عمان - سميرة عوض - كيف تحولت نجمة كنعان الأسطورية -إحدى أهم زخارف تطريز الثوب الفلسطيني- إلى عنوان هوية ونضال؟ وكيف يكون ارتداء المرأة الفلسطينية الثوب التقليدي نوعاً من النضال الوطني؟ هذه الأسئلة وغيرها ما يحاول كتاب «نجمة كنعان، المقاومة المدنية والثقافية الفلسطينية - معركة الهوية»الإجابة عليها، وما حاول مؤلفه د.احمد جميل عزم توضيحه في حفل توقيع للكتاب أقيم مساء «الثلاثاء» في منتدى الرواد الكبار، أداره مدير المنتدى التنفيذي عبدالله رضوان، وبمشاركة الكاتب والإعلامي معن البياري الذي قدم قراءة للكتاب الصادر حديثا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع وجمعية البيارة الثقافية.
وقرأ معن البياري تاريخ «النجمة» وعلاقتها بالتراب الفلسطيني، منوها أن الكتاب يقاوم الاستهداف الصهيوني للفسطين وتاريخها وتراثها، مقدما ملخصا عن الكتاب/ مشيدا بقدرة المؤلف الباحث على جمع العديد من المؤلفات وتوثيقها وتحليلها في كتابه، مستعينا بحكايا وقصص لناشطين أجانب وتعاطفهم مع الفلسطينيين، وإن كان اخذ على الكاتب «عدم ذكره لقرية «بُدرس» قضاء رام الله»، مستذكراً فيلماً وثائقياً عنها عرض في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وهو فيلم نال جائزتين تكريما له، ويوثق أسبقية بدرس على غيرها في النضال.
ولفت البياري إلى أهمية أن يكون الكتاب في «مكتبتنا الفلسطينية»، كونه يوثق للثوب الفلسطيني، وهو ثوب جذاب لافتا أن «التطريز من أقوى أسلحة التراث الفلسطيني»، كونه «يصل الحاضر الفلسطيني بماضيه الكنعاني البعيد».
ويبين الكاتب د.عزم أن الكتاب : يتكون من مقدمتين، و خمسة فصول، ما يجمع بينها خيط قد لا يكون مشاهد بوضوح، أو أنها تجتمع في إطار فضفاض، ولعل عذري في ذلك كمحرر للكتاب، أنّ مفهوم الهوية ما زال غير واضح تماما في كتاباتنا العربية، كما أن فكرة المقاومة الشعبية والثقافية من حيث أنها جديدة وتتصف بالشمولية والافتقار للتنظير المتبلور المحدد في السياق الفلسطيني الراهن بما يسمح بحشد موضوعات الكتاب جنبا إلى جنب. أوضح محمد بركة قراءته للكتاب كما يلي «إن كتاب (المقاومة المدنية والثقافية الفلسطينية ومعركة الهوية)، الذي خرج من يدي الصديق الدكتور أحمد جميل عزم والإخوة عبدالغني سلامة، ومروان بركات، وسلام عفونة، ونورا جبران، هو بجث جاد ومرجعي، وفي الوقت ذاته وسيلة تعبئة وشكل من أشكال صيانة الانتماء».
وأشاد عزم بكتابين صدرا مؤخرا، الأول كتاب «البنت الشلبية» للدكتورة عايدة النجار، والثاني «لكي لا ننسى، بيت دجن، يافا»، د. أيمن جابر حمودة. الدكتورة عايدة في كتابها تجعلك تشعر بأنّك تتنفس المدينة وتسير فيها، وطبيب القلب أيمن وقابل 60 من أهالي قريته بيت دجن التي عاشوها، واستخدم تقنيات «غوغل إيرث» وخبراء الخرائط وما قام به الباحث الفلسطيني سلمان أبو ستة من عمل توثيقي هائل للخرائط الطوبوغرافية لفلسطين. حدثنا كيف عاش قريته خيالا يسمعه من أهله وأقاربه ثم يبحث عنه في الكتب ثم الإنترنت.
وبلفت عزم إلى أن الكتاب قرأ دلالات أهمية «السرد الوطني»، مما يعني إنّ الحقل الوطني الفلسطيني، بمعنى الرواية الفلسطينية الوطنية، حية وقوية بعكس الحقل السياسي، وهي جزء من الفعل الفردي، في خدمة القضية الجمعية لأمة عربية، ولشعب فلسطيني، تماما مثل هذا الكتاب، رعته مجموعة صغيرة من الشباب يعملون تحت مظلة جمعية اسمها البيارة. لافتا أن «أهمية السرد الوطني في الهوية» كما تقول لالِه خليلي، الباحثة الإيرانية الأصل، الأمريكية، المحاضرة في جامعة «سواس» في لندن، «قد يختلف الجميع بشأن الأسباب والنتائج، ولكن لا يمكن لأي شخص أن ينكر أنّ الدعاوى القومية للفلسطينيين - والإسرائيليين ? تتشكل من قصص حول الماضي: ذكريات وتاريخ». لافتا إلى أن «مسألة الذاكرة الجمعية نجدها في هذا الكتاب في «سفر الجوع»، كما في فصلي الثوب وتمام الأكحل».
ويعتني عزم بالرموز معتبرا «الثوب الفسطيني أحد أهم هذه الرموز». في فصل الثوب، وهو من إعداد نورا جبران وسلام عفونة هذا الموضوع الرمزي. فالثوب كما يبدو هنا بمثابة نوع من الزي الموحد المثقل بالتاريخ والأساطير الفلسطينية الكنعانية، يبدو ككلمة سر. في الفصل تسليط للضوء على تجربة السيدة مها السقا قي إقامة مركز للتراث في بيت لحم، والسقا سخّرت إرث عائلتها من منزل قديم عريق وتآرز معها أبناؤها الذين درسوا في الجامعات الغربية لقيادة مشروع لحفظ التراث. وعرض الكتاب تجربة «يسمون» لشقيقتين تخرجتا من الجامعة الأمريكية في بيروت، وأقامتا دارا للأزياء مقرها الحيوي دبي، باستخدام التطريز الفلاحي الفلسطيني، بهدف الدخول لساحة الأزياء العالمية.
ويبين عزم أن «تمام الأكحل واسماعيل شموط فنانان رسما فلسطين، وتحولت رسوماتهما إلى أيقونات ورموز فلسطينية، ويقول محمد بركة «بلعين لوحة لم يرسمها اسماعيل شموط، ولم تصممها تمام الأكحل، ولكن ريشة فلسطين المتنكرة باسمي إسماعيل وتمام، هي التي رسمتها رمزا وهوية».
إلى ذلك يقدّم مروان بركات في فصل «القدس: جغرافيا متحركة»، معلومات حول الخرائط المختلفة للقدس، وكيف يعرف الأفراد والطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لالقدس وحدودها، سواء في أحاديثهم اليومية العابرة، أو في القرارات الرسمية، هذه المعلومات تتناغم مع تفاصيل وردت في كتاب بندكت أندرسون «مجتمعات متخيلة» كيف تصنع الخرائط وطوابع البريد والمتاحف، الهوية. فالمعركة على القدس في جزء منها حول ما هو المقصود بالقدس.