رغم تأكيد جميع الأطراف المعنية بان ما يطلق عليها مسدسات الخرز ممنوع استيرادها، إلا أنها موجودة في الأسواق. وأنها إحدى اللعب الرئيسية للأطفال، وبخاصة في فترة العيد. وهي الألعاب التي يجمع الخبراء والمعنيون بأن لها محاذيرها التربوية، وبخاصة في مجال تعميق نهج العنف عند الأطفال، وتكريس هذا النهج لديهم ، خاصة في مجتمع ما زال حمل السلاح واقتنائه يشكل جزءا من تقليد مرتبط ب الرجولة . وما زال إطلاق النار في المناسبات يشكل حالة عصية على المعالجة. أما في البعد الآخر، وتحديدا في مجال الأضرار المباشرة، فقد أدت هذه الألعاب المسدسات خلال فترة العيد إلى وقوع 150 إصابة بين الأطفال من بينها ثمان حالات خطيرة. أطراف العلاقة يؤكدون ـ بحسب تقرير نشرته الرأي ـ أن هذه الألعاب الخطيرة تدخل إلى البلاد بطريقة غير مشروعة. بمعنى أنها تدخل بواسطة التهريب. سواء أكان المهربون ممن يطلق عليهم البحارة أو غيرهم. ما لفت انتباهي في التقرير الذي أعدته الزميلة رانيا تادرس، هو تفسير دائرة الجمارك لدخول مثل هذه المواد الضارة. حيث تؤكد أنها تدخل بطريقة غير مشروعة. وأن الدائرة ضبطت شحنة واحدة من هذه المسدسات، وسيتم إتلافها. في نفس التقرير هناك إشارة إلى أساليب أخرى للتهريب، من بينها التلاعب بالبيان الجمركي ، بمعنى أن التاجر المستورد يزور البيان الجمركي ويدعي أن البضاعة في داخله سلعة أخرى مسموح باستيرادها. وبالتالي يتمكن من إدخالها على هذا الأساس. التقرير بمجمله يكشف بشكل غير مباشر عن سهولة عمليات التهريب. سواء أكان ذلك تهريبا مباشرا عبر بعض المناطق الحدودية. أو من خلال تزوير البيانات الجمركية. الأمر الذي لا يمكن فهمه إلا من زاوية وجود ثغرة في نظامنا الجمركي. فإن كانت عمليات التهريب لا يمكن ضبطها بالكامل، فإن عمليات التزوير في البيانات لا بد من التوقف عندها. خاصة وان الجهات المعنية ـ الجمارك ـ تعترف بأن المهربين يمكن أن يفلحوا في التهريب من خلال هذا الأسلوب ، الذي يقوم على مبدأ ثقة الجمركيين بما يقدمه التاجر من معلومات حول المادة المستوردة. فالأصل أن لا تكتفي الإدارة الجمركية بالبيانات التي يقدمها المستورد. وإنما تقوم هي بإجراءات هدفها التأكد من دقة البيانات. وأن لا يكون ذلك بطريقة عشوائية، بحيث يتم اختيار بعض الإرساليات وفحصها . وإنما فحص جميع الإرساليات بغض النظر عن الوقت والجهد الذي يبذل في هذا الصدد. مبرر ذلك الخشية من دخول مواد أكثر خطورة على حياة الإنسان. سواء في مجال المواد الغذائية أو غيرها. أما البعد الآخر، فيتمثل بأن العقوبات غير رادعة. فلا يكفي أن تصادر المادة المهربة، وان يدفع المهرب غرامة عادية . فالتقديرات تشير إلى احتمالية أن يكون قد نجح في تهريب شحنات سابقة تعوض خسارته. أو انه سيفلح في تهريب دفعات لاحقة تعوضه تلك الخسارة ما دام النظام الجمركي يعاني من بعض الثغرات التي يمكنه المرور منها. فالمطلوب إذن، إعادة النظر بالنظام الجمركي ليكون أكثر إحكاما وأن يتم تغليظ العقوبات لتكون أكثر ردعا. [email protected]
