عبد الله حجازي
عديدة هي النصوص، التي نقلتها آيات كريمات، جمعت فيها الرحمة، كهبة من عند الله عز وجل الى كلمات تنقل حالاً من احوال الانسان، وجاء هذا الجمع ليرفع من اثر ودلالة الكلمة بما حملته من معان، وبهذا الصدد، بدأنا سابقاً في قراءة نص الآية 82 من سورة الاسراء، هذه الآية التي وجدنا فيها الشفاء الذي جمع الى الرحمة، في فضاء معانيها ومقاصدها التي اشرنا في البداية الى اتساع هذا الفضاء القادر على تقديم ابعاد اعمق بكثير مما يمكن ان يقع على وعي او يدركه تفكير، ذلك ان رحمتي وسعت كل شيء بنت قانوناً ازلياً ثابتاً، يبين معاني ونتائج الرحمة، ثم بعد هذا ابانت امتدادات الرحمة التي لا تعجز عن شمول أي شيء يمكن ان يخطر على بال.
وبدأنا في السابق نجول في ابعاد قوله تعالى في هذه الآية من الإسراء.. وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خساراً.
ان الشفاء يحمله القرآن المنزل، فهم في البداية، وسنداً للدلالات التي اوضحتها مواقف عديدة نقلها تأريخ احداث وقعت في ازمنة مختلفة، هذا الشفاء وجدنا في الرقية التي بنت ترياقاً مما اصاب اناساً في حالات محددة، حين جاءت كيمياء هذا الترياق عبر آيات.. او سور محددة من القرآن الكريم، وتعددت قصص واحداث تحدثت عن كيف ان المعوذتين او الفاتحة او آية الكرسي كانت فعلاً شفاءً لمن آمن بالتنزيل الذي حمل الى المؤمنين معه الرحمة، التي لم تأت مجاورتها للشفاء دون ان يكون لذلك دلالة ومقصد وابعاد تتجاوز حدود ما نقلته هذه القصص.
واذا كانت الرقية او غيرها من المواقف التي شفى فيها القرآن ؟ آيات او سور ؟ من اصابات بيولوجية، فان الشفاء النفسي الذي حمله النص القرآني للنفس البشرية التي آمنت به مثل وقائع اعمق دلالة واكبر بعداً، فالتنزيل على شموليته، هو الذي اباد ظلمة العتمة ونشر نور الحقيقة الايمانية التي انكشفت ابعادها عبر حقائق الايمان التي نزل بها النص القرآني، فكانت الرحمة التي اسبغها الله تعالى على المؤمنين بخلاصهم من نية الجهل وعدم المعرفة بالخالق الواحد الأحد، كانت هذه الرحمة، مقدمة الشفاء النفسي مما كانت تعانيه نفوس استحوذت عليها جاهلية كانت تقض مضجع من أوتي حظاً من وعي سليم، هكذا جاءت الرسالة السماوية الاخيرة التي حملها تنزيل القرآن، شفاء لهذه النفوس، وهي احدى تجليات الرحمة التي اسبغها الله تعالى على الانسانية، حين كانت مشيئته ان يرسل نبياً رسولاً، ينقذ الانسانية من وهدة الجاهلية التي سيطرت عليها، ان العطف الذي جمع بين الشفاء كحادث انقاذ للنفس البشري، والرحمة احدى عطايا الخالق البارئ، هذان الحدان هما اللذان رسما روعة المشهد الذي نقلته هذه الآية الكريمة، فماذا كانت نتائج هذا الجمع وما هي تأثيراتها على الانسانية كلها؟.