أنجز فريق من كلية الهندسة في جامعة العلوم والتكنولوجيا سيارة تعمل على الطاقة الشمسية تتسع لراكب واحد كخطوة متقدمة في مجال استغلال الطاقة الشمسية.
الدكتور سهيل كيوان، مدير مركز الطاقة في جامعة العلوم والتكنولوجيا المشرف على المشروع قال: ان فكرة تصميم وبناء سيارة تعمل على الطاقة الشمسية بدأت قبل نحو عامين؛ من خلال مشروع بحث علمي مدعوم من عمادة البحث العلمي في الجامعة، ويهدف إلى إدخال استغلال الطاقة الشمسية إلى قطاع النقل والذي يشكل جزءاً كبيراً من فاتورة الطاقة في أي دولة.
وكشف عن طرح جديد في المشروع يحل معظم المشاكل التي يعانيها تصميم السيارات التي تعمل على الطاقة الشمسية، قائلاً: ما تم عالمياً حتى الآن في هذا المجال هو تصميم سيارات تعمل على الطاقة الشمسية بحيث يتم تثبيت الألواح الشمسية على جسم السيارة مما شكل عبئاً على وزن وحجم وشكل السيارة وبهذه الطريقة وفي كثير من الاحيان لا تعمل الألواح الشمسية بكفاءة مثلى؛ لاستمرار تغير اتجاه السيارة اثناء القيادة، وجاء المشروع بطرح جديد يحل معظم هذه المشاكل؛ من خلال تثبيت الخلايا الشمسية وبأفضل الاتجاهات لكي تعمل بكفاءة عالية في اماكن محدده (تسمى محطات شحن البطاريات مثل محطات الوقود) حيث يقوم السائق في هذه المحطات باستبدال البطاريات الفارغة ببطاريات مشحونة.
ولفت إلى أن السيارة مزودة بمحرك كهربائي بقوة تصل لـ 6 أحصنة وتصل إلى سرعة مقدارها 55 كم/ساعة، وتعمل على الطاقة الشمسية من خلال ألواح كهروضوئية تم تثبيتها عليها (الألواح الكهروضوئية تعمل على تحويل الطاقة الضوئية للشمس إلى طاقة كهربائية يتم تخزينها في بطاريات ومن خلال دائرة كهربائية تستخدم الكهرباء المخزنة في البطاريات في تشغيل المحرك الذي يقوم بدوره بتحريك السيارة).
وأضاف: يصل طول السيارة إلى 4 م وعرض1.6 م (وهذه ابعاد تقارب ابعاد السيارات الصغيرة) وتم بناء هيكل السيارة الأساسي (frame) من الحديد باستخدام نظام الشصي السلمي (ladder frame) وهو عبارة عن عمودين جانبيين تربط بينهما أعمدة عرضية، مشيراً إلى أن نظام توجيه العجلات (الستيرنغ) ونظام القيادة المستخدمين في السيارة يشابهان نظام التوجيه في السيارت العادية.
أما بالنسبة إلى نظام الفرملة فقد تم تزويد السيارة بنظامين؛ الأول للعجلات الأمامية واستخدم فيها نظام (Drum Brake) اما العجلات الخلفية فقد استخدم نظام الفرملة على القرص (Disk Brake) بحيث يعمل قرص واحد على ايقاف دوران المحور الخلفي الذي بدوره يعمل على ايقاف دوران العجلات الخلفية، مشيراً إلى أن وزن السيارة المصنوعة من الحديد يصل إلى 350 كيلوغراما.
ولفت إلى أن «ضيق الوقت» و»عدم توافر بعض المواد محلياً» وقفا حائلاً دون تصنيع نسخة أخرى من السيارة من مادة الألمنيوم أو الكاربون فايبر من أجل تخفيف الوزن.
وقال: تم استخدام نظام ذراعين متوازيين على شكل حرف (A) من اجل نظام التعليق، دون عامود توازن في العجلات الأمامية بحيث تم تصميمه وتصنيعه كاملاً من قبل فريق العمل، ويمتاز هذا النظام باعطاء حرية حركة لكل عجل. أما نظام التعليق الخلفي فتم تركيبه على محور الدوران الخلفي مباشرة وتدعيمه بنوابض إضافية صغيرة تصل بين الشصي ومحور الدوران الخلفي. وفي العجلات الامامية والخلفية تم حساب قياساتها حسب السرعة المطلوبة وقدرة وعزم الماتور الكهربائي المستخدم، لافتاً إلى أنه تم الاستغناء عن نظام التروس المستخدم في السيارات العادية (الجير)؛ من خلال استخدام متحكم في سرعات (Speed Controller) الماتور الكهربائي.
