البرنامج النووي الأردني وأصدقاء البيئة و«الفذلكة» الأردنية

البرنامج النووي الأردني وأصدقاء البيئة و«الفذلكة» الأردنية

الدكتور عبدالحليم الوريكات - لقد تضمنت الاستراتيجية الأردنية للطاقة عام (2007) تطوير استغلال الطاقة المحلية من خلال التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة (الشمسية والرياح)، وإدخال الطاقة النووية كبديل لتوليد الكهرباء وتحلية المياه لمواجهة التحديات الصعبة ممثلة بندرة مصادر الطاقة المحلية وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري عالمياً وشح مصادر المياه.
وبعد إنشاء هيئة الطاقة الذرية الأردنية عام (2008) لتنفيذ البرنامج النووي الأردني كخيار استراتيجي لتعزيز خليط الطاقة المحلية، فقد استطاع البرنامج إحراز إنجازات ملموسة لابد من المحافظة عليها والاستمرار في استكمالها لوضع الأردن بمرتبة متقدمة تليق به بين الدول في مواكبة التقدم العلمي العالمي.
بعد نجاح خطط هذا البرنامج فقد ظهرت معركة خارجية للتصدي وإيقاف هذا البرنامج فقد حظي بالتأييد الشعبي على مختلف المستويات الوطنية. وللأسف وبعد حادثة فوكوشيما ظهرت حملات محلية مناوئة لهذا البرنامج من خلال المقالات والبيانات والاعتصامات لعرقلة هذا البرنامج تطالب بتبني الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) كبديل للطاقة النووية بالرغم من عدم الجدوى الاقتصادية لها خاصة في ظلال التقنيات المتوفرة حالياً ونبذ الخيار النووي كلياً. ونستطيع القول أن سبب التصورات الخاطئة لدى المعارضين للبرنامج النووي الأردني يعود إلى معلومات مغلوطة تم نقلها للجمهور، ونستطيع القول أن حملات المعارضة والاحتجاج تعتبر «فذلكة أردنية» أسوة بالتسمية التي طرحها الأخ الكاتب الصحفي الأردني حسن بلال التل في مقاله المعنون «نفاق نووي» والذي نشر في موقع «خبرني» بتاريخ 5/7/2011 .
إن الهدف من نشر هذا المقال هو الرد على الزملاء بهيئة تنسيق العمل البيئي ونشطاء البيئة في الأردن، مع العلم أن معظمهم من أصدقائي أو أساتذتي أو طلابي، بخصوص ما ورد في مقالي المعنون «نعم للمفاعلات النووية بتوافق الرأي العام الأردني» المنشور في الصحف الأردنية بتاريخ 6/7/2011، فإنني أود التوضيح بخصوص ما كتب بشأن المعركة الخارجية والتي بدأت مع بداية عمل الهيئة والحملات الداخلية التي بدأت بعد حادثة فوكوشيما، حيث أنني لا أهدف من كتاباتي أن أتهم أي أحد من هؤلاء الزملاء نشطاء البيئة أو هيئة تنسيق العمل البيئي، وأؤكد على ما ذكره الصحفي الدكتور باسم الطويسي في مقاله المعنون «نقل معركة النووي إلى الداخل» المنشور في صحيفة الغد الأردنية، بتاريخ 17/6/2011، «أردنياً، كان من الواضح، وقبل حادثة فوكوشيما وجود رغبة خارجية في نقل المعركة إلى الداخل ضد بناء قدرات أردنية في مجال الطاقة النووية السلمية، حيث بني خطاب دعائي مضاد على قصة الطاقة المتجددة، وللأسف اليوم تقع في حبائل هذه اللعبة السياسية الدولية وامتداداتها الداخلية قوى وطنية لاشك في انتمائها».
إنني لا أستطيع  أن أشكك في انتماء الزملاء أعضاء هيئة تنسيق العمل البيئي ونشطاء البيئة في الأردن في التعبير عن آرائهم بل ومعارضة البرنامج النووي الأردني، وإنني أشكر الذين ردوا على مقالي المذكور وخاصة الأصدقاء الفريق موسى العدوان، والمهندس كمال جريسات والذي رد بمقال علمي شمل معلومات عن زلزالية الأردن ومصادر الطاقة المحلية المقترح أن تكون طاقة الأجيال القادمة. هذا مع العلم أننا جميعاً نعلم أن استخدام أي مصدر طاقة يرتبط بوجود مخاطر وتحديات، ولا يوجد مشروع علمي في العالم يحظى بإجماع المختصين، فهناك دائماً من يدعو له ومن ينشط ضده، وإنني أحترم حق هيئة تنسيق العمل البيئي ونشطائها في التعبير عن آرائهم ومعارضة البرنامج، ولكنني أدعوهم إلى إتباع أسلوب الحوار الهادف للمصلحة العامة والمبني على النقاش والدقة العلمية للمعلومات المطروحة.
وإنني أشكر الصحفي حسن بلال التل على مقاله المعنون «نفاق نووي»، حيث عرض صورة صادقة عن ما يجري في الوقت الحاضر من تشويه لحقائق علمية عن برنامج الطاقة النووي الأردني. وإنني أتساءل هل من مصلحة أي أردني أن يدعم مصدر للطاقة المحلية ولا يدعم أي مصدر آخر بدون الاعتماد على أسس الاختيار العلمية المعتمدة محلياً ودولياً والتي تشمل دراسة الجدوى الاقتصادية وتطبيق معايير السلامة العامة والأمن والأمان الدولية وتوافق الرأي العام والإجماع الوطني وخاصة المجتمعات المحلية.
إن البرنامج النووي الأردني هو خيار استراتيجي لطاقة المستقبل في الأردن. وإنني آمل نجاح الأردن باستخدام الطاقة المتجددة (الشمسية والرياح) بالإضافة للطاقة النووية وأي مصدر لطاقة محلية لتشكل سلة الطاقة المحلية،  ليكون أردننا قادراًُ على الاستقلالية في إنتاج طاقة محلية اقتصادية ومستقرة وآمنة وصديقة للبيئة بعيداً عن التقلبات السياسية العالمية ولتكون موطن قوة في خطط التنمية الشاملة، وأن يرجع «المتفذلكين» إلى طريق الصواب بقراءة متأنية لمقال الأخ الصحفي حسن بلال التل الذي تبرع ببيته لاستضافة المفاعل النووي الأردني، وكذلك الدكتور خالد الفناطسة، نائب محافظة معان- كتلة التغيير، الذي أبدى الرغبة للنظر في إمكانية بناء المفاعل النووي في محافظة معان بعد استماعه لمحاضرة شملت استراتجيات البرنامج النووي الأردني وفوائده للأردن والأردنيين، بالإضافة لإمكانية استغلال الطاقة الشمسية في منطقة معان، حيث تسطع الشمس (310) أيام في السنة من خلال استراتيجية عملية بتقنية ناجحة، كمصادر للطاقة المحلية ولدعم الأردن كبلد يدفع أكثر من ربع ناتجه الوطني لقاء الحصول على الطاقة.
*هيئة الطاقة الذرية الأردنية