إشارة الى المقال المنشور في جريدتكم الغراء بتاريخ 2/ 12/ 2007 حول نظام مهنة المحاسبة القانونية فان المقالة عبرت عما يجيش في صدر عشرات المحاسبين ممن يشعرون بالغبن وبأنهم فعلا غرباء في بلدهم وشعورهم بأن هناك من يريد احتكارا للمهنة والابقاء على اسماء سابقة فقط في سجل جمعية المحاسبين القانونيين الاردنيين تحت مبررات وأعذارا غير مقنعة وغير مقبولة. إن نظام المزاولة قد زاد من احتكار المهنة وألحق الاذى بآلاف الآلاف ممن يعملون في القطاع المحاسبي والمالي ونبذهم من خدمة بلدنا طوال سنين طويلة ، بل وطالب بالقائهم خارجا ، وحتى تتضح الصورة سنأخذ الوضع التالي: أحد الاشخاص كان قد تخرج منذ زمن من الجامعة وعمل في احدى الشركات حتى وصل الى منصب المدير التنفيذي للمالية أو مدير مالي ونتيجه لذلك ولهذا المنصب فان راتبه أصبح يتراوح بين 2000 - 3000 دينار أردني ، وأراد هذا الشخص أن يتقدم لامتحان الجمعية وقد نجح في الامتحان فماذا يحصل عندئذ ، إن نظام المزاولة يتطلب منه تدريبا مدته ثلاث سنوات ، والجمعية والهيئة العيا تطلبان هذا التدريب حتى يكون في مكتب تدقيق حسابات فقط علما بأن المادة 10 غير مذكور بها مكتب تدقيق حسابات ولكن هذا لاجل مزيد من التعقيد ونفور الناجح من التقدم لطلب مزاولة المهنة واحباط آخرين وتعزيز للاحتكار ، عندئذ ما هي الحلول أمام هذا الشخص هما حلان: إما أن يستقيل من عمله ويعمل لدى مكتب تدقيق حسابات صغير براتب لن يزيد عن 200 دينار في أحسن الاحوال ولمدة ثلاث سنوات أو أن القانون سيلقي به خارجا عند تطبيق نص المادة 30 من قانون المهنة كونه لا يحمل اجازة المزاولة رغم نجاحه في الامتحانات ، وذلك كما كانت الجمعيه طالبت من قبل بتطبيق المادة 30 والقاء هؤلاء خارجا ... فهل هذا منطقي وهل هذا عدل ، هل يجب على هذا الشخص أن يتخلى عن منصبه وعن تعب وخبرة السنين وعن راتبه العالي الذي حصل عليه بعد سنين طويله لاجل شهادة الجمعية ونظام المزاولة ، هل يجب عليه أن يعيش فقيرا براتب 200 دينار ويتخلى عن 3000 دينار ، هل نقول إن القصور في التشريع منذ البدايه ، أم أنه تم وضع هذه المادة عمدا ؟ إننا لسنا بأفضل من المجمع الامريكي للمحاسبين القانونيين ولسنا بأفضل من معهد المحاسبين الاداريين الامريكي ولسنا بأفضل من معهد المحاسبين القانونيين الانجليزي والذين يطلبون خبرة فقط ومن أي مكان كان ، فهل هذه المعاهد العالمية لديها قصر في النظر وعمرها وخبرتها تسبقنا بعشرات السنين؟ إن العالم يحارب الاحتكار وكافة الدول تضع عقوبات ضد الاحتكار والاردن وضع قوانين لمحاربة الاحتكار ، وفي نظام المزاولة فقد تم التشديد على احتكار المهنة وابقائها فقط في يد من حصل على الترخيص منذ زمن بعيد جدا. لقد أتيح لي الدخول الى الموقع الالكتروني لمعهد المحاسبين الاداريين الامريكي ووجدت أن نسبة الاردنيين الذين تقدموا للامتحان للفترة من نيسان 2006 وحتى آذار 2007 كانت نسبتهم 9ر3% من عدد المتقدمين الكلي، ووجدت أن الاردن يحتل المرتبة الرابعة بين الدول العربية ، ولما كان المتقدمون سنويا بالآلاف فلنا أن نتخيل عدد الاردنيين الذين تقدموا للامتحان ، أليس في ذلك دلالة على هروب مواطنينا للحصول على شهادات مهنيه أخرى لشعورهم بصعوبة الحصول على اجازة المزاولة حتى وأن نجحوا في الامتحان ؟ لا أعتقد بأننا سمعنا حتى الآن بان مواطني دولة ما يهربون الى شهادة دولة أخرى أو يودون الحصول على شهادة دولة أخرى بدلا من الحصول على شهادة بلدهم وخاصة ونحن نتحدث عن شهادة مهنية وليست أكاديمية. قد يقول قائل إن تلك شهادة لها علاقه بالمحاسبة الادارية وليست المالية ، ولكنني أود أن أبين أن نسبة من يتقدمون لهذه الشهادة وغيرها أيضا أكثر من الذين يتقدمون للحصول على شهادة بلدنا. لماذا ؟ أليس لشعور هؤلاء بالغبن في بلدهم وبأن العقبات في بلدهم كثيرة بينما الجمعيات العالمية لا تضع أي نوع من العقبات أمام الناجحين، ولو قمنا بعمل مسح لمراكز التدريب في الاردن حتى نعرف كم من المتدربين يستعد لامتحان الجمعية وكم منهم يستعد للامتحانات العالمية فاننا سنجد نسبة من يستعد للتقدم للامتحانات العالمية أكثر بكثير ممن يستعد لامتحانات الجمعية ، ألا يجب أن نعمل على تشجيع هؤلاء بالتقدم لامتحانات بلدهم بدلا من الامتحانات العالمية الاخرى وخاصة ونحن نعاني من قلة عدد المنتسبين الى الجمعية والذين عددهم لا يزيد عن 300 فرد طوال 20 عاما من عمر الجمعية. إنني واحد ممن يستعدون الآن للحصول على شهادة المحاسب الاداري الامريكي المعتمد وقد سألت المحاضر وهو يحمل خمس شهادات مهنية عالمية ليس من بينها المحاسب القانوني الاردني ويعمل حاليا مديرا ماليا في احدى الشركات الكبيرة لماذا لم تتقدم لامتحان جمعيه المحاسبين القانونيين الاردنيين فاجابني وهل تريدني بعد ذلك أن أعمل لدى مكتب تدقيق حسابات صغير وبمبلغ بسيط ولمدة ثلاث سنوات ، إنني احمل مؤهلات عالمية أقوى من شهادة الجمعية بعشرات المرات ولست مستعدا للتدرب في أماكن هي نفسها تحتاج تدريبا. إننا ندعو الجميع الى إزالة هذا الغبن والى نبذ الاحتكار ، إننا ندعو الجميع الى تشجيع مواطنينا الى التقدم للحصول على شهادة بلدهم من خلال التعديل المنطقي للمادة رقم 10 من النظام والتي يجب أن تأخذ بالاعتبار من يعمل منذ زمن بعيد في القطاع المالي والمحاسبي ، إن الخبرة الطويلة لهؤلاء هي ثروة يجب عدم التفريط بها بدلا من الدعوة الى إلقائهم خارجا.