جمانة فوزي النعيمات - اتفق الفقهاء على أن المطلقة طلاقا رجعيا تستحق النفقة والسكن، وبالنسبة للمبتوتة فقد أخذ القانون برأي أبي حنيفة بأن لها النفقة والسكن مثل المطلقة الرجعية، لإنها مكلفة بقضاء مدة العدة في بيت الزوجية، فهي محتبسة لحقه فتجب لها النفقة، كما أنه يجب على المعتدة من طلاق رجعي أن تعتد في بيت الزوجية، حتى تنقضي عدتها ولا يحل لها أن تخرج منه، ولا يحل لزوجها أن يخرجها منه ولو وقع الطلاق أو حصلت الفرقة. وهي غير موجودة في بيت الزوجية وجب عليها أن تعود إليه بمجرد علمها، قال تعالى : « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا « ( الطلاق : 1 )، وهذا ما ذهبت إليه المادة 150 من قانون الأحوال الشخصية الأردني : « تعتد معتدة الطلاق الرجعي والوفاة في البيت المضاف للزوجين بالسكنى قبل الفرقة وإن طلقت أو مات عنها وهي في غير مسكنها عادت إليه فورا ولا تخرج معتدة الطلاق من بيتها إلا لحاجة وإذا اضطر الزوجان للخروج للبيت فتنقل معتدة الطلاق إلى مسكن آخر يكلف الزوج بتهيئته في مكان إقامته أو عمله، وأما معتدة الوفاة فلها الخروج لقضاء مصلحتها ولا تبيت خارج بيتها وإذا اضطرت إلى ترك المسكن فتنتقل إلى أقرب موضع منه، وجاءت المادة 154 – أ – ليس للمرأة التي توفي عنها زوجها نفقة عدة سواء كانت حاملا أم غير حامل، وجاء في الفقرة - ب - وإن للمتوفى عنها زوجها السكنى في بيت الزوجية مدة العدة إذا كان المسكن للميت إما بملك أو بمنفعة مؤقتة أو بإجارة مدفوع بدلها قبل موته .
ويجوز للمعتدة الخروج في حوائج نهارا ، فقد ورد في الحديث الشريف، قال جابر : « طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجذ نخلها، فلقيت رجلا فنهاها، فذكرت ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام، فقال : « أخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا : رواه النسائي، وليس للمعتدة المبيت في غير بيتها ولا الخروج إلا لحاجة .
والحداد في فترة العدة؛ وهي بمعنى ترك الزينة وإظهار مظاهر الحزن ، فالمتوفي عنها زوجها يجب عليها الحداد سواء كان مدخولا بها أو غير مدخولا بها، ولا يجب الحداد على المعتدة رجعيا بل يستحب لها أن تتزين ليراجعها زوجها، وهي أصلا زوجة حكما، وبالنسبة للمعتدة من طلاق بائن يجب عليها ان تحتد ؛ لإن النبي عليه الصلاة والسلام « نهى المعتدة أن تختضب بالحناء«
ويجوز خطبة المتوفى عنها زوجها تعريضا لا تصريحا لقول الله تعالى : « وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ « ( البقرة : 235 )، ولا يجوز خطبة المعتدة من طلاق رجعي؛ لأنها زوجة حكما حيث يجوز لزوجا مراجتها بدون عقد أو مهر جديدين، أما بالنسبة للمعتدة من طلاق بائن سواء كانت بائن بينونة صغرى أو كبرى فقد اختلف الفقهاء، فذهب الحنفية على أنه لا يجوز خطبة المعتدة من طلاق بائن بينونة صغرى لا تصريحا ولا تلمحيا حتى تنتهي عدتها؛ وذلك لأن البائن بينونة صغرى يجوز للزوج أن يعيد نكاحها بعقد ومهر جديدين ، فإذا تقدم لخطبتها سيكون سببا للعداوة والبغضاء وايحاشا لقلب الزوج، ويجوز خطبة المعتدة من طلاق بائن بينونة كبرى تعريضا لا تصريحا، ويستدلون بما رواه مسلم من أن ابا عمرو بن حفص طلق فاطمة بنت قيس البتة وهو غائب عنها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا حللت فآذنيني « . فلما حلت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها ن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد « فكرهته، ثم قال : « أنكحي أسامة بن زيد « فنكحته، فجعل الله فيه خيرا كثيرا واغتبطت، وتجوز خطبتها لأن الأمل في رجوعها لزوجها مفقود، ولا تحل له إلا بعد أن تتزوج من زوج آخر ويفارقها بطلاق أو موت .
[email protected]