وذكر أن المكونات الكهربائية لهذه السيارة تتبلور في محرك من نوع DC بقوة 6 أحصنة وجهاز تحكم بسرعة المحرك (Speed-controller)وتم استخدام 4 بطاريات يمكن ربطها بطرق مختلفة للحصول على القدرات المطلوبة من المحرك الكهربائي وبالتالي السرعة المطلوبة من السيارة.
وقال: استخدمت خلايا شمسية بقدرة 640 واط موزعة على أربعة ألواح مساحة اللوح الواحد 1.28 متر مربع وبأقصى قدرة تصل 170 واط. وتم استخدام ألواح شمسية من الصناعة المحلية ويمكن شحن البطاريات من خلال الكهرباء المنزلية في حال غياب الشمس لفترات طويلة وخصوصاً في فصل الشتاء حيث تتحول السيارة إلى كهربائية.
وقال: تم الاخذ بعين الاعتبار مجموعة من العوامل في تصميم شكل السيارة أهمها مقاومة هواء اقل، وزن اقل وسعة راكب واحد حيث كان المطلوب ان تتسع السيارة لراكب واحد من اجل السباق، وبناء على ذلك ولتقليل مقاومة الهواء تم اعتماد الشكل الاسطواني لجسم بحيث يتم تكوين شكل السيارة من اسطوانتين بقطرين مختلفين: الأول بقطر 40 سم ويتسع للمحرك الكهربائي والبطاريات والاسطوانة الأخرى بقطر 80 سم لتتسع للسائق وتم ربط الاسطوانتين انسيابيا لتقليل مقاومة الهواء.
أما مقدمة السيارة والذي يلعب شكلها دورا كبيرا في تحديد مقدار مقاومة الهواء فقد تم تركيب شكل مخروط دائري يشبه مقدمة الطيارة وتم عمل فتحة في وسطه ووصلها مع مجرى هوائي داخلي لتوصيل الهواء إلى المحرك الكهربائي والبطاريات ليعمل على تبريدها حيث ان أداء مثل هذه الاجهزة يقل عندما ترتفع حرارتها ولذلك يجب المحافظة على درجة حرارة مناسبة ولتأكيد ذلك تم إضافة مروحتين لتبريد هذه الأجهزة.
وكانت الجامعة قد شاركت من خلال السيارة في مسابقة السيارات الشمسية التي عقدها معهد قبرص الى جانب مجموعة من الجامعات العالمية من قبرص واليونان والسويد وغيرها بهدف زيادة الوعي بالحاجة إلى وسائل نقل صديقة للبيئة واستعمال مصادر الطاقة المتجددة، وحينها أخذ مجموعة من طلبة كلية الهندسة في الجامعة على عاتقهم تنفيذ هذا المشروع الذي يشمل محورين؛ الأول هو التصميم والتصنيع والآخر إنجاز العمل خلال فترة لا تتعدى ثلاثة شهور، ويعتبر حصول الفريق على المركز الخامس انجازا لفريق عربي ضمن الفرق الاوروبية المشاركة في السباق.
واشترك في العمل فريق طلاب كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية حيث قام الفريق بوضع تصوراته عن شكل وحجم وسرعة السيارة وقاموا بعمل الدراسات النظرية اللازمة لتصميم السيارة باستعمال العلوم النظرية التي تلقوها خلال دراستهم في الجامعة. وقاموا باستعمال البرامج الحاسوبية المناسبة وفحوصات مخبرية ذات علاقة مثل دراسة انسياب الهواء على جسم السيارة.
الطالب محمد الروسان قال إن المشروع نمى المهارات العلمية وأحدث عملية ربط بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي بالإضافة إلى ان الخروج بافكار جديدة وابداعية تصبح اقل تعقيداً عندما يتم التزاوج بين الدراسة النظرية والعملية. مشيراً إلى إضافة نظام لتبريد الالواح الشمسية بالماء؛ لزيادة كفاءتها اعتمادا على الحقيقة العلمية بان كفاءة الالواح الشمسية تقل بمقدار 0.4 بالمئة لكل درجة حرارة مئوية واحدة زيادة على الحرارة التشغيلية للخلايا الكهروضوئية.
