مكتبة القرية كتاب «أجانب في ديارنا» لمحمود العابدي

مكتبة القرية كتاب «أجانب في ديارنا» لمحمود العابدي

هذا كتاب مهم، تمت طباعته في عام 1974م، أيام كان المؤلف الأديب محمود العابدي يشغل موقع المستشار الثقافي في أمانة العاصمة/عمان، ويا حبذا بعد كل تلك السنوات لو أعادت وزارة الثقافة، أو السياحة، طباعة الكتاب لأهميته، وللإضاءات المهمة التي تنيرها الموضوعات، والتفاصيل المنشورة عبر 361 صفحة، والتي يقدم لها العابدي بقوله : ''كانت ديارنا تجذب الزوار إليها بسبب قداستها- لذا فإنها كانت المنتهى والمشتهى لجميع أفراد الشعوب التي تدين بالكتب السماوية، والتي أصبحت زيارتها، وتقديم الشعائر الدينية فيها من أوجب واجبات المؤمنين. وفي هذا الكتاب سنرى صورا مختلفة عن تلك الزيارات، وما كان يخالطها من مشقات، وما يرافقها من تكاليف، لكنها تعود على هذه الديار بأعظم الفوائد. ومن المهم للمواطن أن يعرف أماكن الزيارة ومواقع السياحة في موطنه''.
تركة السياح وفي موضع ثان من مقدمة الكتاب يشير العابدي إلى أنه '' في بعض ما تركه هؤلاء السياح وصف للحياة الاجتماعية لسكان هذه البلاد في أوقات مختلفة يستطيع القارئ أن يكون فكرة عنها، وعن تدرجها، وتقدمها. وبعضهم تطرق إلى كرم الفلاح العربي، وعمق إيمانه، وعدم عدائه، لمن لم يكن على دينه. وهي شهادات نحن في أشد الحاجة إليها''.
ثم يكمل بعد ذلك وصفه لمحتوى الكتاب، موضحا بأن ''بعض مقالات هذه المجموعة مأخوذة مما كتبه مقيمون أجانب في الوطن العربي-ممن كانوا مطلعين على بواطن الأمور وحقائقها. وأكثرهم عاصر النهضة العربية، وحروب التحرير والاستقلال. ولا شكل أن القارئ سيعرف أن بعضهم شارك في تكوين الدويلات العربية-فكأنهم كانوا القابلة غير القانونية لميلاد دولنا الحاضرة بعد أن كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية''.
رحلة جورج أوغست(عبد الولي) بعد هذه المقدمة تتوزع عناوين فصول الكتاب على النحو التالي: (عين الرحالة، زوار مكة والمدينة، رحلة فريسكو بالدي، بارتيما، مندريل، فولني، نيبور، رينان، لامرتين في ربوع الشرق، وليم براون، يوسف بتس، اهتمام بريطانيا بالشرق العربي، بلانت، سادليير، القبطان هينز، تشزني، بالجريف، بيرتون، وليم لين، جنوب الأردن، جولة عشرين يوما في فلسطين، هنري بالمر، العالم الجاسوس، البادية العربية، الشيخ موسى الرويلي، عرب البادية، غليوم في فلسطين، داوتي، فلبي، كوكس، الخاتون بل، فريا ستارك-على مائدة الأمير، أفندية فلسطين، في سورية، الرسام روبرت، تقارير أجنبية في فلسطين، عبر الأردن، كركبرايد-خط شبيب).
ولأنه لا غنى عن قراءة الكتاب كاملا لأهميته، فإننا سننتقي مادة واحدة من هذه الفصول، لها صلة عضوية بمادة بوح القرى، وما نهدف إليه من جمع ما تيسر من الكتابات حول غير منطقة في الأردن، وهذه المادة تقع تحت عنوان ''جنوب الأردن''، وهي تصف رحلة المستعرب ''جورج اوغست'' المعروف لدى العرب باسم عبد الولي، وقد كانت نشرت له مجلة الجمعية الملكية في لندن كتابين في سنتي 1852م و 1854م عن رحلاته في شمالي جزيرة العرب، وهي معلومات استقاها من رحلاته العديدة وبالرجوع إلى المصادر العربية القديمة وفيها تسجيل دقيق عما شاهده من تقاليد وعادات وزراعة وري وغناء وموسيقى وآثار ودين. وقد اعتنق اوغست الإسلام، وعندما توفي سنة 1852م كتب على قبره بالعربية ''عبد الولي''.
وادي عربة.. معان.. الشراه هنا.. في هذا الفصل وصف لرحلة جورج أوغست من مصر إلى جنوب الأردن، وهو يوجز منذ البداية مسار درب رحلته من القاهرة إلى السويس، في عام 1845م، حيث أنه بعد ذلك اتبع طريق التجار إلى الهند، ووصل إلى عجرود، أول محطة في طريق الحج المصري إلى مكة المكرمة، واتبع درب المغاربة، ومضى إلى قلعة النخل، وهنا يشرح في مساحة من كتابته عن العشائر في المنطقة مثل التياها، والترابين، والحويطات، والعلاوين، ثم يمر بعدئذ على قلعة قريس، وبعد ذلك ينطلق في رحلته إلى وادي عربة، ويتوقف ليصف المكان هناك، ثم يورد بأنه في يوم 26 وصل وادي غرندل، ويوم 28 كان في وادي دلاغة، وفي يوم 30 نيسان وصل إلى معان التي توقف عندها، واسترسل في وصفها، وتكلم عن تفاصيل مختلفة فيها، من جغرافية، وحياة اجتماعية، وأسواق، ثم يصل في يوم 8 أيار إلى ''مضارب ابن جازي'' في جبال الشراه، ويصف الشراة بعد ذلك، ويسترسل في تتبع تفاصيل العشائر، وقصصها في تلك المنطقة إلى أن يكون بعد ذلك ترحاله إلى الحسا، ومن ثمة مسك الختام يكون بإطلالة سريعة على باير ، وهنا ينتهي الفصل الخاص برحلة جورج اوغست الى جنوب الأردن.