عادل محمد علي الحجاج
يطلق عليها الحشرات التي لاتقهر لأنها قاومت وتقاوم كل أنواع وأصناف المبيدات الحشرية. وهي من أقدم الحشرات التي شاعت على ظهر الأرض، أي منذ مئات الملايين من السنين ولم تنقرض. وتعرفها المطابخ والحمامات ومساحات واسعة من الأماكن القديمة والآسنة والرطبة. فهي تقلق راحة الإنسان وتسبب له الإزعاج بالإضافة إلى نقلها طائفة من الأمراض الخطيرة له. وهذه الحشرات ليلية النشاط، حيث تترك برازها على المواد الغذائية المكشوفة والأواني المنزلية وتحمل إلى الطعام أنواعاً شتى من الجراثيم التي تعلق بأرجلها وأجنحتها.
والصراصير تأكل كل شيء تقريباً كالأطعمة المخزونة والنفايات، وهذا ما ساعدها على البقاء رغم مكافحتها باستمرار بأنواع متعددة من مبيدات الحشرات. وإذا تعذر على الصراصير الوصول إلى المواد الغذائية الدسمة ولاسيما المواد السكرية، فإنها تقنع بأكل الورق والصمغ والملابس والصابون والأخشاب وأوراق الشجر، وغير ذلك مما تيسر لها. وإذا انعدم الطعام كلياً يستطيع بعضها العيش على مخزونه الجسدي من الغذاء لمدة ثلاثة أشهر. كما أنه يعيش لشهر واحد بدون ماء. والصرصور يتحمل الإشعاعات أكثر من الإنسان لصلابة هيكله. بل ان هناك أنواعاً من هذه الحشرات تقاوم درجة التجمد لمدة تصل إلى 48 ساعة. لذا فان الصراصير حشرات يتعذر السيطرة عليها بشكل كامل وناجح مهما كانت الظروف. وهي كذلك تشكل تهديداً مباشراً للصحة العامة، فهي تحمل الفيروسات والبكتيريا التي تسبب أمراضاً كثيرة كالتهاب الكبد والشلل وحمى التيفوئيد والطاعون والسالمونيلا وغيرها. إضافة إلى كل ذلك فان الصراصير تسبب إفساد الطعام بتلويثه بالبكتيريا أو التوالد فيه، كما يفعل الذباب في اللحوم والاجبان ونفايات الطعام.
وصف الصرصور:
الصرصور بيضوي الشكل مسطح الجسم، بني اللون، سداسي الأرجل، له عينان كبيرتان مركبتان ذو قرني استشعار طويلين. والصرصور الذكر له زوجان من الأجنحة عادة، اما الأنثى فهي عديمة الأجنحة في الأعم الأغلب أو ذات جناحين اثاريين. ويتميز الصرصور بجسم أملس منضغط من أعلى إلى أسفل. ويتألف الصدر من ثلاث قطع عريضة وكبيرة، فيه أرجل طويلة مهيأة للجري أو المشي، وعليه أجنحة أمامية جلدية وخلفية غشائية لاتمكنه من الطيران الطويل إلا نادراً. وينتهي بطن الذكر خاصة بزوج من المجسات الشرجية.
وعملية تكاثر الصراصير مستمرة على مدار السنة، وتضع الإناث البيض داخل أكياس أو كبسولات محكمة ذات أغلفة لزجة ولدنة تصنعها من إفرازات خاصة ولون هذه الأكياس بني غامق ويضم كل كيس أو كبسولة عدداً مختلفاً من البيض تبعاً للنوع فالبعض كالأمريكي (20 بيضة) والشرقي (16 بيضة)، اما الألماني فيحتوي على (40 بيضة).
سلوكها وطباعها:
من ابرز سلوك هذه الحشرات أنها تدافع عن نفسها إذا ما هوجمت بأساليب متعددة، ولما كانت أجسامها ملساء صقيلة فيتعذر الإمساك بها بسهولة، كما ان تمكنها من الطيران القصير، يساعدها على الهروب السريع، وحجمها الصغير وصلابة الغلاف الخارجي لأجسامها العديم النفاذية للماء وخفتها تساعدها على الجري السريع والاختفاء بلمح البصر.
وهناك نوع من الصراصير يتكور على نفسه كلما داهمته الأخطار حتى يصبح كرة صلبة يصعب القضاء عليها. ومن أنواع هذه الصراصير التي تعيش في أمريكا بالذات أنها ترش مهاجميها بسائل كريه الرائحة مثير للأعصاب، تماماً كالقنابل المسيلة للدموع.
أنواع الصراصير في المملكة:
يشير علماء الحشرات إلى وجود (4000) نوع من الصراصير، يعيش أكثرها في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية والمعتدلة حيث الدفء والرطوبة. ويعتقد ان الصراصير عاشت على وجه الأرض منذ أزمان موغلة في القدم، فقد دلت الاكتشافات الاحفورية في ولاية الينوي الأمريكية بإشراف البروفسور «فرانك كاربنتر» من جامعة هارفارد على أن الصراصير تعود في ظهورها على وجه البسيطة إلى العصر الكربوني، أي منذ نحو (350 مليون سنة)، وذلك استناداً إلى احفورة مطبوعة لصرصور على حجر عثر عليه أثناء القيام بالحفريات. وقد لوحظ انه لم يطرأ تغيير على شكل الصرصور منذ ذلك الحين حتى اليوم.
ومن أهم الصراصير التي تنتشر في معظم بلدان العالم ومن بينها الدول العربية والأردن خاصة ثلاثة أنواع. وهي كما يلي:
- الصرصور الأمريكي «Periplaneta americana»، وهو كبير الحجم، كثير الترحال مألوف في معظم المناطق يصل طوله إلى نحو (4سم) وهو بني اللون. وهذا النوع أكثر انتشاراً في الأردن.
- الصرصور الألماني «Blatella «germanica، وهو صغير الحجم لايزيد طوله على سنتيمتر واحد، ولونه بصورة عامة إما بني فاتح أو بني ضارب إلى الصفرة. وهو اقل انتشاراً في الأردن.
- الصرصور الشرقي أو الآسيوي «Blatta orientalis»، وهذا النوع وسط بين النوعين السابقين إذ يبلغ طوله نحو (3سم) ولون الذكر بني داكن، اما الأنثى فسوداء اللون. لاتغطي الأجنحة البطن في الذكر، كما أنها مختزلة في الإناث، وبذلك يسهل تميز أنثى الصرصور الشرقي عن أنثى الصرصور الأمريكي.
التوزيع الجغرافي:
انتشرت هذه الحشرات انتشاراً واسعاً في معظم بلدان العالم بواسطة السفن التي تمخر البحار والمحيطات أولاً ومن ثم بفضل تأقلمها للعيش في كل البيئات. والدليل على ذلك انه وجدت أنواع في الولايات المتحدة الأمريكية، موطنها الأصلي أوروبا، واسيا، وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. وهي تستقر غالباً في المطاعم والمخابز والأسواق والمحلات التجارية بأنواعها. وهكذا دخلت إلى الوطن العربي وأصبحت متوطنة فيه منذ عشرات السنين.