وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش مؤخرا قرارا باقامة سور على الحدود الأمريكية المكسيكية يمتد إلى أكثر من ألف كيلو متر، يهدف إلى وقف تسلل المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وجاء هذا القرار بعد أن استنفدت واشنطن كل الوسائل والطرق للحيلولة دون دخول الآلاف المؤلفة من المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية والذي زاد مؤخرا بشكل ملحوظ مما دفع الادارة الامريكية الى اتخاذ مثل هذا القرار. وكانت إسرائيل قد سبقت الولايات المتحدة في هذا المجال، فقد شيدت منذ سنوات سورا كبيرا عرف باسم (الجدار العازل) والذي يمتد على الحدود الإسرائيلية-الفلسطينية، والهدف المعلن منه كان منع تسلل رجال المقاومة الفلسطينية عبر الحدود، علما بان السور الإسرائيلي هذا تجاوز الهدف المنشود منه باغتصاب واقتطاع أراض فلسطينية لا يستهان بمساحتها. موضة الأسوار هذه بدأت تتكرر في التاريخ المعاصر وكان السور الفاصل بين برلين الشرقية وبرلين الغربية أبان الحكم الشيوعي في ألمانيا مؤشرا على نية الدولة بالعودة للعصور الغابرة، عندما شيدت الصين سورها العظيم والكبير والذي يعد احد عجائب الدنيا السبع، ودأبت الدول في ذلك الوقت بتحصين نفسها ضد الاعتداءات من جيرانها ببناء القلاع والأسوار وكثير من هذه الأسوار القديمة لا تزال قائمة في عدة دول ومدن تاريخية مثل القدس وروما وأثينا وغيرها من العواصم الدولية. والعودة إلى موضة الأسوار والجدران لحماية الدول من الأخطار الخارجية ينذر بالعودة إلى العقلية القديمة في حماية الدول، الأمر الذي كنا نتمنى أن تكون هذه العقلية العتيقة والبالية قد أكل عليه الدهر وشرب، قد ذهب من غير عودة بعد أن تغيرت أساليب الدفاع وتغيرت العقلية والمنهجية لتحقيق الأمن القومي للدول. والخوف كل الخوف بان تلجأ دول أخرى إلى أسلوب الأسوار والجدران الواقية، ويصبح العالم مليئا بالأسوار الدفاعية، علما بان هنالك أساليب حضارية أكثر لتحقيق الأمن بين الدول، وتكمن بما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، وبدلا من تشييد الأسوار، فانه ينبغي على المجتمع الدولي العودة للمواثيق والأعراف الدولية حول العلاقات الدولية والثنائية لتؤمن اكبر قدر من الأمن والاستقرار.