمقاتلون والشعب بكل طوائفه ومهنه، كما أنهم المخططون والمنفذون والمستفيدون أو المتضررون.

وتقوم أسس الدراسة للبعد الاجتماعي على الإجابة عن عدة تساؤلات عن حقيقة المجتمع وهي في الوقت نفسه تكشف عوامل التهديد وتحدد درجته وأسبابه :

؟مدى إشباع الحاجات الأساسية للمواطنين (مادية ومعنوية)، ودرجة تحقيق العدالة الاجتماعية (التفاوت الاجتماعي) بين طبقات المجتمع، وتوفر الخدمات الأساسية وحصول الأفراد على حقوقهم والالتزام المنضبط في الحياة اليومية من قبل الشعب والأجهزة الحكومية.

؟درجة قوة النسيج الاجتماعي للدولة (ترابط أم تفكك)، ومدى تمتع الباحثين والمفكرين بفرص للإبداع والإبتكار واستفادة الدولة من إنتاجهم ومدى توفر المؤسسات العلمية ذات المستوى العالمي ومظاهر الإنتماء والولاء والتضامن بين الشعب والحكومة.

طالما أن البعد الاجتماعي يهتم بدراسة السكان فأن أهم عوامل التهديد الداخلية لا بد وأن تكون سمات المجتمع وهو ما يطلق عليه (القوى البشرية للدولة)، ويهتم فيها بثلاث نواحي تمثل عوامل ضغط تهدد البعد الاجتماعي داخليا وهي: الكثافة والتوزيع السكاني والخصائص النوعية للسكان.

تمثل الكثافة السكانية المنخفضة نقطة ضعف فهي تعني عدم قدرة القوة البشرية في الدولة على استغلال الموارد الطبيعية المتاحة داخل حدود الدولة أو عدم القدرة على ملء الفراغ بها، وفي كلتا الحالتين فالدولة المجاورة خاصة إذا كانت مرتفعة الكثافة السكانية ستحاول حل مشاكلها السكانية على حساب موارد ومساحة الدولة الأقل كثافة، كما أن الدولة قليلة الكثافة السكانية ستلجأ إلى استيراد العمالة من الخارج لإستكمال مطالب إدارة الدولة في معظم وظائف الخدمات، وهي نقطة ضعف أخرى قد تزداد خطورتها عندما تزيد نسبة الوافدين من الخارج (العمالة الأجنبية) عن نسبة المواطنين الأصليين.

يرتبط التوزيع السكاني بأحد جوانبه بالكثافة الخاصة لمكان محدد وهو بذلك يتشابه مع الكثافة السكانية بالحساب ويختلف عنها بمدلول النتائج مع ربط ذلك بالخصائص النوعية السكانية، حيث يؤدي ضعف الخصائص السكانية وخاصة الصحة والتعليم إلى ضعف القوة العاملة وهو ما يضعف البعد الاقتصادي ويزيد التوتر في البعد الاجتماعي وينعكس سلبا على قدرة الدولة في التنمية.

يجب على المخطط الاستراتيجي دراسة مؤشرات وقياس عناصر تهديد البعد الاجتماعي (داخلية وخارجية) والحمد الله نحن في الأردن نعيش في مجتمع متجانس لغة ودينا وثقافة، إضافة إلى تلاحم القيادة مع الشعب ولكن هذا يتطلب منا اليقظة والاستعداد والإعداد لمواجهة التحديات القادمة.

s.maaytah@sunyjordan.org