السعادة ليست مجرد امنية ننام او نصحو ذات يوم فنجدها بين ايدينا.. لكنها معنى والمعاني نبع دائم التدفق من الاعماق. واذا استطعنا وتمكنا من غرس بذور السعادة في اعماقنا فلا بد لها ان تنبت وتعلو وتظلل حياتنا على الدوام. كما اننا اذا قمنا بالغوص في الاعماق نكتشف ان هناك صراعا هائلا يدور فيها.. فيه الخير وفيه الشر.. فيه التفاؤل وفيه التشاؤم.. فيه الحب وفيه الكراهية.. وكذلك فيه الامل وفيه اليأس .. وباختصار فيه جميع المتناقضات.. وهي تعيش في صراع داخلي دائم في كل لحظات الحياة وتبعا للظروف المتغيرة. فالاصرار والحالة هذه، هو الذي يقف وراء كل عمل كبير في هذا العالم.. والسعادة تستحق منا بذل الكثير من أجلها والقيام بكل اصرار ومحاولة في سبيل الحصول عليها. وهناك اساليب عدة يمكن ان تحقق لنا السعادة من خلالها بلا تعب شديد طويل الامد.. ودون معاناة قاسية من اليأس، وهي تشبه الى حد بعيد الصراعات التي يعيش فيها العالم وتلك في حقيقتها صراعات بين قوى الشر والظلم والعدوان وبين القوى المحبة للخير والمحبة والسلام ولا بد من دعم الخير بحيث يسود العالم. وهكذا نحن اذا اردنا ان نحقق السعادة في حياتنا علينا ان ننتزع كل المتناقضات من اعماقنا لان الحب لا يمكن ان ينبت الخير فينا والشر يعتمر قلوبنا ويعشش في داخلنا. وكذلك لا يمكن ان يترعرع الامل في حنايانا ونظرة تشاؤمية يعتريها الخوف والقلق يستكين في زواياها. فالحب والخير والأمل والاستقرار والقلق من المعاني والاشياء الجميلة التي تكون صورة السعادة التي هي ملامح السلام ومقومات الاشراق في عالمنا وحياتنا الخاصة كما انها احدث الوسائل التي تصل بنا الى شواطىء السعادة وتقودنا الى بر الطمأنينة النفسية قبل ان يتطرق اليأس الى قلوبنا ويغرقنا في دوامته. لذلك يجب التسلح بالاصرار والوقوف بكل الامكانيات الى جانب قوى السلام والتحالف معها ضد قوى الشر والبغض والعدوانية، ويجب عدم الانسياق وراء الانفعالات والاندفاعات والتصرفات تلقائيا بدون وعي وعلى غير ارادة. وكذلك ايضا يجب ان يكبح في النفس جماح الشهوات لأنها لا تصدر عن عقل او رؤية. كما يجب ان يدرك المرء ان الانتصار على النفس قمة الانتصار فعندما يستطيع ذلك يكون قد عرف الحياة وادرك اسرار السعادة. ثم ان قوى العدوان في النفس البشرية لها اسلحتها الخاصة كالغضب مثلا فهو يعمي النفس عن رؤية الحقيقة. ويؤدي الى الاحقاد التي لا يعرف حاملها الطمأنينة والاستقرار.. وقد تؤدي به الى زرع البغضاء في كل مكان. وكذلك اليأس، ففي بدايته يعني الاستسلام والهزيمة وعندما يتمكن من نفس المرء يعميه عن رؤية الطريق الصحيح ايضا ويدفعه لرؤية كل معالم الحياة بنظرات سوداوية قاتمة. وهناك ايضا الكراهية.. تلك التي تسد امام المرء نوافذ الحياة المشرقة وابواب العلاقات الاجتماعية.. ويؤدي ذلك لاحساسه بالوحدة واجترار مرارتها وكذلك الخوف فانه يؤدي الى نفس النتيجة ويحكم على المرء بالاعدام اجتماعيا. ومثل هذه العوامل تقضي على الخير والحب والصداقة وكل المعاني الجميلة في الحياة وتفقدها روعتها. وبذلك تصبح فراغا ومللا وضيقا، وفي وسط الدائرة لا يمكن ان توجد السعادة. ويجب علينا والحالة هذه ان نقلم اظافر قوى الشر فينا. وننزعها من اعماقنا. وان نروي بذور قوى الخير لكي تنمو وتزدهر في نفوسنا. وذلك يتم باصرارنا على ان ننظر للامور من زاويتها المشرقة.. ومن جانبها الحقيقي دون ان نحاول الانقاص من قدرها ما دامت ليس من عملنا. فبالاصرار نستطيع ان نبذل الحب خالصا لكل الناس وان نغفر لهم اخطاءهم.. فكل انسان في هذا العالم معرض للخطأ ثم ان الاعتراف بالخطأ فضيلة ودليل علة القوة والشجاعة. وبالاصرار ايضا نستطيع ان ننمي في انفسنا ملكة حب الخير للاخرين كما نحبه لانفسنا. وان نعترف بمواهبهم ونجاحاتهم.. فمثل هذا يدفعنا لكي نكون مثلهم وان نشق طريقنا في كل المجالات في ثقة وثبات وجارة. وعندما نستطيع بذل الحب للاخرين ونصبح قادرين على الصفح والغفران وقهر اليأس بالأمل والتغلب على اليأس بالمحاولة من جديد. عندما نقوم بذلك بكل عزيمة واصرار فاننا نكون قد عرفنا الطريق الى السعادة الحقيقية.