(على البال)

(على البال)

كما أسمها كانت هذه الرائعة العربية الهوية والهوى، الفنية الوقع. . تلك القصيدة الخلابة التي صدح بها ذات مساء العملاق العربي البدوي محمد عبده، والتي نُقشت حروف إبداعاتها بأسماعنا لتصل حد النجوم الدائمة اللمعان التي لا تخبو بفعل الزمان بل تزداد توهجاً مع الايام..

على البال..كل التفاصيل على البال...واحلى لتفاصيل دايم على البال...ما أدري الى اليوم ولا الزمان إنساك ..يا قلبها قلبي..

فالفن بكافة أشكاله هو الصندوق الخالد في ذاكرة الأيام والأمم، والعبقرية لا تقاس بالمدارس أو الأساليب، بل تسطر بحروف التفرد والعفوية التي تختزل الدروب.. اهناك أعذب من ذاك الشدو الذي حفه الصدق تارة وتارة حداه وجع البعد والتذكر الذي يطال كل التفاصيل كلما كبر البعد وتعمق الفقد و تشكلت فجيعة الوحدة واستحالت كل الأشياء كتفاصيل المحبوب البعيد البعيد...

ويأتي من بعد تلك الرحلة الموسيقية المعتقة بالإنسانية والوجد والفراق التي جاد بها ملحنها ونقلنا حيث واحات الهيام ومرامي العشق وكأننا نُبحر وسط سيمفونية صحراوية، ليصحبها مساحات وامتدادات من الأسئلة التي تنتشر ببال المحب المكلوم الذي لا ينفك عن استنطاق الزمان عن تلك الأيقونة السماوية التي باتت سراً من الأسرار تتطاير بكل رقة في فضاء صحرائه الأرحب ... وهو يتساءل عنها في هذا المقطع من رحلة العذاب الأحلى: ما أدري الى اليوم ..ولا الزمان انساك .. يا قلبها قلبي...ما أدري الى اليوم.. توله على مضناك ..ولا انتهى حبي؟! فالمُحب الموجوع توحد مع ألم فقد محبوبته، التي صارت كالضنى وقطعة القلب وتميم الروح وهو يتساءل اتراها تذكره كما يذكرها؟ اتراها ما قطعت حبل الوفاء ؟!! أما ينتابها مثل ما ينتابه من فيض الحنين وبراكين الذكريات؟ أيثور الوجد فيها ام يبقى ساكنا؟ رحلة من القلق الجميل وقطع من درر وياقوت تلك التي تترامى من فيض بوح مُحب داهمه الوجد في ساعات وأزمنة الغياب المريرة... لتحملنا هذه الأغنية الفائقة العذوبة على متن رحلة خيالية رهيفة فنستشفَّ من كلمات ذاك الشاعر الفذ بأن محبوبته التي فاض بها الزمن وسافرت ذات وجع الى حيث الأمان والطمأنينة مازالت تستوطن حنايا روحه ..

هناك قصائد وأغان وُلدت ووجدت لتشكل رافداً للحس الإنساني الراقي، ولتُؤرخ بالكلمة واللحن ... فتحية لتلك المحبوبة التي ألهمت وتركت لنا هذه الروائع الفنية من وحي بعدها وهجرها.. وستبقى دوماً على البال نقشاً في سجل جماليات الكلمات والأغاني التي تشبه الياقوت المنثور بل وتجاوز البهاء في روعة الوصف والموصوف..

Diana-nimri@hotmail.com