ثمة من هو متفائل بتكليف جورج ميتشل بالتوسط لحل الصراع العربي (الفلسطيني) الاسرائيلي، ولهؤلاء مبررات تبدو معقولة بعد التصريحات العلنية والمتكررة للرئيس باراك اوباما، بضرورة حل القضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين، ونفس الكلام أكدته وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون قبل وبعد زيارتها للمنطقة. وهناك من هو متشائم من الوضع القائم في ظل صعود اليمين الاسرائيلي الى سدة الحكم، برئاسة بنيامين نتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة، والتي ستضم حزب اسرائيل بيتنا اليميني المتطرف، الذي يرأسه اليهودي العنصري أفغدور ليبرمان، وكلا الرجلين يعارضان اقامة دولة فلسطينية، ويعتبران القدس الموحدة قديمها وحديثها عاصمة اسرائيل الابدية، هذا اذا تجاوزنا دعوة ليبرمان المتكررة الى طرد العرب من داخل الخط الأخضر خارج اسرائيل،بل وطرد العرب جميعا من فلسطين كلها، واقامة اسرائيل الكبرى ذات الصبغة اليهودية الصرفة،حتى لو احتاج الأمر لاستعمال السلاح النووي، بما في ذلك قصف سد أسوان وهدمه ليغرق معظم المدن المصرية القائمة على ضفاف النيل. زيارات ميتشل الحالية أو المستقبلية، لا بد ان يصحبها قرار أمريكي جاد، لا يخضع لضغوط اللوبي الصهيوني،وذلك لأجبار الحكومة الاسرائيلية أيا كان رئيسها أو وزراؤها على تطبيق الشرعية الدولية، وتنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و 338 على اعتبار ان التسوية الحقيقية تقضي باقامة الدولة الفلسطينية،على حدود الرابع من حزيران 67، وهذا يعني ان القدس الشريف هي أرض عربية محتلة،وانها بالتالي عاصمة الدولة الفلسطينية الخالية من المستوطنات، والمترابطة جغرافيا، حينها يتم الحديث او التفاوض على المسائل الثانوية وتفصيلاتها، لكن الثوابت التي نصت عليها المبادرة العربية المتسقة مع القرارات الدولية، لا يمكن التنازل قيد أنملة عن أي بند من بنودها. التهديدات الاسرائيلية ينبغي الا تخيف أحدا، والعرب يدركون أن اسرائيل لا تملك مشروع سلام على الاطلاق، وكل ما تريده اسرائيل هو كسب الوقت والتلاعب بالألفظ، واشغال العرب والعالم في تفسيرات من صنع خيالها، من أجل تمييع المواقف كي يتسنى لها خلق وقائع جديدة على الارض وبشكل ممنهج، فاذا اصبحت اسرائيل مدركة لجدية الموقف الامريكي لحل الصراع وليس لأدارة الصراع، على ضوء مصالحها مع العالم العربي التي لن تكون على ما يرام، اذا استمرت على انحيازها الفاضح لأسرائيل، على حساب الحقوق العربية، حينئذ سوف ترضخ القيادة الاسرائيلية رغم أنفها، لرغبة المجتمع الدولي لحل الصراع بشكل دائم وعادل. ولكن هناك مقومات ومستجدات لا بد من أخذها بالحسبان من الجانب العربي، ومن أهمها انجاز المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بدون ابطاء، ثم مصالحة عربية شاملة على اساس بناء علاقات مصرية سورية سعودية على أسس استراتيجية جديدة، وأيضا بناء علاقات عربية ايرانية، وعربية تركية متوازنة على مبدأ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، مع تقوية المصالح المشتركة. اسرائيل لم تعد ذلك البعبع الذي لا يقهر، ولو ملكت كل سلاح الدنيا، فهي في المحصلة جزيرة صغيرة وسط محيط عربي واسلامي، ولن تجد عربيا واحدا، أو مسلما واحدا يقبل بالتنازل عن ذرة تراب من القدس، فاذا كانت اسرائيل تقبل من أمريكا بأدارة الصراع فقط، فنحن كعرب ومسلمين لا نقبل من أمريكا الا بحل الصراع فقط، اما على اساس الدولة الواحدة لليهود والمسلمين والمسيحيين، كما كانت قبل 48 واسمها فلسطين، أو الحل القائم على أساس دولتين متجاورتين سياديتين، على حدود الرابع من حزيران، ولا خيار آخر!. [email protected]
