الأعياد هي محطات زمنية نتوقف عندها لنحيي ذكرى حوادث او مناسبات معينة وطنية ودينية واجتماعية قد حدثت عبر الزمن ... وفي المسيحية هناك أعياد مختلفة لها علاقة بالإيمان والمعتقدات الدينية، مثل عيد الميلاد المجيد وعيد رأس السنة الميلادية، وعيد القيامة، وغيرها نحتفل بها متأملين في الماضي، وآملين في المستقبل، والحقيقة ان كثيرا من المسيحيين يحتفلون بالأعياد الدينية بطرق تقليدية أو طقسية دون أن يدركوا جوهرها، ولا سيما من الناحية الروحية، ومن المعروف أن مظاهر الأعياد والشعائر يمكن أن تختلف عن الجوهر أو المفهوم الأساسي للأعياد الدينية، فالشعائر هي من صنع البشر بينما الجوهر متعلق بالشرائع الروحية.
أهم الأعياد المسيحية ومناسباتها ومعانيها الروحية:.
عيد البشارة (إنجيل لوقا1 : 28-38+46-52).
وهو العيد الذي يحتفل به المسيحيون متذكرين بشارة الملاك جبرائيل الذي أرسله الله سبحانه وتعالى إلى العذراء المباركة مريم ليبشرها بأن الله قد اصطفاها لتكون أما للمسيح المخلص وانها ستحبل بواسطة الروح القدس وتلد المسيح المنتظر مشتهى كل الأمم ومن المعروف أن كلمة (بشارة) تعني الخبر السار.
فكلمة الإنجيل في اللغة اليونانية تعني البشارة. والإنجيل بأكمله هو الخبر السار عن رسالة وحياة سيدنا المسيح على الأرض، والمعنى الروحي لهذا العيد هو أن نؤمن بقدرة الله سبحانه وتعالى على صنع المعجزات كما آمنت القديسة المباركة مريم وقالت للملاك جبرائيل: ( هو ذا انا أمة الرب ليكن لي كقولك).
عيد الميلاد المجيد (إنجيل لوقا2 :10-14) وهو العيد الذي نتذكر فيه ميلاد سيدنا المسيح من العذراء المباركة مريم في مدينة بيت لحم. وقد كان مولده تتميما للوعد الإلهي بإرسال المخلص الذي سوف يخلص البشر من خطاياهم، وشرورهم، والمعنى الروحي لهذا العيد هو أن السيد المسيح قد صار بالجسد ابن الإنسان لنصير نحن بالروح أبناء الله.
عيد رأس السنة الميلادية (مزمور 1165) وهو عيد شكر لله (مزمور 103: 1-5) يعتبر عيد رأس السنة الميلادية ذكرى محببة لكل الناس يحتفلون به على مختلف أديانهم ومذاهبهم وقد بدأ الاحتفال به أول مرة عام 352م.
ويأتي هذا العيد بعد عيد الميلاد المجيد ببضعة أيام، وهو العيد الذي نستقبل فيه كل سنة عاما جديدا بعد أن نكون قد ودعنا عاما مضى من حياتنا متأملين في الماضي ونخطط للمستقبل متكلين على الله سيد حياتنا، وهذا العيد يذكرنا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على كل عطاياه لنا ومراحمه علينا.
عيد الغطاس (عيد الظهور الإلهي) (إنجيل يوحنا1 : 29-34) وهذا العيد هو عيد تذكار تعميد سيدنا المسيح من النبي يوحنا المعمدان في نهر الأردن وظهور الآب والأبن والروح القدس في وقت واحد. وهو يعلمنا أن من يولد مرة يموت مرتين ومن يولد مرتين (جسديا وروحيا) يموت مرة واحدة (إنجيل يوحنا1 : 29-34) وقد تبنى سيدنا المسيح هذا الطقس (المعمودية) وجعله فريضة على المؤمنين (إنجيل متى 28 :19+18+إنجيل مرقس 6: 6 ).
عيد الشعانين (إنجيل متى 21 : 1-17 + مزمور 118 : 24 ـــ 26) وهو أحد الشعانين الذي يسبق عيد القيامة بأسبوع واحد، وهو العيد الذي نتذكر فيه دخول سيدنا المسيح إلى أورشليم القدس برفقة تلاميذه راكبا على حمار ابن أتان وذلك إتماما للنبوة (زكريا 99) ولقد كانت جموع الشعب تتبعه وتفرش أمامه الثياب (كالعادة في موكب الملك المنتصر في الحرب) وكان الشعب يحمل سعف النخل وأغصان الزيتون هاتفين (أوصنا. يا رب خلص) ... مبارك الآتي باسم الرب أوصنا في الأعالي. ولأن النبوة في (مزمور 8 : 2) تقول. من فم الأطفال .. هيأت تسبيحا. فمن هنا جاءت فكرة اشتراك الأطفال في عيد الشعانين، ونتعلم من هذا العيد أن نفرح بالمسيح صاحب العيد وليس فقط بمظاهر العيد مزمور (32 :11 + رسالة فيليبي 4 : 4).
