د. فيصل غرايبة
يرتبط بمفهوم المسؤولية الاجتماعية مفهوم الاعتزاز الوطني، وهو الذي يشعر الشاب من خلاله بأنه مواطن صالح يتمتع بحقوقه ويقوم بواجباته.
فالاعتزاز الوطني يشد المواطن إلى المجتمع الكبير (الوطن) حيث لا يشعر بالاغتراب أو الابتعاد، لا بل يشعر بأن مستقبل الوطن ومستقبله كمواطن مستقبل واحد وأن كلا منهما لأجل الآخر.
هذا الاعتزاز الوطني يحتاج إلى تنمية في نفوس الشباب، وهذه التنمية تمثل عملية الانتقال من ''المواطنة المجردة'' إلى ''المواطنة الحقة''، أي الانتقال من حالة الشعور بالانتماء للوطن وإدراك الواجبات والإحساس بالروابط التي تربط الشاب بالوطن من خلال المصالح والأهداف والآمال، إلى حالة الاندفاع القوي لتنمية الروابط المشتركة بين أهل الوطن على أساس التعاون والعمل، لتمتين تلك الروابط.
وتهدف تنمية الاعتزاز الوطني إلى المساعدة على تنمية الفكر والوعي والاتجاه السليم، لدى الشاب وتنمية استعداده للقيام بأدوار إيجابية في حياة المجتمع، كما تهدف إلى التوجيه الفكري المتزن الذي يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل ويوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع، ويبعث روح الاعتزاز بحضارة الأمة وتاريخها والاتجاه نحو التطوير والإبداع.
وتتألف عملية الاعتزاز الوطني من ثلاثة جوانب؛ الأول الجانب البنائي الذي يتمثل بتنمية المعارف والمفاهيم والخبرات والاتجاهات السليمة، والثاني الجانب الوقائي الذي يتمثل بتجنب الشباب الانحراف الضار بهم شخصيا وبمجتمعهم ككل، والثالث هو الجانب العلاجي الذي يتمثل بالعمل على التخلي عن الاتجاهات السلبية للسلوك كالفردية والانطوائية والتردد والتقليل من شأن الذات ومن شأن المجتمع.
إن ما يستدعي القيام بتنمية الاعتزاز الوطني هو تلك الاتجاهات السلوكية الظاهرة لدى الشباب في المجتمع المعاصر مثل ضعف الثقة بالثقافة الوطنية وعدم احترام التراث، والانسياق وراء الأفكار الوافدة، والانبهار بحضارات الآخرين، والسطحية في التفكير ومقابلة الأحداث العامة بفتور والتأثر بالدعاية والرغبة في تداول الاشاعات مع عدم التحقق من صحتها. يضاف إلى ذلك ضعف تأثير التعليم في تغيير الاتجاهات وتعميق الانتماء الوطني لدى الشباب.
ومن أقوى النقاط التي يمكن الارتكاز عليها في التعبير عن صدق الانتماء الوطني هي فعاليات الشباب، التي تشكل بداية مناسبة وانطلاقة تكمن فيها مقومات النجاح لتنمية الاعتزاز الوطني، بحيث تكون الأندية ومراكز الشباب والفرق الكشفية ومعسكرات الشباب ومؤتمراتهم وتجمعاتهم أماكن ينمى فيها الشعور بالاعتزاز والتوجه بهذا الاعتزاز المتصاعد إلى مستويات أعلى والمتعمق إلى جذور أكثر عمقا.
و''السلوك'' و''الضمير'' هما المؤشران اللذان يمكن أن ترتكز عليهما عمليات تنمية الاعتزاز الوطني من خلال المؤسسات الشبابية وهما يتجليان في الأوجه التالية: - مشاركة الشباب في إنجازات المؤسسات الشبابية بصورة كافية وسليمة.. الانضباطية واحترام المواعيد والوقت في أعمال المؤسسات الشبابية واحترام تعليماتها وتنفيذها.
- المحافظة على المصلحة العامة من خلال المحافظة على الأداء اليومي للمؤسسة العاملة في مضمار رعاية الشباب.
- إعداد الشباب وتدريبهم على المحافظة على الممتلكات العامة وصيانتها والإبداع في خلق تسهيلات جديدة أمام نشاطات الشباب من دون إهمال أو إفراز أي شعور أو سلوك بدوافع من موقف عدائي تجاه تلك الممتلكات أو استغلال تلك التسهيلات على نحو شخصي.
- اتخاذ الموضوعية كأساس للقرار أو القيام بالإجراءات والنزاهة في توزيع المسؤوليات والفرص والمكافآت.
- عدم التشكيك بقدرات الآخرين أو الاطناب في مدح الذات أو التوهم بمقرات غير موجودة.
-عدم تناول الأمور بالمنظور المادي والإحجام عن القيام بالواجبات تبعا لخسران الميزان المادي في عرف صاحبه.
