تعتبر إسرائيل أن مصالح الدول يجب أن تكون منطلقة من مصالحها هي، وما يعجب إسرائيل يجب بالضرورة أن يعجب غيرها من الدول والعكس هو الصحيح تماماً.. وإلا فإنه في العرف الإسرائيلي أي مخالفة لهذه القاعدة تجر على صاحبها أو صاحبتها تصنيفاً إسرائيلياً قد يشارف في كثير من الأحيان صفة الشر أو العداء أو الكراهية ضد إسرائيل أو ضد دولة اليهود وذلك تأسيساً على المقولة الشريرة من ليس معنا فهو ضدنا وهي ذات المقولة التي أطلقها الرئيس الأمريكي المنصرف وأورثت سنوات رئاسته والسياسة الأمريكية داخلياً وخارجياً الكره والفشل والمظالم. إسرائيل ترى أنه مطلوب من العالم كل العالم أن يكره إذا ما كرهت وأن يرضى إذا ما رضيت وأن يحارب إذا ما حاربت وليس لأي جهة عذر في الخروج عن رغبتها ومزاجها وأهوائها . الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما جاء إلى البيت الأبيض بروح ورؤية واستراتيجية جديدة لقضايا داخلية وعالمية كثيرة ومنها على سبيل المثال ما يطلق عليه (بالتهديد النووي الإيراني) أوباما يفضل دبلوماسية فاعلة للحوار المباشر والتفاهم بعيداً عن سياسة الإملاءات والتهديد والإنذارات التي كانت سائدة أيام سلفه لدرجة أن رزمة الحوافز التي عرضها مجلس الأمن على إيران من قبل الأعضاء الدائمين في المجلس لم تعط الثمار المرجوة . إسرائيل من ناحيتها منحت لنفسها الحق في التشكك من سياسة أوباما هذه ذلك التشكك الذي تجاوز بمراحل قضية التهديد النووي الإيراني إلى أن إيران تؤيد حزب الله وتؤيد حماس وتهرب السلاح إلى غزة عبر مصر وتعمل على إفشال المساعي المصرية بين حماس وفتح إضافة إلى أن تصريحات رئيس إيران محمود نجاد الخاصة والمتكررة في موضوع ضرورة القضاء على إسرائيل ونفي الكارثة ومفهومه عن أن النظام الصهيوني ما كان ينبغي له أن يقوم وصولاً إلى رؤية إسرائيل الخاصة التي يجب أن يشاركها العالم فيها وهي أن التهديد النووي الإيراني يعتبر تهديداً وجودياً لإسرائيل . إذاً فإسرائيل تطلب بشكل غير مباشر من أمريكا تحديداً أن تحارب معارك إسرائيل نيابة عنها ومطلوب منها أيضاً أن تعمل على تسوية مشاكل إسرائيل أولاً لأن المهم والأساس هي المصلحة الإسرائيلية العليا .. ومن هنا فإن الأجهزة الإسرائيلية ذات العلاقة تحشد كافة أساليب التحريض الموجهة إلى الإدارة الأمريكية وإلى الرئيس أوباما بالذات كي يتم التبني مجدداً وأسوة بالرئيس الأمريكي المنصرف قضية ما يسمى بالتهديد النووي الإيراني التي تصوره إسرائيل على أنه موجة بالدرجة الأولى ضد الوجود الإسرائيلي ذاته لدرجة أن رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق في إسرائيل (شلومو غازيت) كتب في صحيفة معاريف منذ أيام قليلة يقول.. إن عناوين الصحف الإسرائيلية تتوجه في معظمها لواشنطن وإلى سيادة الرئيس باراك اوباما لتقول له.. إذا لم يفعل شيئاً وفوراً ضد إيران فلن يكون بوسع إسرائيل أن تنتظر أكثر من ذلك مهما يكن من أمر فإن ما يجري يشير إلى مخاطر وجودية على إسرائيل مصدرها طهران بالدرجة الأولى . وأكثر من ذلك فإن الإسرائيليين مجمعون على تحميل الإدارة الأمريكية مسؤولية ما سوف يتمخض عن إصرار إسرائيل بالتصرف وحيدة ضد إيران في حال تخلي الإدارة الأمريكية عن (مسؤولياتها) اتجاه إسرائيل وإذا ما فشلت المساعي السلمية المدعومة بزيادة العقوبات والضغوطات ضد طهران إلا أن ردود فعل القيادة الإيرانية من جهة والروس و الصينيين من جهة أخرى تلقي ظلالاً من الشك على فرص نجاح هذه المساعي الأمر الذي يرى فيه الإسرائيليون أنه يشمل نجاحاً للإيرانيين وخداعاً في الوقت نفسه للرئيس الأمريكي الذي ينشغل في اغلب وقته في أزمة بلاده الاقتصادية ويستمر الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم !!! وهنا تصل إسرائيل إلى قمة بواعث التحريض عندما تضع نفسها على منصة الاعتراف العلني وإن كان بشكل غير مباشر بامتلاكها لرؤوس نووية قادرة على توجيه ضربة مضاعفة لإيران تبين لصناع القرار في طهران أنه لن يبقى ما يكفي من الإيرانيين لإحصاء الدمار والقتلى والبكاء عليهم في إيران إن تمت مهاجمة إسرائيل وفقاً لم ذكرته صحيفة (إسرائيل اليوم) يوم 13 الشهر الجاري . هذا التهديد الإسرائيلي يعتبر من المرات النادرة جداً في تاريخ الكيان حيث يجد نفسه مدفوعاً للتهديد باستخدام ما يملكه من رؤوس نووية ضد إيران كما لعلها المرة الأولى أيضاً أن تضع إسرائيل هذا التهديد موضع المقايضة بين ضرورة المعالجة الأمريكية والدولية لما تعتبره إسرائيل تهديداً لوجودها .. وإما ..إبلاغ العالم بشكل أو بآخر أن إسرائيل تملك قدرة موضوعه رهن إشارة دولة اليهود فيما أطلقت علية يوم الحساب . وبعد هذا السيناريو فإن الحكاية في أصلها أن إسرائيل تحاول يائسة بشد الجميع إلى حافة الهاوية بعد التهور المقصود لرئيس وزرائها نتنياهو الذي أعلن بأنه لا يعترف بحل مبدأ الدولتين للصراع العربي الإسرائيلي ..الرئيس أوباما وجه لإسرائيل من أمام البرلمان التركي بكامل هيئته صفعة على مسمع من العالم حين قال.. أن الولايات المتحدة تؤيد حل الدولتين بشكل لا لبس فيه وهو السبيل الذي سيسير فيه . وهنا من الواضح أن الإسرائيليين أدركوا جيداً أن أوباما اختار زيارة تركيا قبل اللقاء مع نتنياهو فتلك لفته ليست عديمة المعنى إضافة إلى اللقاء مع عاهل الأردن الذي سيعقد لقاء معه قبل لقاء نتنياهو فيما يرى الإسرائيليون أكثر من ذلك أيضاً أن الرئيس الأمريكي بدأ ينحني أمام الملك السعودي . يوئيل ماركوس معلق صحيفة هآرتس قال منذ أيام .. الحياة مع أوباما لن تكون نزهة لإسرائيل إنها أمريكا أخرى وإنه رئيس مع جدول أعمال آخر !!! فأين سينتهي الابتزاز الإسرائيلي !!