عيد التجلي (إنجيل متى 17 : 1-13).
وهو العيد الذي نتذكر فيه تجلي سيدنا المسيح على الجبل عندما كان برفقة تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا. وكيف ظهر سيدنا المسيح ومعه النبيان موسى وإيليا، ويمثل سيدنا موسى (الاموات الأبرار) الذين سيذهبون مع المسيح إلى السماء عندما مجيئة الثاني إلى الأرض كما يمثل سيدنا إيليا (الأحياء الأبرار الذين سيختطفون مع المسيح الى السماء ) ونتعلم من هذا العيد أننا إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت. إن عشنا وإن متنا فللرب نحن) (رسالة رومية 14 : 8) خميس العهد (الغسل) إنجيل يوحنا ( 13 : 1-15).
وهذا العيد يذكرنا بالعشاء الرباني الذي تناوله سيدنا المسيح مع تلاميذه قبل أن يصلب، وكيف قام المسيح عن العشاء وغسل أرجل تلاميذه ليعلمهم درسا في المحبة والتواضع. فلقد بدأت الخطيئة بالكبرياء، وبدأ الخلاص بالتواضع.
الجمعة العظيمة (إنجيل متى 27 : 15-43).
وهو عيد ذكرى السيد المسيح وصلبه بعد محاكمته من قبل رؤساء الدين اليهود، وموته الكفاري على الصليب ليقوم بعمل الفداء العظيم حتى يخلص البشر من شرورهم وخطاياهم. ولقد تصور اليهود بأن المسيح الموعود به من الله سيأتي كملك عليهم فعندما جاء ساروا وراءه وأرادو أن ينصبوه ملكا عليهم، ولكنه عندما أعلن لهم بأن مملكته ليست من هذا العالم بل هي مملكة روحية عندئذ رفضوه ومن ثم صلبوه (إنجيل لوقا 23 : 21+22).
عيد القيامة المجيد (إنجيل لوقا 24 : 1-6) وهو ذكرى قيامة السيد المسيح من القبر بعد ثلاثة ايام من موته ودفنه، ويعتبر هذا العيد من أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق لأنه على موت المسيح وقيامته ترتكز دعائم الديانة المسيحية. لذلك يطلق عليه العيد الكبير.
وتكمن أهمية القيامة في قول الرسول بولس (إن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيماننا وباطلة ايضا كرازتكم أنتم بعد في خطاياكم) وقيامة المسيح هي ايضا عربون لقيامتنا في الآخرة (رسالة كورنثوس الأولى 15 : 12-18) لذلك لا يحق لمن هم أموات بالذنوب والخطايا أن يعيدوا في عيد القيامة !.
عيد الصعود (سفر الأعمال 1 : 9-12) وهو العيد الذي نتذكر فيه صعود السيد المسيح الى السماء بعد قيامته من القبر وظهوره للكثيرين من تلاميذه وأتباعه وأنه بينما كان هو مع تلاميذه ظللته سحابة وارتفع عنهم حيا الى السماء، وذلك بعد أربعين يوما من القيامة المجيدة، وتكمن أهمية هذا العيد في أنه يذكرنا بالمؤمنين الأحياء والأموات الذين سيختطفون مع المسيح الى السماء عندما يأتي ثانية على سحاب المجد (رسالة تسالونيكي الأولى 4 : 13-18) والمؤمن يقول: (لي اشتهاء ان أنطلق وأكون مع الرب).
عيد العنصرة (حلول الروح القدس) (سفر الأعمال 2 : 1-4) وهذا العيد هو الذي نتذكر فيه حلول الروح القدس على تلاميذ المسيح بعد قيامته من القبر بخمسين يوما، وكيف صار التلاميذ يتكلمون بلغات مختلفة لم يتعلموها من قبل وذلك قبل أن يكرزوا ويبشروا بالإنجيل فلقد كان عليهم أن ينالوا قوة من الأعالي قبل الكرازة بالإنجيل (سفر الأعمال 1: 8 ) لذلك يعتبر هذا العيد هو عيد ولادة الكنيسة المسيحية.
وهذا العيد يذكرنا بأن عمل خلاص النفوس ليس بالقوة ولا بالمقدرة بل بروح الله القدوس الذي يبكت على الناس خطية وعلى بر وعلى دينونة.
عيد الصليب (إنجيل متى 27 : 35) عيد الصليب هو العيد الذي يذكرنا بصلب المسيح لأجلنا وصليبه أصبح فخرا لنا بعدما كان عارا للمصلوبين عليه من قبل (رسالة كورنثوس الأولى 1: 17 ـــ 22 رسالة غلاطية 3 : 20 (ولقد قال السيد المسيح لأتباعه : ( من أراد أن يأتي ورائي فليحمل صليبه ويتبعني) ( إنجيل متى 16 : 24).
القس: عبدالملاك دويس