نشرت المجلة الطبية الأمريكية (JAMA) في (9/4/2008) تقريراً وضعه كل من د. هاني موافي - أستاذ قسم الطوارئ في كلية الطب بجامعة هارفارد ود.بول سبيجال مدير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) جنيف، حول المأساة الكبرى للاجئين العراقيين، فهناك (2,4) مليون عراقي (سبع سكان العراق) تركوا منازلهم وهجروا بلدهم. وما يقارب المليوني عراقي يعيشون في دول الجوار: مليون في سوريا ومليون في الأردن وهذه التقديرات جاء تأكيدها من قبل وكالة (CIA)، ومؤسسة (FAFO) النرويجية. وهذه تمثل اكبر تهجير يحدث بعد تهجير الشعب الفلسطيني. معظم اللاجئين يمثلون أقليات عرقية ودينية. ولقد عرضت المشكلة على الكونغرس الأمريكي بشكل دراسة وضعها كل من: ''مارجسون، وشارب، وبروتو'' في (3/10/2007) وتم نشرها في (13/3/2008). الدراسة تشرح الوضع المأساوي للمهجرين خاصة الأطفال الذين اجبروا على العمل القصري واستغلالهم البشع والفتيات اللواتي يجبرن على ممارسة الجنس لتأمين معيشتهن. وبالرغم من أن المهجرين مرحب بهم في دول الجوار لكن مصيرهم غير معروف، خاصة أن سوريا والأردن توقفا منذ (أكتوبر 2007) للسماح بدخول العراقيين دون تأشيرات مسبقة وذلك للحد من أعدادهم. أما الأغنياء فهم قلة ويمكنهم الإقامة مقابل كفالة مالية تؤكد قيامهم باستثمارات. المفوضية العليا تحاول توفير الرعاية الصحية لهم حسب ميثاق اللاجئين (رقم 23 لعام 1951) رغم أن سوريا والأردن لم توقعا عليه، ولا يعتبران المهجرين العراقيين كلاجئين لذا لا التزام نحوهم. ولذلك فان المفوضة العليا ومؤسسات الأمم المتحدة تعمل مع دول الجوار لتأكيد الحصول على رعاية صحية كافية للمهجرين، خاصة لكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة أو معدية بالإضافة لسوء التغذية وكلها تضع حملاً على دول الجوار التي تعيش أزمات اقتصادية. المشكلة يمكن تتبعها منذ التقرير الذي نشــــــر في المجــــلة الطبية البريطانــية (LANCET) (أكتوبر 2001) بقلم (سبيجال وسلامه) بعنوان ''الطوارئ في الدول النامية ''حيث يتساءل الكاتبان حول التأقلم مع مشاكل المهجرين الذين تعرضوا لازمات نفسية وتعذيب ومعاناة بسبب العنف والنزوح. المفوضية العليا تؤكد عدم تحقيق تقدم وأن تقييم وضعهم لعام (2007) يبين (30%) فقط من أطفال العراق ينتظمون بالمدارس وهناك بطالة (62%) وذوي الحاجات الخاصة (33%) كما أن (80%) يعيشون على الصدقات والمساعدات. أما الرعاية الصحية فتقدم من قبل الصليب الأحمر الدولي ومنظمات غير حكومية. أما تحسين الوضع فيصطدم بالظروف الأمنية والمالية وشح المواد الغذائية والماء. لقد قدمت الأردن وسوريا ومصر العلاج الطارئ للمهجرين والتطعيم المجاني للأطفال. أما الذين بحاجة لمعالجات متخصصة فيتم تحويلهم للعيادات التي أقامتها المفوضية العليا وهم يشكلون (10%). التقارير الأخيرة تذكرنا بأزمات مماثلة حدثت في لبنان (1990) والبوسنة وكوسوفو وقدمت مساعدات بشكل حقائب تحتوي على علاجات والطعام الناشف. على أي حال حدث تحسين على أحوال المهجرين العراقيين بسبب تدفق المساعدات الدولية. لكن لن يكون الوضع أحسن مما كان قبل التهجير، ومع ذلك تواجه منظمات الإغاثة الدولية التحدي لتحقيق تقدم في الرعاية الصحية الأولية الطارئة، خاصة في سوريا والأردن وذلك بالسماح للمهجرين الاستفادة من الخدمات الصحية الحكومية. لكن يحتاج الأمر كذلك أن تكون خدمات إغاثة المنظمات غير الحكومية منقولة إلى الحكومات المضيفة لتفعيلها ولكن ذلك لم يحدث. أما بالنسبة للرعاية الثانوية والثالثة فهي مهمة لنسبة قليلة من المهجرين وهي لا تخضع للتأمين الصحي الشامل من قبل الدول المضيفة ولحل هذا الأشكال فلا بد من التنسيق بين الدول المضيفة ومنظمات هيئة الأمم المتحدة والصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية (NGOS) كما لا بد من طلب العون من الدول الغنية لتوسيع مظلة الرعاية الصحية. كذلك التنسيق لغايات الأمن والمشاركة بين الوزارات التي تقدم الخدمات في الدول المضيفة ونظيراتها في العراق، وهذا شيء أساسي فمثلا يمكن الاستفادة من المدرسين والأطباء والممرضين العراقيين لتقديم خدماتهم للمهجرين في بلدان الجوار. الواقع أن سوريا والأردن ليس لديهما مواد كافية لمساعدة الكم الهائل من اللاجئين لفترات طويلة دون تقديم مساعدات دولية كافية ومستديمة. ففي عام (2007) قدم مبلغ (200) مليون دولار فقط من المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي لمساعدة وضع اللاجئين. أما الإستراتيجية الجديدة فهي العمل على تحسين الوضع السياسي في العراق كي يسمح بعودة المهجرين للعراق. التقارير للأربعة شهور الماضية أفادت بعودة 1000 مهجر كل يوم من سوريا للعراق أي (000,100) و(70%) منهم عادوا بسبب رغبتهم للحفاظ على هويتهم وممتلكاتهم دون الالتفات للنواحي الأمنية. أما في الأردن فهناك تردد لعودة المهجرين. وعليه فان على المجتمع الدولي تقديم العون لاستضافة المهجرين وتقديم العون اللازم والمستديم لهم في دول الجوار وخاصة إذا طالت فترة احتلال العراق وعدم استقرار الأمن فيها.
