انفضت القمة العربية بعجرها وبجرها كما يقولون. والسؤال هل يستطيع لقاء دمشق ان يوقف الانقسام والتشظي العربي ام انه سيزيده.. وهل الخلل في الوضع العربي ام في القمة العربية؟ من اين يبدأ التصليح؟ واذا ما استمر اخفاق القادة في الاجوبة على اسئلة الشارع العربي فمن يملأ الفراغ؟. اليس هروب النظام العربي الرسمي ومؤسساته وحتى صيغه الاجتماعية والاقتصادية هو السبب في دخول تيارات متطرفة الى الواقع العربي وعصفها به واستيلائها على قناعات البعض منه.. والى اين تسير الحالة العربية.. هل سيكون الاعتماد على قوى دولية أواجنبية او على اساليب من المصادرة والقمع وتغييب المشاركة بديلاً للمواجهة والتغيير والى اي مدى يمكن ان يصمد هذا البديل.. غياب العمل العربي المشترك الذي لم يبق منه الاّ عناوين هو السبب في تردي الحالة العربية وخاصة وان العالم يتجه الى تكتلات اقتصادية واجتماعية وامنية ما زالت غائبة عن عالمنا العربي الذي يتراجع فيه منسوب الامن الاقليمي او القومي وتتراجع فيه التجارة البينية لما هو اقل من 8% كما يتراجع فيه التعاون والتنسيق الى ادنى مستوى حتى بين الدول المتجاورة. فالحدود العربية ليست سالكة والتكامل العربي الاقتصادي ندفع جميعاً ثمن غيابه. بل ان اضعف الايمان في التعاون يكاد يكون غير موجود.. لماذا غابت الطموحات العربية؟ ولماذا يجري العمل على طمس الوجدان العربي الذي ما زال يحلم ويخفق للامة الواحدة؟.. من هي الجهات التي عليها ان ترعى وتنمي هذا الاحساس الذي تستثمر جهات عديدة في طمسه وتغييبه ابتداء من وسائل الاعلام القَطرية التي تسطو على كل مقدس في بناء هذا الوجدان وانتهاء بكثير من القرارات الرسمية العربية وانتهاء بحملات التغريب والتهميش الممولة من دوائر خارجية.. القمة العربية شخصت الحال العربية من أعلى المستويات وهذا التشخيص المؤلم الموجع هو برسم من ينهض به للعلاج .. فهل سيعالج هذا الوضع الممزق وهل يقتنع الشارع العربي بالتبريرات باستمرار الضعف والتمزق بحجج واهنة . هل يمكن الوقوف عند ما قاله العقيد القذافي من ان لاشيء يوحد العرب سوى القاعة التي يجتمعون فيها ويقصد قادة العرب وممثليهم هل يمكن قبول هذا الكلام الموجع واذا كان هذا الكلام غير مقبول فكيف يمكن البناء عكسه حتى لا تصح عبارة القذافي في المستقبل .. وهل كانت دمشق (المكان) هي السبب في انحسار الجهد العربي ؟.. هل لو كانت القاهرة او الرياض لكان الأمر افضل؟ ..لا اعتقد ذلك فالذين حضروا الرياض لم يفعلوا الكثير رغم انهم امّوها لدورها وغناها ولكن المبادرة العربية التي صدرت منها يعتليها الغبار وقد ادير الظهر لها ؟.. وحتى القاهرة لو انعقدت فيها القمة هل كان يمكن ان تأتي بجديد لم تأت به دمشق ؟ المسألة ليست في المكان وان كان العرب ما زالوا في غياب التفكير المؤسسي ( يحردون )على المكان او يحمّلونه اوزار الضعف و الانقسام .. لنرَ حين يلتقون في قطر بعد عام ماذا سيفعلون وهل سيتغيّر الأمر.. مؤسسة القمة اصبحت مهترئة وهي تنعقد لتغطي العيوب اكثر مما تفضحها فالتشخيص الآن واضح وابرزه اننا فقدنا الثقة في انفسنا كعرب ولذا فإننا نفقد الثقة في العالم وهو يبادلنا ذلك وينظر الينا (كحيط واط) يقفز كل طامع فوقه فلو كان لهذه الامه دولة واحدة او دولة قوية لما تجاسر عليها الداني و القاصي ولما اقتتلت الاطراف فوق مصالحنا ونحن نتفرج. قمة دمشق الآن هي مفترق طرق وقد يخرج منها من حضروا ليتفرقوا ايدي سبأ وقد تختبىء اطراف كثيرة في اختيارها لمصالحها التي قد تكون على حساب المصالح العربية عامة.. القضايا العربية الكبيرة ما زالت معلقة والذين يعتقدون ان ديك شيني او رايس وزيرة الخارجية الاميركية هما من افشل القمة فان اعتقادهم ليس صحيحاً فالعرب هم من يفشلون قممهم بأيديهم ولضعفهم ولا داعي للاختباء وراء المبررات ولولا الضعف المتزايد لما كان تأثير اي طرف من الغرب او حتى ايران من الشرق.. قمة دمشق لم تحل اي مشكلة ولن تحل وكذلك الجامعة العربية التي هي تجمع للانظمة وليست للشعوب لن تستطيع ان تفعل شيئاً وستبقى القضايا في لبنان عالقة وكذلك في فلسطين التي يتواصل فيها الاستيطان الصهيوني واحتلال القدس وبناء الحواجز التي زادت على (508) حواجز والتي تحدثت عنها رايس ولم تتحدث عنها القمة.. واطفال غزة ما زالوا في الحصار قبل القمة واثناءها وبعدها ولم نسمع شيئاً عن فك الحصار عنهم سوى المناشدة التي أدمنّاها عبر وسائل الاعلام. والعراق ما زال محتلاً وينزف وتتدخل ايران فيه وتدير جزءاً من معارك البصرة لصالح فريق على حساب آخر وخراب البصرة الذي عرفه التاريخ يعود بشكل اقسى.. الان وامام هذا الخذلان الكبير للشارع العربي وللشعب العربي على اختلاف اقطاره فان الكرة لا بد ان تكون في الشارع العربي وعلى العرب ان كانوا امة بالفعل او كان لهم ما يجمعهم ويوحدهم على غير ما يقول العقيد القذافي ان يقيموا جامعة الشعوب العربية ووحدة الشعوب العربية حتى لا تبقى قضايا حياة وموت شعوبنا العربية مرتبطة بزعل او غضب او عتب قائد او زعيم يحلف على رعاياه وامته وكأنها عقار.. نشعر بالحزن والاحباط ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل فقد اصبحت الامة مستباحة الانحاء لا تجد من يدفع عنها الخطر او البلاء وهي في كل يوم برسم الغزو او التهديد او الاحتلال او السيطرة او التمزق طالما لم تجد قياداتها وسيلة للوحدة او التنسيق او حتى خدمة المصالح المشتركة كما فعلت اوروبا او غيرها. فهل ضياع الامة اهون من لقاء الزعماء على اهداف مشتركة توقف هذا الانهيار الذي يتواصل؟؟