وتحدث الطالب محمد الزعبي (قسم الهندسة الميكانيكية) عن طبيعة دوره قائلاً: كان دوري الرئيسى متناغما مع تخصصي فأنا طالب في تخصص هندسة طيران وكان دوري في حساب تفاعل الهواء مع شكل السيارة مما يقلل من استهلاك الطاقة حيث قمت بعمل نموذج صغير للسيارة واجراء اختبار انسياب الهواء على السطح الخارجي له مما كان له الاثر في تصميم الهيكل الرئيس للسيارة.
وقال الطالب أنور المجركش (متطوع في المشروع تخصص هندسة كهربائية): قمت بعمل التوصيلات الكهربائية اللازمة للسيارة، مشيراً إلى تحديات واجهته أثناء المشروع أبرزها عدم توافر بعض المواد وكان التحدي أن ننجز المشروع في الموعد المحدد.
ولفت إلى تحدٍ آخر وهو عمل بعض التوصيلات والمتعلقة بحركة السيارة للخلف ومن المعروف علمياً أننا بحاجة إلى أربعة (كونتاكترز) للحصول على هذه الحركة ولم يكن متوافراً لدينا إلا ثلاثة لكن استطعنا عمل التوصيلة وتحريك السيارة بثلاثة فقط.
وعمل الطالب ميلاد الطوال بالحسابات اللازمة لتحليل القوى المؤثرة على السيارة واختيار المادة المناسبة للتصنيع، وقال: استعملنا برنامج (pro Engineer) لعمل الحسابات اللازمة.
واستعرض الطالب مجدي كبوشي التحديات التي واجهت المشروع، مشيراً إلى كيفية التنسيق بين الدراسة والعمل على إتمام المشروع الذي كان «تحدياً كبيراً بالنسبة لنا فقد كنا نعمل ساعات طويلة وكل أيام العطل وكذلك (الجمعة والسبت) مما كان لذلك الأثر الكبير في تمنية روح العمل الجماعي والعمل كفريق».
وقال الطالب محمد الرواشده: تعلمنا أشياء كثيرة وجديدة خلال المشروع لم نكن قد تعلمناها في دراستنا في الجامعة فعلى سبيل المثال تم خلال الاجتماعات الأولية الدورية التي كان يعقدها الفريق بالاتفاق على تصنيع جسم السيارة من مادة الفيبر جلاس لما تمتاز به هذه المادة من خفة وصلابة وعندما بدأت عملية التصنيع لم نجد في المشاغل الهندسية والمختبرات المساعدة الفنية في هذا المجال مما اضطرنا الذهاب إلى السوق المحلي لتصنيع الفيبر جلاس وقد قام الفريق كاملاً بالتعلم على طريقة التصنيع والتعامل مع هذه المادة لدى أحد مشاغل المدينة الصناعية في إربد وبعد ذلك اشترينا المواد اللازمة وعملنا مشغلاً مصغراً في أحد مختبرات الجامعة وقمنا بتصنيع جميع الأجزاء المطلوبة وكان ذلك أساسياً في المشروع وكان شعورنا رائعاً عندما أنجزنا القطعة الأولى لدرجة أننا قمنا بتصوير جميع مراحل العمل.
وتحدث الطالب محمد مطالقه عن دوره في المشروع قائلاً: تركز دوري في بداية المشروع على تصميم نظام التعليق والتوجيه المناسب للسيارة بالاضافه إلي نظام الكوابح، وتعلمنا مهارات جديدة من خلال عملية تصليح بعض الأجزاء المستخدمة في السيارة عن طريق الممارسة العملية في وحدة المشاغل الهندسية في الجامعة تشمل توصيلات المحرك والخلايا الشمسية المسؤولة عن شحن البطاريات.
أشرف على مراحل تصميم وتصنيع السيارة مدير مركز الطاقة في الجامعة الدكتور سهيل كيوان، والدكتور محمد جرادات والدكتور فراس حلمي والدكتور طارق درابسة من كلية الهندسة.