عثرت المخرجة إيناس الدغيدى على فكرة بمليون جنيه حيث اختارت أن تكون حكاية تضخم الهواجس الدينية في الشرق والغرب على حد سواء محورا لفيلمها مجنون أميرة المأخوذ عن قصة كتبها أشرف شتيوي وكتب لها السيناريو والحوار المخضرم مصطفى محرم.
تبدو هذه الفكرة واضحة وقوية في الجزء الثاني من الفيلم حيث تعود أميرة ويلز ديانا إلى مصر في زيارة رسمية، وتلتقي مع عالم الدين مدبولى العشراوى الذى يرمز إلى الشيخ الشعراوى، وكذلك مع شيخ الأزهر، إنها لا تريد تغيير دينها ولكنها تبحث عن التوبة.
ولكن رجال المخابرات البريطانية المرافقين يدبرون لها مؤامرات ساذجة لاغتيالها تحت ضغط الهواجس الدينية أيضا، ولكن مشكلة 'مجنون أميرة' الواضحة أنه لم يقتصر على إدانة هذا الإسراف الواضح بتفسير كل شيء من وجهة نظر دينية، ولكنه انطلق إلى قضايا أخرى مثل أزمة الكبت بين الشباب، وانبهار بعضهم بالنجوم والمشاهير إلى درجة الهوس، وجاء كل هذا السرد بطريقة ساذجة وفاشلة في الإضحاك، كما أن تحولات الشخصيات بدت غير مقنعة، وبدا الخيال هزيلا وكسيحا في عمل يفترض أن يكون أقرب إلى الفانتازيا.
وأسوأ ما انتهت إليه تجربة إيناس في 'مجنون أميرة' أنها تحولت إلى فيلمين مختلفين أو فلنقل إننا أمام حكايتين: الأولى بطلها الشاب ابراهيم 'مصطفى هريدي' الذي يحب أميرة ويلز إلى درجة الهوس، حتى نهاية الفيلم لا تفهم لذلك سببا ولن تفهم أبدا هل هو مكبوت جنسيا أو أنه مبهور بالجمال الغربي ويفضله على الجمال المصري الذي تمثله خطيبته 'شمس'.
وتصل السذاجة بالسيناريو إلى درجة وصول الأميرة ديانا إلى مصر سرا، وتنكرها في شخصية سائحة تدعى 'كريستينا' لتقع في غرام 'ابراهيم' حيث تلتقيه صدفة من بين 80 مليون مصري، وينافسه في حبها حارسها 'ويليام' الذي أقام معها علاقة جسدية، ولكن فجأة، وبعد عودة 'ديانا' إلى مصر في زيارة رسمية ننسى تقريبا حكاية ابراهيم الذي حاولت إغواءه، لتدخل في زياراتها الروحية للمشايخ الكبار.
وهنا أيضا وبطريقة ساذجة يقوم 'ويليام' ومرافقوها بتدبير محاولات لاغتيالها، وتكون تلك هي الفرصة الوحيدة للحديث عن محاولة الشرق والغرب إدخال الدين في كل شيء، ويقرر صناع الفيلم بوضوح أن 'ديانا' دفعت حياتها ثمنا للعبة الدين بين مصر وبريطانيا رغم أنها أرادت فقط أن تفهم وأن تعرف.
انهار بناء 'موت أميرة' أمام طرح قضايا كثيرة في مقابل غموض شخصياته وعدم توضيح دوافعها، 'ديانا' مثلا مستعدة لقضاء ليلة مع شاب مصري ومع حارسها الشخصي رغم ارتباطها عاطفيا مع 'دودى الفايد'، ولكنها فجأة تبحث عن السلام الروحي بالحديث مع رجال الدين الذين قدمهم الفيلم بطريقة مباشرة وساذجة، وشخصية مثل 'ابراهيم' بدت أقرب إلى 'العبط' مما لا يقنعك بما فعله في نهاية الفيلم لإنقاذ معبودته الأميرة.
باختصار بدت التجربة غير ناضجة تماما، وبدا 'مصطفى هريدي' مرتبكا في عمله الأول كبطل رغم نجاح نورا رحال اللبنانية نسبيا في خطف الأنظار.
وعمل 'إيناس الدغيدى' مع فريق تقنى محترف 'هشام سرى' تصوير وراجح داود موسيقى، وحمدي عبد الرحمن ديكور، ومعتز الكاتب مونتاج، إلا أن العمل ينقصه الكثير وخاصة متعة المشاهدة بدون ملل.